الروضة الندية شرح الدرر البهية/كتاب الجنائز/فصل ويجب دفن الميت في حفرة تمنعه من السباع
ويجب دفن الميت أي مواراة جيفته في حفرة قبر بحيث لا تنبشه السباع و تمنعه من السباع ولا تخرجه السيول المعتادة ولا خلاف في ذلك ، وهو ثابت في الشريعة ثبوتاً ضرورياً ، وقال النبي (ﷺ) : احفروا واعمقوا وأحسنوا أخرجه النسائي والترمذي وصححه .
ولا بأس بالضرح واللحد أولى لأن اللحد أقرب من إكرام الميت ، واهالة التراب على وجهه من غير ضرورة سوء أدب ، ودليله حديث أن أبا عبيدة بن الجراح كان يضرح وأن أبا طلحة كان يلحد وقد أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف . وأخرج أحمد وابن ماجه من حديث أنس قال : لما توفي رسول الله (ﷺ) كان رجل يلحد وآخر يضرح فقالوا : نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه ، فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فلحدوا له وإسناده حسن ، فتقريره (ﷺ) للرجلين في حياته هذا يلحد وهذا يضرح يدل على أن الكل جائز ، وأما أولوية اللحد فلحديث ابن عباس قال : قال رسول الله (ﷺ) : اللحد لنا والشق لغيرنا أخرجه أحمد وأهل السنن وقد حسنه الترمذي وصححه ابن السكن مع أن في إسناده عبد الأعلى بن عامر وهو ضعيف . وأخرج أحمد والبزار وابن ماجه من حديث جرير نحوه وفيه عثمان بن عمير وهو ضعيف ، وقد ذهب إلى ذلك الأكثر ، وحكى النووي في شرح مسلم اتفاق العلماء على جواز اللحد والشق ، وعلى كل حال اللحد أولى للخروج من الريبة وإن كان المقام مقام إحتمال .
ويدخل الميت من مؤخر القبر لحديث عبد الله بن زيد أنه أدخل ميتاً من قبل رجلي القبر وقال : هذا من السنة أخرجه أبو داود . وأخرج ابن ماجه من حديث أبي رافع قال : سل رسول الله (ﷺ) سعد بن معاذ سلاً وقد روى الشافعي من حديث ابن عباس وأبو بكر النجاد من حديث ابن عمر أن النبي (ﷺ) سل من قبل رأسه سلاً وقد روى البيهقي من حديث ابن عباس وابن مسعود وبريدة أنهم أدخلوا النبي (ﷺ) من جهة القبلة وقد ضعفها البيهقي ، ولا يعارض السنة ما وقع من بعض الصحابة عند دفنه (ﷺ) .
ويوضع على جنبه الأيمن مستقبلاً وهو مما لا أعلم فيه خلافاً .
ويستحب حثو التراب من كل من حضر ثلاث حثيات لحديث أبي هريرة أن النبي (ﷺ) صلى على جنازة ثم أتي قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثاً أخرجه ابن ماجه وأبو داود وإسناده صحيح ، لا كما قال أبو حاتم وأخرج البزار والدار قطني من حديث عامر بن ربيعة أن النبي (ﷺ) حثى على قبر عثمان بن مظعون ثلاثاً وفي الباب غير ذلك .
ولا يرفع القبر زيادة على شبر لحديث علي عند مسلم وأحمد وأهل السنن أنه بعثه رسول الله (ﷺ) على أن لا يدع تمثالاً إلا طمسه ولا قبراً مشرفاً إلا سواه وفي مسلم أيضاً وغيره من حديث جابر أن النبي (ﷺ) نهى أن يبني على القبر وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله (ﷺ) رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء ورفعه شبراً .
