المدينة المسحورة (1946)/الليلة السابعة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


فلما كانت الليلة السابعة قالت :

وكان مساء وكان صباح، وانبعثت النغمات الشحية والنفحات الأريجة، تتسلل إلى مخدع الأميرة كالأحلام، وتوقظها من سباتها في رفق… غير أن الأميرة لم تنتفض من فراشها خفيفة نشيطة طافرة مرحة، كما تصنع في كل صباح. بل قالت للوصيفة التي بادرتها بالتحية : إنها تحس وعكة خفيفة في هذا الصباح.

A4 وانتشر النبأ في لحظة فلا أروقة القصر جميعا ، وذهب الرسل إلى الأطباء في قلق ظاهر؛ ولم يكن بدأن يصل الفروا إلى الملك فيذعر له ذعراً شديداً، وتتجسم مخاوفه وتتضخم ، على الرغم من كل حديث مطمئن . فها هي ذي النبوءة الأولى تتحقق ، وإذن فستلحقها الثانية قريباً. وتستحيل هذه الوعكة الخفيفة يوما بعد يوم إلى مرض يشتد ثم يستحيل سقها ، فتذبل الأميرة شيئاً فشيئاً ، وتذوى نضارتها قليلا قليلا ، وتفقد نظراتها ذلك البريق الفاتن ، وينضب فيهـا الرحيق المذخور ، بعد مضى الأسابيع والشهور. ويحار الأطباء والكهنة والعرافون والمنجمون ، وتثقل الأيام على الملك ، فلا يرى إلا قلقاً مهموما ، وتحاول الملكة - على ما بها من جزع وألم – أن ترد إليه الطمأنينة ، وأن توحى إليه بالصبر فلا تجدى محاولاتها شيئا . إنه يحب الفتاة حباً قوياً عميقاً . يحبها مرتين : حبه الأبوى الحنون ، وحبه الذكرى العزيزة في خاطره. ذكرى فتاة الغابة في عهد الشباب الجميل . 1 و يستنفد الوالدان جميع وسائل الطب والعرافة ، والفتاة تذوى بين أيديهما وتذبل ، فلا تبقى نافذة مفتوحة للرجا، إلا أن تتحقق النبوءة على يدى طبيب الشمال ! ويبث حور العيون والأرصاد على كل قادم إلى المدينة من الشمال ، عسى أن يكون هو الطبيب المنظور ، حتى يمين الأوان ، ويستدير الزمان ، فيفد الطبيب الشمالي للبحث عن بعض العقاقير في الغابة ، وما يكاد يبدأ البحث حتى يحيط به العسس في اهتمام ظاهر ، وحتى يدعى إلى قصر الملك فوراً ؛ فيذعر ذعراً شديداً ، ويفكر صفته وغايته ، ويستشفع لديهم بكل عزيز أن يطلقوا سراحه ، فلا . يسمع من الجميع إلا قولهم الجميع إلا قولهم : أنت مطلوب الملك ، أنت مطلوب الملك . حتى إذا وصل إلى القصر وقد سبقته الرسل ، استقبله حور فطمأنه على حياته ، وأنبأه النبأ ، ووعده أجمل الوعود ، إذا هو رد إلى الأميرة عافيتها ، وأعاد إلى المدينة طمأنينتها ، بعد أن خيم عليها الحزن وشملها الركود عاما و بعض عام . عندئذ تعود للطبيب طمأنينته ، فيطلب رؤية المريضة ، و يعرف في الحال مرضها، ويشير بأن العلاج الوحيد هو هواء ا اء الغابة ونسيمها وشمسها وظلالها، فيجب أن تقضى الأميرة فترة من كل يوم في الغابة ، تشم هواءها ، وتجول فيها حينما تسمح صحتها بالتجوال . أما في مبدأ الأمر فيكفي أن تجلس أو أن نتمشى قليلا . ( 91 الطبيب بالاستئذان فلا يؤذن له حتى تظهر نتائج علاجه ، وحتى يجد جزاءه من الإكرام والحفاوة . ومنذ الصباح الباكر تحمل الأميرة في محفة