تاريخ الفلسفة اليونانية (1936)/الباب الثاني/الوجود

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
الوجود المؤلف يوسف كرم
أفلاطون


الفصل الثالث

الوجود

٣٤ – الله

أ – نظرية أفلاطون في الوجود مماثلة لنظريته في المعرفة بمعنى أنها تصعد من المحسوس إلى المعقول وتخضع الأول للثاني، وقد قص حكاية حاله بإزاء العلم الطبيعي فقال ما خلاصته (بلسان سقراط): لما كنت شابًّا كثيرًا ما قاسيت الأمرَّيْنِ في معالجة المسائل الطبيعية بالمادة وحدها على طريقة القدماء. وسمعت ذات يوم قارئًا يقرأ في كتاب لأنكساغورس «هو العقل الذي رتب الكل وهو علة الأشياء جميعًا» ففرحت لمثل هذه العلة وتناولت الكتاب بشغف، ولكني ألفيت صاحبه لا يضيف للعقل أي شأن في العلل الجزئية لنظام الأشياء، بل بالضد يذكر في هذا الصدد أفعال الهواء والأثير والماء وما إليها، مثله مثل رجل يبدأ بأن يقول إن سقراط في جميع أفعاله يفعل بعقله ثم يعلل جلوسي هنا (في السجن) بحركات عظامي وعضلاتي، ويعلل حديثي بفعل الأصوات والهواء والسمع وما أشبه، ولا يعنى بذكر العلل الحقة وهي: لما كان الأثينيون قد رأوا أحسن أن يحكموا عليَّ، ورأيت أنا أحسن؛ أي أقرب إلى العدالة أن أتحمل القصاص الذي فرضوا عليَّ، فقد بقيت في هذا المكان، ولولا ذلك لكانت عظامي وعضلاتي منذ زمن طويل في ميغاري أو في بويتيا حيث كان قد حملها تصور آخر للأحسن، فتسمية مثل هذه الأشياء عللًا منتهى الضلالة. أما إن قيل: لولا العضلات والعظام فلست أستطيع تحقيق أغراضي فهذا صحيح، وعلى ذلك فما هو علة حقًّا شيء، وما بدونه لا تصير العلة علة شيء آخر.١ والعلة الحقة عاقلة تلحظ معلولها قبل وقوعه وترتب الوسائل إليه، فإن شيئًا لا يفعل إلا إذا قصد — أو قُصد به — إلى غاية، والغاية لا تتمثل إلا في العقل، وعند هذه الصخرة يتحطم كل مذهب آلي، ولما كان «الموجود الوحيد الكفء للحصول على العقل هو النفس،٢ كانت العلل العاقلة نفوسًا تتحرك حركة ذاتية، وكانت المادة شرطًا لفعلها أو علة ثانوية خلوًا من العقل تتحرك حركة قسرية وتعمل اتفافًا، إلا أن تستخدمها العلل العاقلة وسيلة وموضوعًا وتوجهها إلى أغراضها،٣ والنفس غير منظورة بينما العناصر والأجسام جميعًا منظورة،٤ فيبلغ أفلاطون من هذا الطريق إلى عالم معقول يصفه بأنه إلهي؛ لاشتراكه في الروحية والعقل، ولكنه يعين فيه مراتب ويضع في قمته الله.

(ب) يبرهن أفلاطون على وجود الله من الوجهتين المتقدمتين: وجهة الحركة ووجهة النظام، فمن الوجهة الأولى يقرر أن الحركات سبع: حركة دائرية، وحركة من يمين إلى يسار، ومن يسار إلى يمين، ومن أمام إلى خلف، ومن خلف إلى أمام، ومن أعلى إلى أسفل، ومن أسفل إلى أعلى، وحركة العالم دائرية منظمة لا يستطيعها العالم بذاته، فهي معلولة لعلة عاقلة، وهذه العلة هي الله أعطى العالم حركة دائرية على نفسه وحرمه الحركات الست الأخرى وهي طبيعية، فمنعه من أن يجري بها على غير هدى.٥ ومن الوجهة الثانية يقول: إن العالم آية فنية غاية في الجمال، ولا يمكن أن يكون النظام البادي فيما بين الأشياء بالإجمال وفيها بين أجزاء كل منها بالتفصيل نتيجة على اتفاقية ، ولكنه صنع عقل كامل تونى الخير ورتب كل شيء عن قصد ) . وثمت برهان آخر : فقد رأينا أفلاطون يضع المثل لأنه وجد المحسوسات تتفاوت في صفاتها ، فدله هذا التفاوت على أن الصفات ليست لها بالذات ولكنها حاصلة في كل منها بالمشاركة فيها هو بالذات . وخص بالذكر مثال الجمال في المأدبة ، ومثال الخير في الجمهورية ، فقال عن الأول : إنه علة الجمال المتفرق في الأشياء ، والمقصد الأسمى للإرادة في نزوعها إلى المطاق ، والغاية القصوى للعقل في جدله ، لا يوصف ، أي لا يضاف إليه أي محمول لأنه غير مشارك في شيء ولكنه هو هو . وقال عن الثاني : في أقصى حدود العالم المعقول يقوم مثال الخير ، هذا المثال الذي لا يدرك إلا بموية ، ولكنا لا ندركه إلا وتوقن