المدينة المسحورة (1946)/الليلة الخامسة
فلما كانت الليلة الخامسة قالت : عاد الملك إلى قصره وقد تبدل إنسانا آخر، متهلل الجبين. متوفر القوة، جم النشاط. عاد وبرفقته الحورية التي أطلعتها في حياته الأحلام، وردتها إلى حياته الأحلام، فلم يعد يصدق إلا أنه في حلم من الأحلام.
فأما « حور » تابعه المخلص الأمين فكان يعلم من القصة كل شيء، وأما مشير الملك ورجال الحاشية فلم يكونوا قد عرفوا بعد جلية الأمر. لهذا دهشوا وهم يرون الملك عائداً وقد أردف خلفه فتاة من الرعاة !… أتكون هي الصيد الذي خرج الملك إلى الغابة يبغيه ؟ !
لقد عقدت الدهشة ألسنتهم جميعاً، وزادت دهشتهم حينها رأوا ملكهم يترجل ليمد يده إلى فتاة الغابة، فيساعدها على النزول و إن لم تكن في حاجة إلى المساعدة، فقد انفلتت عن ظهر الفرس كالظبى النافر، و إن كانت ما تزال تبدو عليها آثار التعب والهزال وكانت الكلمة الأولى التي فاه بها الملك للمشير، والدنيا لا تكاد أن تسعه من الفرح الجارف المتوثب في حركاته ونبراته :
— لقد وجدتها أخيراً. لقد وجدت الحياة !
ثم أشار إلى حور إشارة خاصة فهم منها كل ما يعنيه. ولم تمض لحظات حتى كانت فتاة الغابة في الحرم، في طريقها إلى الحمام، تتهيأ للحياة التي نسجتها من خيوط الأحلام.
ولم يبد على المشير الشيخ أنه يفهم شيئاً من هذه الألغاز، ولكن الكثيرين من رجال الحاشية فهموا كل شيء، وصدقوا ظنونهم التي نبتت في أذهانهم منذ اليوم الأول، فأدركوا قصة الملك جميعاً.
وقال المشير :
— لم أكد أفهم شيئا يا مولاي !
فوجد الملك في نفسه من الخفة والنشاط والمرح ما يطوق به الشيخ الوقور، وهو يقهقه في صوت عال، ثم يقول :
— لم تكدتفهم لأن قلبك لم يعد قادراً على الإيحاء إليك يا عزيزي الشيخ، تعال أقص عليك النبأ بالتفصيل..
وانزوى الملك بالمشير في جناح خاص. وترك رجال الحاشية يلغطون ويتعجبون.
وفى الصباح كان المنادي ينادي في أرجاء المدينة يحمل البشرى بتمام شفاء الملك، ويعلن إليه إقامة الأفراح والزينات ابتهاجا بهذا الشفاء، وابتهاجاً بزواج الملك، فستزف إليه الفتاة التي ردت عليه الحياة، وعلى يديها كان الشفاء..
وتسامع الناس بالنبأ العجيب، فتزاحموا حول المنادى يسمعونه مرة ومرة، وهم لا يصدقون ما يسمعون..
إذن لن تكون الأميرة هي العروس، و إذن ستكون فتاة ۶۶ الغابة – كما أسموها – هي الأميرة الجديدة . . . وانطلقوا - - يتحزبون ويتجادلون و يثرثرون : فأما فريق منهم فمتذمر لهذا الانقلاب الذي يقصى الأميرة الأصيلة بعد طول انتظار ، ليحل محلها فتاة من الغابة لا يدرى أحد شيء عن أصلها ونشأتها ، ولا تتطلع طبعاً إلى أن تصبح سيدة القصر وربة التاج . . . ومن هذا الفريق فتيات المدينة ونساؤها جميعاً ! وأما فريق آخر فمستبشر مهلل بهذا الانقلاب ، وفي صميم نفسه شعور غامض بأن هذا تصرف إلهى يرفع من مقام الشعب ، ويزيل الفوارق بينه و بين أكبر الرءوس في البلاد ! و باتت المدينة تلغط وتثرثر بمثل هذه الأحاديث ، يرتفع الجدل تارة و ينخفض أخرى، ويكاد أن يصل في بعض الأحيان إلى التصادم والشجار ، لولا أن يبرز عاقل أو عاقلة فيرد الأمر إلى الهدوء والاعتدال . وكثرت الفروض، وتعددت التأويلات ، وانتشرت القصص والأساطير ، حول الحادث الخطير : زعم فريق أن الكهنة والعرافين