وهي ذاوية ذابلة لتستنشق نسيم الغابة كما أمر الطبيب ، فتحس له نشوة خفيفة تدب في كيانها و يدب معها البرء والعافية . وتستروح هذه النسيات كأنما تعيد إلى نفسها ذكرى ، وتثير في قلبها حنيناً ، وترد إليها ماضياً بعيداً . وإن لم تكن قد وطئت هذه الغابة من قبل أو رأتها إلا من شرفات القصر البعيدة !. وإن هي إلا أيام قلائل حتى أخذت تسترد عافيتها ، و يسرى الدم في خلاياها ، و يدب النشاط في أوصالها ، وتستطيع الرياضة الهينة ، وتقبل عليها في شغف ولذة . ورأى الملك علائم الصحة تبدو على فتاته الحبيبة فكاد يطير من الفرح ، وخلع على الطبيب و بالغ في إكرامه ، وعرض عليه أن يضمه إلى الحاشية ، وأن يجعله طبيبه الخاص وطبيب الأميرة فاستجاب للعرض في سرور ورضا وغبطة، إذ جذبته الأميرة الشابة بجاذبيتها التي لا تقاوم، فأصبح يحس أنها ابنته ونبته، وأن أروح أيامه هي التي يقضيها في خدمتها والسهر على صحتها . وكان في الفتاة ذلك السحر الأخاذ الذي يؤخذ به الكبار والصغار والرجال والنساء، ۹۲ ا فما يحسون إلا وهم مأخوذون بها ، مفتونون بسحرها ، وكذلك استراح الطبيب إلى جوارها ، والتذ صحبتها بعد بضعة أيام . وقال الطبيب ذات يوم : ياليت الأميرة تقضي أوقاتها جميعاً في الغابة . إذن لاستردت صحتها بأسرع مما تستردها ؛ لأن هواء الغابة هو دواؤها وترياقها . وما سمع الملك هذه الكلمة العابرة حتى أمر ببناء برج في وسط الغابة بداخله قصر صغير يسع يسع الأميرة وحاشيتها وحرسها ، ويقوم البرج حوله سياجاً حصيناً ؛ وكلف حور أن يشرف على البناء بحيث يتم صريعاً ؛ وقال له : وددت ياخور لو أسمى وأصبح فأجد البرج فانما 1 وجمع حور المهندسين والبنائين والفعلة من وكلفهم أن يفرغوا في مدى شهر واحد من بناء البرج والقصر و إعداده بكل ما يلزم له من وسائل الراحة . وما مضى الأجل المضروب حتى ، كان البرج قائماً والقصر مؤنثاً بأفخر الرياش وأوثر الفراش ، فلا يفترق عن قصر الملك إلا بأنه أصغر أرجاء المملكة حجما وأحدث منه بناء منه ( . وانتقلت الأميرة وحاشيتها وحرسها وطبيبها معها . وكانت صحتها قد تحسنت وقوتها قد اشتدت . فاقترح الطبيب أن تركب ال ال في أل الت بالد له. 3.4 ند ۹۳. فرساً وتجول في الغابة كيلا يجهدها السير الطويل في أرجائها البعيدة . فرغبت الأميرة أن تتزيا بري فارس، وأن تصحبها كوكبة من الفرسان ، وأن تتدرب على ألعاب الفروسية ، فهي تجد في نفسها ميلا إليها ، وقدرة عليها . وسرعان مانفذت رغبتها ، فإذا بها في الصباح ترتدي ملابس الفرسان ، فلا يشك أحد وهي قائمة على الفرس ممشوقة القد ، معتدلة الجسم في أنها فارس ، و إن كان أثر من الشعوب لا يزال في وجنتيها . ومرت الأيام واشتد ساعد الأميرة ، ومرنت على ألعاب الفروسية ، وعاد إلى وجهها التورد والنضارة ، وأخذ جسمها الفتى يمتلىء ويستدير ، وتبرز معالم الأنوثة فيه على الرغم من كسوة الفارس التي تخفيه ! ثم أقبل الربيع ، ونضح الجو بالدفءاللذيذ ، وخدرت أنفاسه بالأريج المعطر ، وأحست الفتاة أن في حناياها أشواق تائهة لا تعرف لها كنها ولا اتجاها ، واشتاقت إلى كل شيء ، وحنت إلى كل شيء ، واستمعت في ضميرها إلى أصداء غائرة سحيقة ، تنبعث من قرارات غامضة مجهولة ، فأرخت لفرسها العنان ، وسارت نصف مغمضة ، كأنها ثملة نشوانة . . . و بينما هي تمضى وكوكبة – نحن نتسلى ! قالت ( وألقت إليه بصرة من النقود) : – هل لك في هذه على أن تعيد العزف من جديد ؟ قال : – العلنا أزعجناك أيها الفتى فكففت عن عزفك الجميل ؟ قال : ـ لا يا سيدي . فأنا قد فرغت من عزفى . وإنما – –– 90 خل لك نقودك يا سيدي . فلست أعزف مأجوراً قالت ؛ – بل هي هدية لك لا أجر ، جزاء ما أهديت إلينا من عزفك الجميل . و إن شئت فزدنا . وأخذ الفتى نايه بين أصابعه ، وراح ينفخ فيه بأنفاسه ، فتنبعث منه نغمات . . . ولكنها ليست تلك النغبات الحالمة التي كان يبعثها منذ حين . وعبثا حاول أن يعيد أنغامه الأولى ، فألقى بالناي جانباً وتوجه إلى الفارس الجميل يقول . . معذرة . فلست أدرى أين ذهبت نغماتى . لكأن هذا ليس نابي الذي أعرفه من سنين ؟ فابتسمت مجاملة وقالت : – 97 – لذة استماعها . فحسبنا هذا . . . وهمت أن تلوى عنان فرسها ، وهي تقول : اكانى بك تعرف كل يوم هنا ؟ –– كلا إنها لنفات حلوة : ولعلنا نحن الذين أفسدنا عليك . قال : كثيراً ما نرعى أغنامنا في الغابة فنعزف لها . . . ولنا ! ثم انطلقت الكوكبة في طريقها تتم جولتها . واسكن الأميرة لم تجد في نفسها ميلا لإتمامها ، فقالت : – حسبنا اليوم . فأنا في حاجة لأن أرجع سريعا . وخشى الطبيب أن يكون قد ألم بها سوء ، وقد شاهد اضطرابها الذي راحت تخفيه . فلما كانا في القصر حاول أن يستفسر عما بها ، فطمأنته على صحتها ، وآوت إلى مخدعها سريعاً لم تكن تدرى حقا ما بها ، ولكنها كانت تحس ميلا شديداً إلى العزلة . كانت تائهة خدرة كالنشوانة ، وكانت في حاجة لأن تغمض عينيها في رفق ، فما تريد أن تنظر شيئاً . وأحست مرة أنها تود لو تبكى ، ومرة أنها تود لو تغنى . وتمددت على الفراش الوثير ولكنها وجدت في نفسها شوقاً لأن تحتضن شيئا ، فاحتضنت –– – AV ثم وسادتها برهة ثم ألقتها جانباً ، واستوت في فراشها جالسة أخفت وجهها بين يديها ، وضغطت على عينيها ضغطاً شديداً . ثم انطلقت تقهقه من حركاتها الغريبة . ثم ارتدت إلى ما يشبه الوجوم ، وهي لا تدرى ماذا أصابها ، ولا تعلم من أمرها شيئاً ! - > و باتت ليلتها في يقظة ليست هي الأرق ، تتخللها فترات من النوم المنقطع المملوء بالأحلام . وعند ما أصبح الصباح كانت تحس في روحها نشوة ، وتحس في جسدها فتوراً ؛ ووجدت في نفسها شوقاً إلى الغابة لم تعهده من قبل على فرط حبها للغابة وما فيها ؛ وأخذت في التجوال كالعادة ، ولكن أذنها كانت مرهفة للأصوات والأصداء ؛ فما لبثت أن التقطت النغم الغائر المسحور ، فيممت نحوه في منعرجات الغابة في همس واطف ، ووقفت بعيداً عن مصدره تسمع ولا ترى ، حتى انتهى العازف من عزفه فبرزت له راكضة بفرسها نحوه . فلما قربت منه نهض الفتى واقفاً محيياً في احترام بالغ . فقالت في لهجة مرحة مشرقة : وهكذا غافلناك وسرقنا أنغامك دون أن تشعر بنا خذ هذه هدية اليوم ، جزاء ما سرقنا أنغامك الجميلة ! ۹۸ وحاول الفتى أن يرد الصرة للفارس في إباء البدوى الشريف قربت الفارس على كتفه وهو يقول : لماذا لا تقبل هديتنا الضئيلة ، ونحن نستمتع بما هو - أثمن وأغلى ؟ ! وأحست في هذا اليوم براحة هادئة عند عودتها ، وزايلها ترددها واضطرابها . . . وأشرقت في نفسها مطالع مضيئة ، وإن لم تأخذ لها وجهة محدودة . ومضى الحال على هذا المنوال أياماً طويلة توثقت فيها الألفة بين الفارس والراعي ، وأصبح لقاؤها في كل يوم أمراً مقرراً ؛ ولم يعد الفتى الراعي يجفل أو يضطرب لرؤية الفارس وكوكبته ، ولم يعد عزفه يفسدو يموت إذا عزف على مرأى منه ومسمع ، فالفارس صديقه ، و إنه ليهفو إلى هذا الصديق الطيب المرح الجميل ، فوق ما يهفو الصديق إلى الصديق . . ... لذا لم يجد الفارس صعوبة في إقناع صديقه الراعي ذات يوم بأن يصاحبه في جولته اليومية، وأن تكون له فرس في الكوكبة ، وأن يدر به رئيسها على ألعاب الفروسية ! ولما احتج بغنمه وفتاته بنت عمه ، حلت العقدة بأن يقوم مقامه هناك أحد فرسان ۹۹ الكوكبة كل يوم ، حتى تنتهى الجولة . وكان هذا فعلا ! و بعد شهر كان الفتى الراعي قد برع في ألعاب الفروسية جميعاً فقده المعشوق ، ووثاقة تركيبه ، ومرونة عضلاته ، وهوايته لفنه ، كل ذلك قد صاغ منه فارسا في فترة قصيرة ، و إن لم ينقطع عزفه الجميل كل يوم في فترة من جولاته و بينما الفتى مندفع في طريقه ، يستطيب عشرة رفيقه ، و يستلذ جولاته ونغماته . . . كان قلب الفتاة الراعية ينذرها بشر غامض من وراء هذه السيرة ، فبدأت تضجر من هذه الرحلة اليومية ، وتضيق بهذه الجولة التي تحرمها منه ومن أنغامه ... ولم تكن تدرى من حقيقة الأمر شيئا . ولكن الأحاديث تتصل بينها و بين الفارس الذي يؤانسها ، وتقرب المسافة بينه و بينها ، و يفيض معها في الحديث ، فيفضى إليها ذات يوم بالسر الخطير : إن الفارس الجميل ليس رجلا . إنما هو الأميرة التي تسكن هذا البرج العالى ، وهي ابنة الملك المحبوبة ! لو كانت طعنة خنجر لما وخزت الفتاة هذه الوخزة ، ولو كانت لدغة عقرب لما غزتها هذه الغزة ، ولوكانت قطعة جمر لما حرقتها هذه الحرقة . . . ليته يعود اللحظة لتأبى عليه أن يفارقها ، ... ولتشبث به فلا تدعه مرة أخرى ، ولتأخذه وتمضى به ناحية إلى أبعد مدى . . . و إنه ليعود فتندفع إلى صدره باكية في حرقة ثائرة ، تطوق عنقه بذراعيها ، وتدفن في صدره وجهها ، وهي . تشرق بالدمع، فتنشج نشيجاً متقطعاً . و بهت الفتى لهذه المفاجأة ، و يسأل مرة ومرة ماذا أصابها . فإذا هي استردت أنفاسها راحت تقول في عنف وضغط : ان نبقى هنا . لن نأتى هنا أبداً . إننى خائفة عليك وعلينا من هذه الجولات التي لا تنتهى . و يعجب الفتى لهذا الإصرار ، فيقول : وأي شيء في أن أتجول ساعة أو ساعتين مع جماعة من 1 الفرسان في الغابة ، لي بينهم صديق ودود ؟ وهنا يخون الفتاة احتمالها فتندفع صائحة في ولولة ونشيج : ـ أي صديق تعنى ؟ إنه ليس فارساً . إنها فتاة . إنها ابنة الملك تتزيا بزى فارس . هكذا علمت و إنني لأخشى عليك وعلينا ! - وفوجىء الفتى بهذا التصريح العجيب ، و إن أحس له في نفسه طعا لذيذا . وراح يسألها في دهشة يشوبها الارتياح : ابنة الملك ؟ من قال لك هذا ؟ وكأنما تسربت إلى نفس الفتاة حقيقة ما جال في نفسه - فاشتعلت خواطرها ، وقالت في لهجة صارمة صارخة عنيفة : قات لك لقد علمت . أخبرني الفارس الذي يبقى معى هنا . لقد أراد أن يتحبب إلى فأفضى بهذا السر . أفي حاجة أنت إلى توكيد جديد ؟ وانتظرت أن ترى علائم الغيرة التي قصدت إلى إثارتها بذكر تحبب الفارس إليها . ولكنها لم تلمح أثراً لهذا الخاطر في ملامحه، فغاظها ذلك جداً ... أما هو فسرح بخواطره لحظة وارتد يهدئ -- من روعها : وماذا علينا إن تكن فارساً أو فتاة . . . إنها تمنحنا في كل يوم ضرة كهذى ! وأخذت الفتاة منه الصرة ، فألقتها بعنف على مد ذراعها - وقالت : لا نريد المال . فأنا أتوقع من ورائه شراً . ثم تعلقت به في تهالك وتخاذل ، تناشده ، والدموع في مآقيها ، أن يمضيا منذ اليوم ، فلا يعودا إلى هذا المكان أبدا ۱۰۲ ولكنه أخذ يهدىء روعها و يطمئنها ويزيل مخاوفها ، حتى هدأت ثائرتها ، وعاودها هدوؤها ، وإن لم تسترجع طمأنينتها . وكرت الأيام على هذا المنوال ، والصداقة تزداد كل يوم وثوقاً ، وقد أخذت نظرات الفتى الراعي إلى صديقه الفارس تشع بريقاً جديداً ، ونبراته ونغماته تزداد حرارة واتقاداً ، وكثيراً ما كانا ينفردان عن الكوكبة لحظات ، فيحس كلاها شوقاً جارفا لأن يحتضن رفيقه ، وترخم نبراتهما في هذه اللحظة ، وتشع نظراتهما حنينا . ولكن لا الفتى بقادر على أن يدنو خطوة ، ولا الأميرة بقادرة على أن تكشف القناع للراعي ! . أما الفتاة فكانت تتلظى على الجمر ، وتذرف سخين الدمع ، وتغال حائرة اللب مولهة القلب ، حتى يعود إليها الفتى ، فتحاول في كل يوم محاولتها الأولى ، حتى كادت تيئس ، فركنت إلى دموعها وهمومها ، وهي تذبل في كل يوم وتذوى ودار الفلك دورته فأكمل عاماً جديداً . وعندئذ أخذ يستيقظ في خاطر الملك شبح النبوءة القديمة ، وتدب في نفسه عوامل الخوف والقلق ، و يرى في حياة الأميرة بالغابة بعيدة عن القصر الملكي خطراً قد يمهد للنبوءة ؛ ولم يعد هناك ما يدعو إلى . بقائها هناك بعد أن كمل شفاؤها، واستردت عافيتها. وحينما وجدمن « حور » ومن طبيب الأميرة موافقة على آرائه، أصدر أمره الذي لا يرد بعودة الأميرة إلى جناحها في قصر أبيها، وبانتهاء عهد الغابة و جولاتها. وأدرك شهرزاد الصباح، فسكنت من الكلام المباح.

***


Public domain هذا العمل في الملك العام في مصر وفق قانون حماية الملكية الفكرية لسنة 2002، إما لأن مدة حماية حقوق المؤلف قد انقضت بموجب أحكام المواد 160–163 منه أو لأن العمل غير مشمول بالحماية بموجب المادتين 141 و142 منه.
مصر
مصر