أنه علة كل ما هو جميل وخير ، هو الذي ينشر ضوء الحق على موضوعات العلوم ويمنح النفس قوة الإدراك ، فهو مبدأ العلم والحق يفوقها جمالاً مهما يكن لها من جمال ، هو أسمى موضوع النظر الفيلسوف والغاية من الجدل تعلقه ، وإن جماله ليعجز كل بيان ، لا يوصف الا سلباً ولا يمين ايجاباً الا بنوع من التمثيل الناقص . وكما أن الشمس تجعل المرئيات مرئية وتهبها الكون والم والتـذاء دون أن تكون هي شيئاً من ذلك فإن المعقولات تستمد معقوليتها من الخير ، بل وجودها وماهيتها ، ولو أن الخير نفسه ليس ماهية وانما هو شيء أسمى للمـأهية بما لا يقاس كرامة وقدرة ، اعلم أن الخير والشمس ملكان : الواحد على العالم العقول والآخر على العالم المحسوس(۳) » . ومقصد أفلاطون واضح ، هو أن التفسير النهائي للوجود هو « أن الخير رباط كل شيء وأساسه(٤) » من حيث من (۱) تباوس می ۲۸ (۱) - ۲۹ (۱) . (۳) الجمهورية م ٦ و ٧ في مواضع مختلفة وبالأخص ص ٥٠٦ - ۵۰۹ . (4) فيدون سن ۹۹ (+) (Y) 4 أن الملة الحقة عاقلة وأن العاقل يتوخى الخير بالضرورة . فالله روح عاقل محرك منظم جميـل خير عادل كامل بسيط لا تنوع فيه ، ثابت لا يتغير ، صادق لا يكذب ، ولا يتشكل أشكالاً مختلفة كما صوره هوميروس ومن حذا حذره من الشعراء . وهو كله في حاضر مستمر ، فإن أقسام الزمان لا تلائم إلا المحسوس ، ونحن حينما نطلق المـاني والمستقبل على الجوهر الدائم فتقول كان وسيكون ندل على أننا نجهل طبيعته ، إذ لا يلائمه سوى الحاضر . وهو معنى بالعالم بخلاف ما يدعيه السوفسطائيون محتجين بنجاح الأشرار ، فإن الله إن كان لا يعنى بسيرتنا فذلك إما لأنه عاجز عن ضبط الأشياء وهذا محال ، وإما لأن السيرة الإنسانية أتفه عنده من أن تستحق عنايته وهذا محال كذلك لأن كل صانع يعلم أن الأجزاء شأنها في المجموع فيعنى بها فهل يكون الله أقل عليا من الانسان ؟ إن ساعة الأشرار آتية لا محالة ، هذا عن الشر الخاق . أما الشر الطبيعي فما هو في ذاته إلا نقص في الوجود أو خير أقل ؛ هو ضد يتميز به الخير كما يتميز الصدق بالكذب ، لم يرده الله بلى سمح به فداء للخير الفائض على العالم ، و يستحيل أن يكون العالم المصنوع خيراً محضاً فيشابه نموذجه الدائم ، هو إذن ناقص ولكنه أحسن عالم ممكن . وعناية الله تشمل الكليات والجزئيات أيضاً بالقدر الذي يتفق مع الكليات ، ونحن نرى الطبيب يراعي الكل قبل الجزء ، والفنان يدير أفعاله على مقتضى الغاية و يرمي إلى أعظم كمال ممكن للكل فيصنع الجزء لأجـل الكل لا الكل لأجل الجزء ، كذلك حال الصانع الأكبر ، فإن تذمر الانسان فلانه يجهل أن خيره الخاص يتعلق به وبالكل منا على مقتضى قوانين الكل ، فوجود الله وكماله وعنايتـه حقائق لا ريب فيها ا .. (1) الجمهورية م ٢ ص ۳۷۹ (4) تمارس س ۳۷ ( ه ) و إنكارها جملة أو فرادي جريمة ضد الدولة يجب أن يعاقب عليها القضاء لأن هذا الإنكار يؤدى مباشرة إلى فساد السيرة فهو اخلال بالنظام الاجتماعي . وقد يفكر المرء الله بتاتاً ، وقد يؤمن به و ينكر عنايته ، وقد يؤمن به و بعنايته و ينكر كماله وعدالته فيتوهم أنه يستطيع شراء رضائه بالتقدمات والقرابين دون النيـة الصالحة . والبدعة الثالثة أشنع من الثانية لأن الإهانة فيها أعظم ، والثانية أشنع من الأولى لنفس السبب فإن انكار الله أهون من انكار عنايته مع الإيمان به . وانكار العناية أهون من تصور الله مرتشيا . الأولى والثانية جديرتان بالمناقشة ، أما الأخيرة فأحق بالسخط منها بالتفنيد (1) 35 - الطبيعة : ا ... لما أراد أفلاطون أن يبين كيف تحقق النظام في العالم وحصلت الصور الكلية في الأجسام ، أنطق « تباوس » الفيثاغورى بقعة التكوين . و إنما أورد آراءه على لسان واحد من الفيثاغور بين لأنها قائمة على مبادىء عقلية رياضية ، وإنما آثر القصة على الحوار والخطاب ليدل على أن العالم المحسوس لا يوضع في قضايا ضرورية ، وأن العقل البشري لا يستطيع أن ينفذ إلى أغراض الله في الطبيعة ؛ فليس أمامه إلا الظن والتشبيه") . قال ثياوس : كل ما يحدث فهو يحدث بالضرورة عن علة ، والعالم حادث قد « بدأ من طرف أول » لأنه محسوس ، وكل ماهو محسوس فهو خاضع للتغير والحدوث وله صانع . ولما كان (۱) القوانين م ۱۰ – هذه المقالة مرجع هام يقول فيها أفلاطون إن للالحاد مصفرين كبيرين : الواحد دعوى الطبيعين أن العالم وجزئياته بما فيها النفوس نتاج حركة المناصير المادية غير العاقلة ، والآخر دعوى الموفسطائين أن المادي الخلفية وضعية وأن ليس هناك خير وشر الذات ، ثم بعضى في البرهنة على وجود الله وعنايه --- وعدالله : وهو يذكر الآلمة بالجمع : وسنعرض لهذه المسألة فيا بعد (۲) تیلوس ص ۲۹ (ج) ر ٤٨ ( د) راه (د) " الصانع خيراً والخير بريئاً من الحسد فقد أراد أن تحدث الأشياء شبيهة به على قدر الإمكان ؛ فرأى أن السائل أجمل من غير العاقل ، وأن العقل لا يوجد إلا في النفس ؛ فصور العالم كائناً حيا عاقلاً لا على مثال شيء حادث بل على مثال « الحي بالذات (1) أجمل الأحياء المعقولة الحاوى في ذاته . جميع هذه الأحياء { كما أن العالم يحوى جميع الأحياء التي من نوعه . فالعالم واحد لأن صانعه واحد ونموذجه واحـد ، وهو كل محدود ليس خارجه ما يؤثر فيه ويفسده فلا تصيبه شيخوخة ولا مرض ، وهو كروى لأن الدائرة أكمل الأشكال ، متجانس يدور على نفسه في مكانه . أما نفسه فهي سابقة على الجسم صنعها | ل من الجوهي الإلهي البسيط والجوهر الطبيعي المنقسم ومزاج من الاثنين » ؛ فكانت غلافاً مستديراً للعالم تحويه من كل جانب ، وتتحرك حركة دائرية وتحرك الباقي ، وتدرك المحسوس المنقسم والمعقول البسيط ، وتنفعل بالمرور والحزن والخوف والرجاء والمحبة والكراهية ، وتملك أن تخالف قانون العقل فتصير شريرة حناء ا . 4 ا وتضطرب حركتها فتنزل النكبات بالعالم . وأما جسم العالم فلما شرع الله يركبه أخذ ناراً ليجعله مرئيا ، وتراباً ليجعله ملموساً ، ووضع الماء والهواء في الوسط (۲) . غير أن هذه العناصر لم تكن كذلك منذ البدء ، و إنما كان العالم في الأصل « مادة رخوة » أي غير معينة ، غامضة لا تدرك في ذاتها بل بالاستدلال ، كل ما نعقله عنها أنها موضوع التغير أو السكان والمحل الذي تحصل فيه الصور المعينة ، لأنه إذا كان الأصل معيناً وكانت له صورة ذاتية فليس يفهم التغير الذاتي . وعلى ذلك فليست العناصر مبادىء الأشياء لأنها معينة من جهة ، ، ولأنها من جهة أخرى تتحول بعضها إلى بعض ، فيدلنا هذا التحول على أنها صور مختلفة (1) علبقاً لنظرية المثل ولأن كل صانع إنما يحتذى مثالا . (۲) تیلوس ص ۲۷ (د) -۳۴ (ج) تتعاقب في موضوع واحد غير معين في ذاته . ألست ترى أن ما نسميه ما. إذا تكاثف صار تراباً وحجارة ، وإذا تخلخل صـار هواء وريحاً ؛ وأن الهواء إذا اشتعل تحول ناراً ؛ وأن النار إذا تقلصت وانطفأت عادت هواء ؛ وأن الهواء إذا تكاثف صار سحاباً وضباباً ؛ وأن هذه إذا تكاثفت جرت ماء : وهكذا دواليك : (۱) هذه المادة الأولى كانت تتحرك حركات اتفاقية ، تلك الحركات الست التي قلنا أن الأشياء تتحرك بها اذا تركت وشأنها من غير نفس تديرها . فاتحدت ذراتها على حسب تشابهها في الشكل ، وألفت العناصر الأربعة : النار مؤلفة من ذرات هرمية أي ذات أربعة أوجه نشبه سن السهم . لذلك كانت أسرع الأجسام وأنقذها – والهواء مؤلف من ذرات ذات ثمانية أوجه أي من هرمين - والماء من ذرات ذات عشرين وجها -- والقراب أنقل الأجسام من ذرات مكعبة . وبعد أن تنظمت المادة هذا النوع من التنظيم بتوزعها عناصر أربعة - وهو أقصى ما تستطيع أن تبلغ إليه بذاتها - ظلت العناصر مضطربة هوجاء و كما يكون الشيء وهو خلو الإلهي - عين المانع لكل منها مكانه على ما ذكرنا ورتب حركته (۳) - -- ثم فكر المانع فيها نسى أن يزيد العالم شبها بنموذجه ، ولما كان النموذج حيا أبديا فقد اجتهد أن يجمـل العالم أبديا ، لكن لا كأبدية النموذج فإنها تمتنعة على الكائن الحادث ، فعنى بصنع « صورة متحركة للأندية الثابتة ، فكان الزمان يتقدم على - حسب قانون الأعداد ، وكانت الأيام والليالي والشهور والفصول ولم تكن من قبل . ورأى الصانع أن خير مقياس للزمان حركات الكواكب ، فأخـذ نارا وصنع الشمس والقمر والكواكب الأخرى مشتعلة