كانوا قد تنبأوا الملك الراحل TY بكل ما سيكون من شأن وليده الملك الحاضر في يوم ميلاده . وكانت النبوءة توحي بهذا الذي وقع ، الخطب له الأميرة الصغيرة ليتقى تحقيق النبوءة ، ولكن المقدر المسطور ، لا بد أن يقع حتى داخل القصور ! وزعم فريق أن الأميرة كانت قد قسمت على امرأة عجوز فقيرة رأتها تلوذ بطنف القصر من الوابل المنهمر ، فأمرت بإبعادها عن القصر ، حتى لا تشوهه بمنظرها القذر ! وزعم فريق أن فتاة الغابة إن هي إلا إحدى الحوريات ، عشقت الأمير الشاب وهامت به ، فجعلت تتراءى له في الأحلام حتى هام بها في الصحاري والوديان ، ومرض بحبها ذلك المرض العضال ، ثم تجسمت له أخيراً في صورة فتاة الغابة . ولا أحد يدرى كيف تسير الأحوال ! و بينما كانت الأساطير والأقاويل تملأ حياة الشعب وتعمر مجالسه ، كانت هناك مخلوقة أخرى تكاد تجن مما يقال . كانت الأميرة « تيتى » قد سمعت في قصرها نداء المنادي ، فلم تصدق أذنيها أول مرة ، فأصفت له ثانية وثالثة حتى ابتعد ، فأرسلت وراءه إحدى جوار بها تتأكد 74 وغابت الجارية قليلا والأميرة في شبه حمى ، فلما عادت توجهت إليها الأميرة ملهوفة تسألها عما سمعت كأنها لم تسمع به أول مرة ، فأخذت الجارية تروى لها وهي تلهث ماسمعته من المنادى ، وما اقتطفته من تعليقات الجماهير . و بينما هي ماضية في السرد المتقطع اللاهث ، تقدمت منها الأميرة في غضب هائج ، وأمسكت بكتفيها في عنف ، وهزتهما في ثورة ، وصرخت فيها تقول : - ويحك ! ماذا تقولين يا شقية ! فارتعدت الجارية من الخوف ، والعقد لسانها من الذعر ، فدفعتها الأميرة في عنف ، وانطلقت إلى النافذة تتسمع أصداء المنادي من بعيد فلما ابتعد الصوت والصدى عادت فألقت بنفسها على فراشها مهدمة ، وراحت تنشج نشيجاً متقطعاً مكتوماً لاهثا . ولم تجرؤ الوصيفات على الاقتراب منها إلا بعد فترة طويلة، قالت إحداهن: - يا مولاتي . يجب أن نبعث برسول إلى سراى مولاى يتأكد و يأتينا بصحيح الأخبار . وهنا اعتدلت الأميرة ، وكأنما فتح لها باب الرجاء ، ولكن في هذه اللحظة أدركتها الكبرياء . . - . قالت : - أن أرسل أحداً ولن أتأكد من شيء ! قالت الوصيفة : - إذا أذنت مولاني ، ف...أنتونى أنا الأمر ، ولن يعلم أحد أن الأميرة بعثت تستفسر فوجدت الأميرة راحة لهذا الحل، ومنقذا من الغضاضة المرة التي تحسها ، ومنفذاً للقلق الجامح الذي يستبد بها . فقالت للوصيفة : لا شأن لي بشيء ، فأنت وما تريدين ! ، وانطلقت الرسل شتى تتحسس الأمر من قريب ومن بعيد ، ثم عادت إلى قصر الأميرة بالخبر الأكيد : لقد انتهى الأمر . فالعروس تجلى ، والزفاف في الغد ، وقد عجز المشير كما عجز رجال الحاشية عن تحويل الملك عما يريد ، حتى اضطر المشير الشيخ . إلى اعتزال منصبه ، فتولاه « حور » ، أحب رجل في المملكة إلى قلب الملك ، وموضع سره فيما خفى من الأمور ودق . ماه وعلمت الأميرة قصة الملك جميعا ، فلم يعد خافيا على أحد شيء من تفصيلاتها ، ولم يعد أحد يملك للأمور رداً ، بعد ما انتهت إلى قرار حاسم لا رجعة فيه . . - - -- 79 . ۲۰ ومضت الساعات الباقية من النهار، والأميرة في اضطراب، تحاول إخفاءه، وفي حركة حائرة لاتستقر ولا تهدأ ، ولا تتجه بها وجهة معلومة . وأقبل الليل يمشى وئيدا كالحاً رهيبا ، فانفردت الأميرة