أقول : الأحاديث الصحيحة وردت بالنهي عن رفع القبور ، وقد ثبت من حديث أبي الهياج ما تقدم ، فما تصدق عليه أنه قبر مرفوع أو مشرف لغة فهو من منكرات الشريعة التي يجب على المسلمين انكارها وتسويتها من غير فرق بين نبي وغير نبي ، وصالح وطالح ، فقد مات جماعة من أكابر الصحابة في عصره (ﷺ) ولم يرفع قبورهم ، بل أمر علياً بتسوية المشرف منها، ومات صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرفع قبره أصحابه ، وكان من آخر قوله لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ونهى أن يتخذوا قبره وثناً ، فما أحق الصلحاء والعلماء أن يكون شعارهم هو الشعار الذي أرشدهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم ، وتخصيصهم بهذه البدعة المنهي عنها تخصيص لهم بما لا يناسب العلم والفضل ، فإنهم لو تكلموا لضجوا من إتخاذ الأبنية على قبورهم وزخرفتها ، لأنهم لا يرضون بأن يكون لهم شعار من مبتدعات الدين ومنهياته ، فإن رضوا بذلك في الحياة كمن يوصي من بعده أن يجعل على قبره بناء أو يزخرفه فهو غير فاضل ، والعالم يزجره علمه عن أن يكون على قبره ما هو مخالف لهدي نبيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، فما أقبح ما ابتدعه جهلة المسلمين من زخرفة القبور وتشييدها ، وما أسرع ما خالفوا وصية رسول الله (ﷺ) عند موته ، فجعلوا قبره على هذه الصفة التي هو عليها الآن ، وقد شد من عضد هذه البدعة ما وقع من بعض الفقهاء من تسويغها لأهل الفضل حتى دونوها في كتب الهداية والله المستعان ، ومثل هذا التسويغ الكتب على القبور بعد ورود صريح النهي عن ذلك في الأحاديث الصحيحة كأنه لم يكف الناس ابتداعهم في مطعمهم ومشربهم وملبوسهم وسائر أمور دنياهم ، فجعلوا على قبورهم شيئاً من هذه البدع لتنادي عليهم بما كانوا عليه حال الحياة ، وتغالوا في ذلك حتى جعلوه مختصاً بأهل العلم والفضل . اللهم غفراً . وماجعلوه وجهاً لرفع القبور وهو تمييزها لأجل الزيارة ، فهذا ممكن بوضع حجر على القبر ، أو بوضع قضيب أو نحو ذلك ، لا بتشيد الأبنية ورفع الحيطان والقبب وتزويق الظاهر والباطن .
والزيارة للموتى مشروعة أي زيارة القبور لحديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمة فزوروها فإنها تذكر الآخرة أخرجه الترمذي وصححه وهو في الصحيح مسلم . وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة بنحو ذلك وفي الباب أحاديث وقد قيل بإختصاص ذلك بالرجال لحديث أبي هريرة أن النبي (ﷺ) لعن زوارات القبور أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه وابن حبان في صحيحه . وفي الباب عن حسان بن ثابت عند أحمد وابن ماجه والحاكم وعن ابن عباس عند أحمد وأهل السنن والحاكم والبزار بإسناد فيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف . وقد وردت أحاديث في نهي النساء عن اتباع الجنائز وهي تقوي المنع من الزيارة وروى الأثرم في سننه والحاكم من حديث عائشة أن النبي (ﷺ) رخص لهن في زيارة القبور وأخرج ابن ماجه عنها مختصراً أن النبي (ﷺ) رخص في زيارة القبور فيمكن أنها أرادت الترخيص الواقع في قوله (ﷺ) فزوروها كما سبق ، فلا يكون في ذلك حجة ، لأن الترخيص العام لا يعارض النهي الخاص ، لكنه يؤيد ماروته عائشة ما في صحيح مسلم عنها أنها قالت : يارسول الله كيف أقول إذا زرت القبور قال : قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين الحديث : وروى الحاكم أن فاطمة رضي الله تعالى عنها كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة ويجمع بين الأدلة بأن المنع لمن كانت تفعل في الزيارة ما لا يجوز من نوح ونحوه والإذن لمن لم تفعل ذلك .