T - (۱) تلوس سن ٤٨ (۲) تارس می ۵۲ – ۵۷ n {t مستديرة وجعل لكل منها نفساً تحركه وتدبره ، ولما كان مبدأ التدبير الميا بالضرورة فقد صنع هذه النفوس ما تخاف بين يديه بعد صنع النفس العالمية : إلا أنه جعل تركيبها أقل دقة من تركيب هذه فكانت أدنى منها مرتبة ولكنها إلهية مثلها عاقلة خالدة يأتيها الخلود لا من طيب عنه رها ( وكان أفلاطون قد ذهب إلى هذا الرأي في المقالة العاشرة من الجمهورية ) بل من خيرية الصانع تأبي عليه أن يعدم أحسن ما صنع - ثم اتخذ منها أعوانا تصنع نفوس الأحياء المائتين ، و إنما مست الحاجة إلى هذه النفوس لتتحقق في العالم جميع مراتب الوجود نازلة من أرفع الصور إلى أدناها وليكون العالم كلأحقا ، وإنما وكل أمر صنعها إلى نفوس الكواكب لأن كل صانع يمنع ما يماثله ، والصانع الأول لا يصنع الانفوسا إلهية فلا يكون هناك التفاوت المطلوب أخذ إذن ما تخلف من الجوهرين الثاني والثالث وصنع مزيجاً قسمه على الكواكب وكلف المتها أن تنزله أجزاء في أجسام مهيأة لقبوله وأن تضر إليه فسين مائتين : احداها الفعالية والأخرى غذائية . أما الانفعالية فنضبية وشهوانية تحس الاذة والألم والخوف والإقدام والشهرة والرجاء يضعونها في أعلى الصدر بين الشق والحجاب لكي لا تدنس النفس الخالدة المستقرة في الرأس . وأما الغذائية فيضعونها في أسفل الحجاب . فصنع الآلهة الرجل كاملا بقدر ما تسمح طبيعته . والرجل الصالح يعود جزء نفسه الخالد ، بعد المحلال هذا المركب ، الى الكوكب الذي هبط منه و يقضى هناك حياة سعيدة شبيهة بحياة إله الكوكب . أما النفس الشريرة فتولد ثانية امرأة ، فإن أصرت على شقاوتها ولدت ثالثة حيواناً شبيها بخطيئتها وهكذا بحيث لا تخلص من آلامها ولا تعود إلى حالتها الأولى حتى تغلب العقل (۱) تياوس ص ۴۷ - ۳۹ . (4) على الشهوة وتصعد السلم فترجع رجلا صالحاً . ودرجات هذا السلم المرأة فالطير فالدواب فالزحافات فالديدان فالأحياء المائية ، أوجدتها الخطيئة والجهالة نازلة بها نحو الأرض درجة فدرجة « وهكذا كان الأحياء في ذلك الزمان ، واليوم أيضاً ، يتحول بعضهم إلى بعض بحسب ما يكسبون أو يخسرون من العقل (1) » ، وأراد الآلهة أن يلطفوا أثر الحرارة والهواء في الإنسان ، مع ضرورتهما له ، وأن يوفروا له الغذاء ، فمزجوا جوهراً مماثلاً لجوهر الإنسان بكيفيات أخرى ، وأوجدوا طائفة جديدة من الأحياء هي الأشجار والنباتات والبذور تحيا بنفس غذائيـة . وليست هذه النفس عاقلة ؛ ولكنها تحس اللذة والألم والشهوة فهي منفعلة وليست فاعلة ؛ إذ قد حرمت الحركة الذاتية فكانت جميا مثبتا في الأرض(٢) هذه خلاصة حديث نياوس في مواضعه الفلسفية ، وهذا الحديث مثال آخر لنزعة أفلاطون التوفيقية وملكته التنسيقية ؛ فقد أخذ بالعقل الذي قال به أنكساغورس و بين عيب المذهب الآلى وأقام الغائية على أساس متين ثم استبقى الآلية في الكليات والجزئيات حتى في الظواهر الحيوية كالاغتذاء وحركة الدم والتنفس والشيخوخة والموت") ، وصور الأجسام جميعاً ، حية وغير حية ، مركبة من نفس العناصر متمشية على نفس القوانين لا يميزه في ذلك من ديموقريطس إلا أن هذه الآلية خاضعة لتدبير الصانع يفرض عليها غاياته من خارج فتحققها مي بوسائلها الخاصة أي بحركة تلك المثلثات والأشكال الهندسية التي للعناصر . وأخذ أفلاطون صفات العالم عن الإيايين - وبالأخصى عن أكسانوفان - فجعله واحدا كرويا متناهيا حيا عاقلاً ، ولكنه استبقاء س ا