في حجرتها ، وأقصت عنها الوصيفات والجواري ، كأنما تفر من مواجهتهن وهي هزيمة كسيرة . . . و بدا لها أن الفلك قد كف عن الدوران ، وأن الليل قد جثم في مريضه ، يتطلع إليها بألف عين وعين ، ويغمز لها غمزات السخرية والنكاية والإذلال . . . وأحست بالحمى تتمشى في مفاصلها ، وتصعد إلى رأسها فيفور ، وشعرت بأن شعرها يتناثر و يقف ، فضغطت رأسها بكلتا يديها ، وقامت متفزعة تذرع الغرفة الواسعة في شبه جنون . وظلت هكذا تروح وتجيء ، وأفكارها مشتقة كخطواتها لاتستقر على وضع ، ولا تركن إلى فكرة ، حتى أحست بالإعياء فاستلقت مرة أخرى في كلال وكا" فما أدركها النوم ، فاذاهى ترى فيها يرى النائم أنها مع ابن عمها الشاب في خلوة رائقة ، والقمر يطل عليهما من النافذة . و بينما ها كذلك إذا بفراشة صغيرة ترفرف في الفضاء ثم تقرب ۷۱ من النافذة المفتوحة ، فيتوجه إليها نظر الشاب . . . ثم إذا هي تكبر وتكبر حتى تصير في حجم النسر الكبير . و إذا هي تطوق الملك ، ثم تنطلق به من النافذة في الفضاء ، والأميرة تحاول أن تلحق بهما فلا تستطيع . و إذا هي تصرخ مستغيثة . ثم تفتح عينيها فإذا الوصيفات من حولها ، و إذا نور الفجر يوصوص من الشباك ! وصحت الأميرة مكدودة لتستقبل الصبح الميت ، فإذا الكون كله في نظرها قدمات ، و إذا هي تحس أن ما يفصلها عن الأمس آباد و آباد ، وأن الماضي بعيد بعيد ، وأن الدنيا من حولها شيء غريب ، وأنه لاتربطها صلة بكل هذا الوجود . وقالت إحدى الوصيفات : ـ ألا تأمر مولاتي باستشارة إحدى العرافات ؟ وأضاء هـذا الخاطر المفاجىء قلب الأميرة ، فشع في عينيها الرجاء ، وأمرت إحدى الجواري أن تنطلق إلى عرافة شهيرة بالمدينة . . . وماهي إلا ساعة حتى كانت في حضرة الأميرة : . وقالت لها الوصيفة بعد استقبال حافل : - إنك ستؤجرين أجرأ يغنيك العمر كله ، لو استطعت أن تكشفى لمولاتي عما سيتم في الأمر المعروف ، ولو استطعت أن ۷۲ تساعديها على استرداد حقها المسلوب . وفرشت العرافة رملها، ونفثت في خرزاتها، وتمتمت بتعويذاتها، ثم بدا عليها الأسى والاضطراب . وكانت الأميرة ووصيفاتها قد كتمن أنفاسهن في انتظار كلماتها . . . فلما طال بها الصمت ، قالت الأميرة في غضب تخفيه : مالك هكذا صامتة ؟ قولى ما ينبئك به الرمل. كائنامايكون. - قالت العرافة : - رملى يقول ياأميرة . إن الأمور صعبة خطيرة. و إنما الساحرة الكبيرة . هي التي على علاجها قديرة . . . قالت الأميرة : -- وأين تلك الساحرة الكبيرة ؟ قالت العرافة : بين الظلام والرمال . مسكنها في هذه الجبال . فإن أردت كنت القائدة . الليلة لا تضيع الفائدة . قالت الأميرة : -- ـ أنا تحت أمرك فاصنعى ماتريدين ! وقبل أن تتوارى الشمس كانت امرأتان ترتديان لباس الرعاة وتمتطيان حمارين وتنطلقان من باب المدينة المواجه للصحراء ، قبل أن تغرب الشمس فتغلق الأبواب ، ولا يسمح الحراس لأحد بالدخول أو الخروج ، حتى تطلع الشمس من جديد . ووجدت الأميرة في نفسها شيئاً من التردد ، ولكن نظرة منها إلى الزينات التي كادت تتم ، والأنوار التي بدأت توقد ، بعثت في جسمها هزة، وفى نفسها ثورة ، وملأت قلبها بالغيظ الفائر، والحقد الثائر، والنقمة تود لو تصبها على كل ما في المدينة . فاندفعت بلا تردد . وانطلقت العرافة والأميرة تجدان