من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي
|
|
وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي
|
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
|
|
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
|
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
|
|
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
|
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
|
|
وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
|
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
|
|
وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ
|
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
|
|
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
|
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني
|
|
وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
|
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني
|
|
أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحِينَ وَفاتي
|
أَرى لِرِجالِ الغَرْبِ عِزّاً وَمَنعَةً
|
|
وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
|
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
|
|
فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ
|
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَرْبِ ناعِبٌ
|
|
يُنادي بِوَأْدِي في رَبيعِ حَياتي
|
وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ
|
|
بِما تَحتَهُ مِن عَثْرَةٍ وَشَتاتِ
|
سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً
|
|
يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي
|
حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ
|
|
لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ
|
وَفاخَرتُ أَهلَ الغَرْبِ وَالشَرْقُ مُطرِقٌ
|
|
حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ
|
أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً
|
|
مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ
|
وَأَسْمَعُ لِلكُتّابِ في مِصْرَ ضَجَّةً
|
|
فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي
|
أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ
|
|
إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
|
سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى
|
|
لُعَابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ
|
فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً
|
|
مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ
|
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ
|
|
بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
|
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في البِلَى
|
|
وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
|
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ
|
|
مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ
|