(۱) تيلوس ص ٦٩ ( ج ) - ۲۱ (۱) و ۹۰ (۰) و ۹۱ (د) – ۹۲ (} وأيضاً فيون ص ۸۰ ( ه ) . {۲) تیلوس ص ۷۷ (۳) تیارس ص ۷۷ – ۸۲ وغيرها TYTT . (*) AY -- ۱۰۷ - حادثا متغيرا ، وأضاف الثبات والضرورة للعالم المعقول ، ونبذ رأي الطبيعيين في الأجرام السماوية وانحاز إلى العقيدة القديمة « كل ما هو سماوي فهو إلهى » وأقامها على افتقار الحركة الدائرية لمحرك عاقل ، فوفر بها حلقات في سلسلة الموجودات الروحية وأمكنة لخلود النفوس الإنسانية . وأخذ التناسخ عن الفيثاغوربين ، ومع أنه أضاف الإحساس النبات فقد قصر التناسخ على الحيوان ، وكانوا يمونه إلى جميع الأحياء ، وبنى عليـه فكرته الغريبة في التطور النازل من الرجل إلى المرأة إلى أدنى أنواع الحيوان تبعاً للخطيئة ونقص العقـل ، ، فكان أميناً لمبدئه « إن النقص تضاؤل الكال » . & و ---- يبق مسألتان . الواحدة : ما معنى حدوث العالم في القد القصة ؟ والأخرى : ما هي بالضبط فكرة الله عند أفلاطون بعد ما رأينا من اشتراك الألوهية وكثيرة الآلهة ؟ أما عن المسألة الأولى فالواقع أن أسلوب هذه القصة غير مألوف في الفلسفة اليونانية ، حتى لقد قال أرسطو : « إن الأقدمين جميعاً ما عدا أفلاطون اعتقدوا أن الزمان قديم ، أما هو فقد جمله حادثاً إذ قال إنه وجد مع السماء و إن السماء حادثة »(١) . وقد مر بنا ذلك ورأيناه يضع دوراً خاضعاً للآلية البحتة قبل تدخل الصانع ، فيكون مقصوده على الأقل أن العالم حادث في الزمان من حيث الصورة . وإذا اعتبرنا قوله : إن النفس العالمية سابقة على جسم العالم وإنها مصنوعة ، لزم أن جسم العالم مصنوع أيضا ، وأن العالم حادث مادة وصورة ، فأخذنا عبارته و العالم ولد و بدأ من طرف أول » بحرفيتها . على أن تلاميذه الأولين ومن جاء بعدهم من الأتباع قد عارضوا أرسطو في إجرائه الكلام على ظاهره ، وقالوا : إن « تيماوس » قصة و إن للقصة عنـد أفلاطون حكما غير حكم الحوار والخطاب ، وإن الغرض من تصويره العالم مبتدئاً في الزمان ، ومن قوله « قبل (1) السماع الطبيعي م ه ن ۱ ص ۲۰۱ ع ب س 14 - ۱۹ ۰ و بعد » سهولة الشرح فقط . والحق أن فكرتى حدوث العالم والإبداع من لا شيء لم تكونا معروفتين لليونان ، ولا يوجد في كتب أفلاطون نص يسمح محل هـذا الإشكال ، ولكنها جميعاً ناطقة بأن النظام من الله ، وهذا كاف لإقامة المذهب الروحي . ز -- ولكن ما الله عند أفلاطون ؟ فقد قيل من ناحية : إن إرسال الكلام على الصانع قصة رمزية يجيز التحميل أن ليس الدائع شخصاً قائماً بذاته . ولكنه بمثل ما للمثل من قدرة وعلية في المادة . والرد على هذا التأويل أن نفس البرهان وارد في « القوانين » وهي ليست قصة . وقيل من ناحية أخرى إن كل شيء عند أفلاطون إله أو إلهى : للمثل ومثال الخير ومثال الجمال ، والصانع النموذج الحي بالذات ، والنفس العالمية والجزء المناطق من النفس الإنسانية . وآلهة الكواكب ، وآلهة الأولمب والجن ، فأين الله بين هؤلاء ؟ وكيف وحدنا الصانع ومثال الخير ومثال الجمال ، ولم يقرب أفلاطون بينهم ، بل تركهم متفرقين ؛ مفتاح الجواب ما أشرنا إليه من اشتراك لفظ الله والإلهى في انته ، وهو يقصـد « مبدأ التدبير » متمايزاً من المادة كل التمايز ، فحينما وجد التدبير والنظام وجد العقل ووجدت الألوهية أي الروحية ولكن متفاوتة بتفاوت الوجود ، فالنفس الكلية والهة الكواكب ( وأفلاطون لا يذكر آلهة الميثولوجيا إلا تسامحاً و بشيء من التهكم ظاهر ) مدينون للصانع بوجودهم وخلودهم ، فهم آلهة باشتراك الاسم فقط . أما الصانع والخير والجمال والنموذج فتوحيدهم لا يكاف كبير عناء ، فهم من جهة موضوعون على قدم المساواة كل في قمة نوع أو « مقولة » : الصانع الفاعل الأول ، والخير غاية العقل القصوى ، والجمال المطمح الأسمى للإرادة ، والنموذج أول للثل وحاد بها جميعاً ، وهم من جهة أخرى موصوفون بعضهم ببعض : الصانع (1) الجن عنده وسط وواسطة بين الآلهة والبدر متصفون بالحكمة والخير . ی ی

خير ومثال الخير مصدر المثل والنموذج محلها ، وكلهم جميل وكلهم أجمل الموجودات .