السير حتى اجتازتا حدود الوادي، فخرجتا إلى الفضاء العريض في الصحراء ؛ ولم يكن القمر قد بزغ بعد ، فأحست الأميرة بقشعريرة الخوف من الظلام الضارب على الآفاق ، وهمت أن تكر عائدة إلى المدينة لولا أن عاودتها صورة الزينات والأنوار ، وخيالات الملك والفتاة ، قمار الدم في عروقها وامتلأت عزيمة و إقداماً ، ولم يكن همها في هذه اللحظة أن تحول دون هذا الزواج فحسب ، بل ودت لو تحرق غريمتها ولو حرقت حبيبها أيضاً ولم يلبث القمر أن أطل على الصحراء المترامية الأطراف ، فغمرها بضوئه الفضى الشفيف ، وخيم على الكون كله ذلك ٧٤ الصمت الساحر الذي يبسطه القمر على الأكوان ، فسبحت الأميرة في أحلام غامضة ، لا تتبين فيها إلا أطيافا متراقصة مبهمة السمات ؛ ولم يكن هناك صوت ولا نأمة إلا وقع حوافر الحمارين في الرمال، ومالبث هذا الوقع أن غمره السكون الشامل ، فإذا هو نغمة رتيبة منسجمة في موسيقى الضوء والعضاء ، فهدأت فورة نفسها ، وغمرها شهور هاديء ، وبعدت عن خيالها صورة المدينة ، وغابت في الرؤى الغامضة التي تتراءى ولاتبين و بعد مسيرة ساعتين أدرك الأميرة التعب من مركبها الذي لم تعتده ، فهمت أن تسأل العرافة : إلى متى نحن نسير ؟ ولكن هذه فتحت فمها لأول مرة تقول : - ترجلي يا مولاتى فقد دخلنا وادى الشياطين . وقف شعر الأميرة وهي تسمع هذه الكلمات المرعبة ، وهمت أن تصرخ ، لولا أن أشارت إليها العرافة قائلة : حذار أن تفسدي كل شيء، وأن تهلكينا جميعاً . وترجلت الأميرة كما صنعت العرافة التي قيدت الحمار ين ، وربطتهما إلى صخرة ثانئة ، ثم أخذت بيد الأميرة تقودها في ان شعب ضيق ، لايكاد يتسع لها في المسير .. Yo وظلت العرافة تتمتم بكلمات غير مفهومة ، وتشير بيديها إشارات غريبة ، والأميرة صامتة قد استسلمت للقدر ، بعد أن لم يعد يجدي الحذر . و بعد مسيرة نحو نصف ساعة على الأقدام ، لاح للأميرة كهف في نهاية الطريق الضيق ، فالتفتت إلى العرافة تستفهم ، فأشارت إليها بأنه كهف الساحرة ومن معها من المردة والجان، وهم رفقاؤها في ذلك المكان ! فارتجف كيانها كله ، وتسمرت في مكانها لا تبرح . ولكن العرافة دفعتها إلى الأمام مشجعة بأنها قد تلت من التعاويذ والرقى ما يضمن لها السلامة . م و بعد خطوات كانتا على باب الكهف الضيق المظلم حيث لا يدخله ضوء القمر ، ونظرت الأميرة فرأت على ضوء مجمرة في وسط الكهف ، شبحاً يتحرك مكانه حركة خفيفة ، وهمست العرافة في أذنها : اتبعينى ولاتخافى وسارت الأميرة محنية الظهر خلف العرافة كيلا يصطدم رأسها بالصخر في سقف الكهف ، فلما صارتا أمام الشبح ، نظرت الأميرة فإذا عجوز معروقة الوجه ، ضامرة الخدين ، ناتئة الصدغين ، غائرة العينين ، منتكثة الشعر ، مخيفة النظرات ، كأنها إحدى الجنيات YT فارتجفت الأميرة ، ولكن العرافة تقدمت فجئت على ركبتيها ، وأخذت بطرف الثوب الخلق الذي ترتديه الساحرة فلثمته ، ثم أخذت من التراب الذي تحت قدميها وحثت منه على رأسها ، وأشارت إلى الأميرة أن تصنع صنيعها ، ففعلت وهي مأخوذة . ولما أتمت العرافة هذه المراسيم تناولت صرة كانت قد تسلمتها من الأميرة ، فدستها تحت الفروة التي تجلس عليها الساحرة ، وقالت : قطعنا السهل والجبل . إليك في الأمر الجلل . فقالت الساحرة : فات الأوان . فانتظرى دورة