بكيت لمحمول إلى القبر في نعش

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

بكيت لمحمولٍ إلى القبر في نعشِ

​بكيت لمحمولٍ إلى القبر في نعشِ​ المؤلف حيدر بن سليمان الحلي


بكيت لمحمولٍ إلى القبر في نعشِ
سرى حاملوه في الثرى وهو في العرش
نعاكَ لي الناعي فقلت حشاشتي
عليها انطوت أنياب أفعى من الرقش
وقد كنت أرجو أن اهنِّيك بالشفا
فأصبحت أنشي في رثائك ما أنشي
وما خلتُ أنّ الدهر فيك مخاتلي
يراصدني سراً بغائلة البطش
إلى أن رأت عيني سريرَك والعُلى
على إثره تكلى وتعلن بالجهش
فلم أرَ لي من حيلة غير أنني
نظرتُ إليه مذ نأى نظر المغشي
كأنّ الذي بالأفق نعشُك سائراً
وطرفي السهى والحاملون بنو نعش
مشت خلفك التقوى تشيّعُ روحها
ومن غير روح من رأى ميتاً يمشى
بكتك وظفرُ الوجد يخدش قلبها
فمدمعها المحمرُّ من ذلك الخدش
لئن كنتَ فيما تبصر العينُ ثاوياً
بدار البلى في ذلك الجدث الوحش
فإنّك عند الله حيٌّ منعَّمٌ
لديه على تلك النمارق والفرش
ولولا ابنُك الزاكي لأدمى تأسفاً
عليك التقى كفيه بالعضِّ والنهش
ولكن رأى والحمد لله باقياً
له «حسنٌ» فاختاره ما اختار ذو العرش
فتىً حنيت منه على قلب خاشعٍ
جوانحُ ذي نسكٍ سلمن من الغش
فما ينطق الفحشاءَ مذودُ فضله
ولا سمعُ تقواه يعى قولة الفحش
تعاهد غيثُ العفو مرقد «محسنٍ»
يبلُّ ثرىً واراه رشاً على رشِّ