فالله الصانع من حيث هو علة فاعلية تطبع صور المثل في المادة « على نحو يصعب وصفه » ، وهو النموذج من حيث هو علة نموذجية تحتذى ، وهو الجمال والخير من حيث هو علة غائية تحب وتطلب . ثم صفات لواحد ميزها أفلاطون بحسب المناسبات ، وكان همه موجها لوضع المذهب الروحي ضد الطبيعيين والسوفسطائيين ولم يكن لمسألة التوحيد في أيامه مثل ما صار لها من الأهمية فيها بعد ، فلا أحل الأعداد محل المثل في دروسه الأخيرة عبر عن الله بالواحد و الواحد بالذات » . ( ۳۱ - النفس الإنسانية : رأينا نظرية المثل تتضمن القول بالنفس موجودة قبل اتصالها بالبدن من حيث أن هذه المثل ليست متحققة في التجربة بما هي مثل ولا مكتسبة بالحواس فلا بد من قوة روحية تعقلها أو بالأحرى تذكرها بعد أن عقلتها في عالم يماثلها . ورأينا تفسير الحركة يرجع إلى مبدا غير مادي يتحرك بذاته ويحرك المادة ، وهذا التفسير ينطبق على العالم بالإجمال وعلى كل جسم بالخصوص و إذن فللإنسان نفس . .. قد يقول قائل : ما النفس الا توافق العناصر اللؤلفة للبدن وليس لها وجود ذاتي وإنما هي كالتم بالإضافة إلى الآلة والأوتار . ولكن التوافق والنعم نتيجة والنتيجة لا تباين المقدمات والنفس تدبر البدن وتتحكم في الأعضاء وتقاوم البدن بالإرادة متى كانت حكيمة ولم يكن ذلك ليتأتى لو كانت النفس نتيجة تناسق عناصره وطبائعه فليست نفها ولكنها الموسيقى الخفي الذي يحدث النغم" وعلى ذلك فالنفس حقيقة لاريب فيها يدل على وجودها تذكر المثل وحركة الجسم وتدبيره بمقتضى الحكمة . (۱) فيدون ص ٨٥ - ٨٦ . وانظر ما ذكرناه في عدد ١٣ ( ج ) . (۲) فنون س ۹۲ - ۹۰ ل -- ا . على أن رأى أفلاطون في ماهية النفس وعلاقتها بالجسم لا يخلو من التردد والغموض . ففى المحاورة الواحدة ( فيدون ) يحد النفس تارة بأنها فكر خالص وطوراً بأنها مبدأ الحياة والحركة للجسم دون أن يبين ارتباط هاتين الخاصتين ولا أيتهما الأساسية . كذلك الحال في علاقة النفس بالجسم فتارة يعتبرها متمايزين تمام التمايز فيقول إن الإنسان النفس و إن الجسم آلة ، وتارة يضع بينهما علاقة وثيقة فيذهب إلى أن الجسم يشغلها عن فعلها الذاتي ( الفكر ) ويجلب لها الهم بحاجاته وآلامه وأنها هي تقهره وتعمل على الخلاص منه (1) دون أن يبين ماهية هذا التفاعل ، بل هو يذهب بهذا التفاعل إلى حد علاج الجسم بالنفس والنفس بالجسم" وقيام الشعور والإدراك في النفس عنـد تأثر الجسم بالحركة المادية على ما بين هذه الحركة والظاهرة النفسية من تباين - وفي الجمهورية يرد الأفعال النفسية إلى ثلاثة : الإدراك والغضب والشهوة ويسأل : هل يفعل الإنسان بمبادئ ثلاثة مختلفة أم أن مبدأ واحداً بعينه هو الذي يدرك و يغضب و بحس لذات الجسم ؟ فيقرر أن المبادئ عدة لأن شيئا ما لا يحدث ولا يقبل فعلين متضادين في وقت واحد ومن جهة واحدة ، فلا يضاف إليه حالات متضادة إلا بتمييز أجزاء فيه فيجب أن تميز في النفس جزءا ناطقاً وجزءاً غير ناطق لما نحسه فينا من صراع بين الشهرة تدفع إلى موضوعها والعقل ينهى عنه . ولنفس السبب يجب أن نميز في الجزء غير النطقي بين قوتين هما الغضب والشهرة : الغضب متوسط بين الشهوة والعقل ينحاز تارة إلى هـذا وطورا إلى تلك ، ولكنه يثور بالطبع للعدالة ونحن لا تنضب على رجل مهما يسبب ألم إذا اعتقدنا أنه على حق ، لذلك كثيراً ما يناصر الغضب العقل على الشهوة ا