الزمان . . . ! ثم أشارت إليهما بالجلوس ، فجلستا على الأرض والمجمرة بينهما يفوح منها البخور ، وهى لاتكف عن التمتمة إلا ريثما تردد هذه الألفاظ المعدودة : فات الأوان ، فانتظرى دورة الزمان ! ولما فرغت من التمتمة نظرت إلى الأميرة وقالت : ستكونين منذ الليلة شريكتي في الدار . فما عاد لك في المدينة قرار . وفي حشاك الحقد والبغضاء . تحرق سكان الأرض والسماء . ولكن فات الأوان . فانتظرى دورة الزمان . وصمتت كأنما هذا فصل الخطاب ! ا وارتج كيان الأميرة كله ، وجحظت عيناها من الفزع وتحرك لسانها في اضطراب ولكني أريد ألا يتم هذا الزواج . قالت الساحرة : _ نفذ المقدور . ووقع المحذور . وفات الأوان . فانتظرى - - - دورة الزمان . قالت الأميرة – وقد فارقها الفزع والخوف ، وغلا في صدرها الحقد والغيظ : أقول لك : أريد أن لا يتم هذا الزواج . أريد الانتقام من غرينتى . بل أريد الانتقام منه . بل أريد تحطيم المدينة على من فيها ! قالت الساحرة : - لن يقف في طريقه شيء . فقد انتهى كل شيء قالت الأميرة . وهي تجز على أسنانها من الغيظ والحقد والمرارة - - ولكن . . ۷۷ . قالت الساحرة : - ليس هناك لكن، فلم تعد تدفع لكن.. انظرى واقرني . . . VA و دست يدها في شق في الصخر ، فتناولت ورقة بردى ملفوفة يعلوها التراب وفضتها ! ثم قربتها من عينى الأميرة ، فتطاعت إليها هنيهة ، ثم ردتها إليها وهى تقول - تلك خطوط ورموز ، ولا علم لى بالخطوط والرموز قالت الساحرة : إذن فاسمعى وأنصتى، و إذا عرفت فاسكتى: - « يتزوج الملك تاسو ، من فتاة الغابة ساسو . أما الخطيبة الأميرة ، فترتد ساحرة شريرة ، تسكن الصخر والرمال ، بين السماء والجبال . فإذا آن الأوان ، وتعين الزمان . جاءت إليها فتاة ، في مقتبل الحياة ، عاشقة مهجورة ، كحالة الأميرة ، تطلب منها الانتقام ، في ساعة الخصام ، فينفذ المقدور ، ويقع المحذور، وتسحر المدينة ، فتشتفى الضغينة !. . . شاهت الوجوه . شاهت الوجوه . شاهت الوجوه » . و بينما كانت الأميرة تستمع والساحرة تقلو ، والبخور يتصاعد، كان وجه الأميرة بر بد شيئاً فشيئاً ، وسحنتها تنقلب قليلا قليلا ، وجسمها ينتفض انتفاضة الغيظ، وعيناها تقدحان بالحقد؛ فما أتمت الساحرة قولها ، حتى تبدلت تبدلا غريباً ، فغارت عيناها ، ونتأ صدغاها، وانتكت شعرها ، و بدا في نظراتها الشر، وتحولت من - صورة الإنسيات إلى صورة الجنيات، راحت تردد بصوت مسموع :
– يتزوج الملك تاسو. من فتاة الغابة ساسو. أما الخطيبة الأميرة، فترتد ساحرة شريرة… الخ. وهى تحثو على رأسها التراب، وترقص رقصات جنونية هستيرية، في هيئة تقشعر لها الأبدان. وما هي إلا لحظة حتى امتلأ المكان بأشباح لا عد لها ولا حصر، تحثو على رأسها التراب، وترقص رقصاتها الهستيرية وتردد معها الكلمات في صوت مبحوح، يثير الرعب والفزع. فما لبثت العرافة أن خرجت راكضة، وهي تتلو التعاويذ، والشعب كله يدوى بعزيف الجان
وأدرك شهر زاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح...
هذا العمل في الملك العام في مصر وفق قانون حماية الملكية الفكرية لسنة 2002، إما لأَنَّ مُدة الحماية الَّتي كان يتمتع بها انقضت وَفقاً لأَحكام المواد 160–163 منه أو لأن العمل غير مشمول بالحماية بموجب المادتين 141 و142 منه.
|