1 (۱) بدون م ٦٤ - ٦٦ (۲) تيارس می ۸۲ - ۰۸۹ انا من ويعينه على تحقيق الحكمة في ما هو خلو من العقل والحكمة (1) ، وهذا كلام لاغبار عليه إذا أريد به تمييز قوى ثلاث في النفس الواحدة ، ولكنا رأينا أفلاطون في « تيماوس » يضع في الإنسان ثلاث نفوس ويعين لكل منها محلاً في الجسم فيزيد الى صعوبة التوفيق بين النفس والجسم صعوبة التوفيق بين النفوس الثلاث . و بينا هو في « فيلروس » يشبه النفس في حياتها السماوية الأولى بمركبة مجنحة الحوذي فيهـا العقل والجوادان الإرادة والشهوة ( إذا بكلامه في « تيماوس » يشعر أن الغضبية والشهوانية صنعهما الآلهة للحياة الأرضية والوظائف البدنية . ح - وقد اختص أفلاطون مسألة الخلود بقسط كبير من عنايته . ذكرها في جميع كتبه وخصص لهـا « فيدون ، وكان يحس إحساساً قويا بخطورتها ووجوب بحثها . ونحن مجد في « فيدون » ثلاثة أدلة على خلود النفس : يبدأ أفلاطون بأسهلها تناولا وهو التناسخ وتداول الأجيال البشرية ، تلك العقيدة القديمة الأرفية الفيثاغورية ، فيقول : إذا كان صحيحاً أن النفس التي تولد في هذه الدنيا تأتي من عالم آخر كانت قد ذهبت إليه بعد موت سابق وأن الأحياء يبعثون من الأموات ، ينتج لنا أن النفس لا تموت بموت الجسم . -- ولكن هذا تسليم برأى متواتر لا تدليل ، لذلك يحاول ربط هذا الرأي بقضية كبرى واستخراجه منها نتيجة لازمة فيقول : إذا نظرنا في التغير بالإجمـال وهو قانون العالم المحسوس وجدناه تبادلا دائراً بين الأضداد يتولد الأكبر من الأصغر والأحسن من الأسر إ و بالعكس ، فتصبح لدينا العقيدة القديمة بأن الحياة تبعث من الموت ، ولو لم يكن الأمر كذلك لكانت الأشياء قد انتهت إلى السكون المطلق و إذن فقد كانت النفس قبل الولادة وستبقى بعد الموت . ويتأيد هذا الدليل من (1) الجمهورية م ٤ ص ٠٤٣٦ (۲) ص ٠٢٤٦

ا

ناحية أخرى : ذلك أن هناك ضدين هما العلم والجهل ، و بعثا من نوع آخر هو تذكر المثل بعد نسيانها ، فإذا كانت النفس قد عرفت المثل قبـل هبوطها إلى الأرض فليس ما يمنع بقاءها بعد الموت (1) . -- والدليل الثاني يدور على تعقل المثل : فإن هذه بسيطة ومن تمت فهي ثابتة إذ أن المركب هو الذي ينحل إلى بسائطه ويتحول ، أما البسيط فلا يجوز عليه تحول أو انحلال ، فلا بد أن تكون النفس التي تعقل المثل شبيهة بها على حسب القول القديم « الشبيه يدرك الشبيه » وعلى ذلك فالنفس بسيطة ثابتة (") . « و يسكت سقراط و يسكت الجميع و بعد هنيهة يقول سيمياس : إن العلم بحقيقة مثل هذه الأمور تمتنع أو عسير جدا في هذه الحياة ولكن من الجبن اليأس من البحث قبل الوصول إلى آخر مدى العقل فيجب إما الاستيثاق من الحق وإما ... إن امتنع ذلك استكشاف الدليـل الأقوى والتذرع به في اجتياز الحياة كما يخاطر المرء يقطع البحر على لوح خشب . ما دام لا سبيل لنا إلى مركب أمتن وأمن أعنى إلى وحى إلهى » ( ص ٨٥ ) . و يقول قابس : إن كل ما يلزم من الدليل الأول بفروعه الثلاثة هو أن النفس كانت قبل الولادة ، ومن الثاني أنها شبيهة بالمثل ، فمن هذين الوجهين لا تتنافى خصائصها مع البقاء ، أما البقاء نفسه فلم يتم الدليل عليه إذ من يدرينا ؟ لمل النفس تفتى بتلاشى قوتها بعد أن تكون تقمصت أجساماً عدة (3) . هنا يلجأ أفلاطون إلى نظريته في المشاركة ويقدم دليلاً ثالثاً فيقول : لما كانت النفس حياة فهي مشاركة في الحياة بالذات ومنافية للموت بالطبع ، وليست تقبل الماهية ما هو ضد لها (۱) م ۲۰ - ۷۷ {۲} ص ۲۸ 84 . وهـذا الدليل وارد في الجمهورية بفرعين : النفس بسيطة النفسي تقل المثل الساعة فهي دائمة مثلها ( م ۱۰ لا تنسل بانحلال الجسم وما بعدها ) . (۳) بی ۸۶ ۸۸ + فالنفس لا تقبـل الموت " . -- فيقتنع قابس ويعلن سيمياس أنه مقتنع أيضاً إلا أن شعوره المزدوج بعظم المسألة وبالضعف البشري يضطره لبعض التحفظ بإزاء هذه الأدلة على وجاهتها ، فيسلم له سقراط بحقه في هذا التحفظ و يزيد قائلاً : بل إن المقدمات أنفسها مفتقرة لبحث أوكد 2) ر و --- وإذا رحنا نحن نقوم أدلته ومتحن مقدماتها كما يريد وجدنا الأول يسلم بالدور تسليما ، فلا يحاول دعمه حتى يقع في غلط هو أشبه بالمغالطة حين يدعى أن الذي يخرج من الضد وكلامه يدل فقط على أن الضد لا ينقلب إلى ضده حتى يتلاشى أولاً كالحار والبارد أو يكسب أو يخسر شيئا كالصغير يصير كبيرا و بالعكس . أما التذكر فليس التفسير الوحيد لتعقل الكليات فقد نجردها من الجزئيات على مذهب أرسطو . وأما أن النفس حياة وحركة فلا يدل قطعاً على بقاء النفوس إلا إذا صح أن الحركه والحياة لها بذاتها أو أن مشاركتها في الحياة بالذات لا يجوز أن تكون مؤقتة كسائر المشاركات أو أن بقاء العالم قضية ضرورية . يبقى تعقل المثل وهو الدليل الأقوى فيا ترى فإنه ينظر للنفس في ذاتها لا بالإضافة للجسم والطبيعة المادة و يراها روحية تدرك الروحيات وتتوق إليها وتعلم ما بينها و بين من تغاير وأن حياتها الخاصة لا تتحقق تماما إلا بخلاصها من المادة في عالم روحي مثلها : وهذا لب عقيدة أفلاطون وماعداه محاولة لتوكيدها ، وسواء أفلحت هذه المحاولة أم أخفقت فالعقيدة ثابتة و يدافع عنها بشدة » هي ثابتة من مذهبه بأكمله إذ يستحيل (r) (۱) س ۱۰۵ - ۱۰۷ . وفي * القوانين » ( م ۱۰ می ٨٩٥ - ٨٩٦) بعرض دليلا مستمداً من تعريف النفس بأنها مبدأ متحرك بناته عمرك الجسم فيقول من ناحية : إن ما يتحرك بناته فهو خالد من حيث أنه لا يوجد فيه ولا في غيره ما يقف حركته – ومن ناحية أخرى : النفوس علة الحركات الطبيعية نعى باقية إذ لو كانت تنتهى لاتهت الطبيعة أيضاً . - نمود إلى الدليل الأول في « فيدون . . . وفي - فيدروس ، ص ٢٤٥ کلام قريب من هذا . (۲) س ۱۰۷ (اب } . (۳) - فيتون » س ۹۳ { ج ) . ( ۸ - فيفة ) على من اقتنع بالعقل والروح والفضيلة أن يصدق بفناء النفس وغلبة المادة و بطلان . الحياة الإنسانية . وكيف لا نعجب بهذا الرجاء وهذا الشوق إلى السماء وهذا الأسف الرائع لأن وحيا إلهيا لم ينزل اليحيل الرجاء الجميل يقيناً وطيدا ؟ نقطة واحدة تشوب هذا المذهب : هي التناسخ ، وق م ، وقد كان في وسع أفلاطون أن يمحوها وهو القائل « إن النفس الحيوانية التي لم تدرك الحقيقة قط لا تستطيع أن تقوم في جسد إنساني » (۱) فكيف تقوم نفس إنسانية في جسم حيواني ؟ نحن نعلم أن التناسخ ركن من أركان مذهبه ( 34 ١،٣٤ - ٣٦ ، ج ) ولكن كان في وسعه أن يضع نفساً للمرأة ونفوساً حيوانية مترتبة بترتب الأنواع ( كما وضع نفسانباتية ) وأن يحصر التناسخ في دائرة النوع : الخيال هو الذي طغى هنا على المنطق ، و يغتفر لأفلاطون أنه كان يصدر عن وجوب التكافؤ بين العمل والجزاء وإيمانه بالعدالة الإلهية . (۱) بدروس من ١٤٩ ( ب ج ).