أقول : استدلوا للجواز بأحاديث الإذن العام بالزيارة وغير خاف على عارف بالأصول أن الأحاديث الواردة في النهي للنساء عن الزيارة والتشديد في ذلك حتى لعن (ﷺ) من فعلت ذلك . بل وردت أحاديث صحيحة في نهيهن عن إتباع الجنائز ، فزيارة القبور ممنوعة منهن بالأولى وشدد في ذلك حتى قال للبتول رضي الله عنها : لو بلغت معهم . يعني أهل الميت . الكدي ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك فهذه الأحاديث مخصصة لأحاديث الإذن العام بالزيارة ، لكنه يشكل على ذلك أحاديث أخر منها حديث عائشة المتقدم ، أن النبي (ﷺ) علمها كيف تقول إذا زارت القبور . ومنها ما أخرجه البخاري أن النبي (ﷺ) مر بإمرأة تبكي على قبر ولم ينكر عليها الزيارة . قال القرطبي : اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة يعني لفظ زوارات قال : ولعل السبب مايفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج .
ويقف الزائر مستقبلاً للقبلة لحديث أنه جلس رسول الله (ﷺ) مستقبل القبلة لما خرج إلى المقبرة أخرجه أبو داود من حديث البراء ، وهو (ﷺ) خرج في هذا الحديث مع جنازة فأفاد مشروعية قعود من خرج من الجنازة مستقبلاً حتى يدفن ، وكذلك مشروعية الإستقبال للزائر لكونه قد خرج إلى المقبرة كما يخرج من معه جنازة وقعد كما يقعد . وقد كان (ﷺ) يقول عند الزيارة : السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية فينبغي للزائر أن يقول كذلك . وقال في الحجة : وفي رواية السلام عليكم ياأهل القبور يغفر الله لنا ولكم وأنتم سلفنا ونحن بالأثر والله تعالى أعلم .
ويحرم إتخاذ القبور مساجد الأحاديث في ذلك كثيرة ثابتة في الصحيحين وغيرهما ولها ألفاظ منها : لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وفي لفظ قاتل الله اليهود ، الحديث : وفي لفظ لاتتخذوا قبري مسجداً وفي آخر لا تتخذوا قبري وثناً وإتخاذ القبور مساجد أعم من أن يكون بمعنى الصلاة إليها أو بمعنى الصلاة عليها . وفي مسلم لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ولا عليها قال البيضاوي : وأما من اتخذ مسجداً في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا لتعظيم له ولا لتوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد انتهى . وتعقبه في سبل السلام وقال : قوله لا لتعظيم له يقال إتخاذ المسجد بقربه وقصد التبرك به تعظيم له . ثم أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر . والظاهر أن العلة سد الذريعة ، والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان التي تعظم الجمادات التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر ، ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية ، ولأنه سبب لا يقاد السرج عليها الملعون فاعله . ومفاسد مابني على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر . وقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس لعن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج وقد حققنا ذلك في رسالة مستقلة إنتهى .
وزخرفتها لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : ما أمرت بتشييد المساجد أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان . قال ابن عباس : لنزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى والتشييد رفع البناء وتزيينه بالشيد وهو الجص ، والحديث ظاهر في الكراهة أو التحريم لقول ابن عباس كما زخرفت اليهود والنصارى فإن التشبه بهم محرم ، وذلك أنه ليس المقصود من بناء المساجد إلا أن تكن الناس من الحر والبرد وتزيينه يشغل القلوب عن الإقبال عن الطاعة ويذهب الخشوع الذي هو روح جسم العبادة ، والقول بأنه يجوز تزيين المحراب باطل . قال المهدي في البحر : إن تزيين الحرمين لم يكن برأي ذي حل وعقد ولا سكوت رضا أي من العلماء ، وإنما فعله أهل الدول الجبابرة من غير مؤاذنة لأحد من أهل الفضل ، وسكت المسلمون والعلماء من غير رضا وهو كلام حسن . وفي قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ما أمرت إشعار بأنه لا يحسن ، فإنه لو كان حسناً لأمره الله تعالى به صلى الله تعالى عليه وآله وسلم . وأخرج البخاري من حديث ابن عمر أن مسجده (ﷺ) كان على عهده مبنياً باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً . وزاد فيه عمر وبناه على بنائه في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشباً ، ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كبيرة وبنى جدرانه بالأحجار المنقشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج . قال ابن بطال : وهذا يدل على أن السنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تحسينه ، فقد كان عمر رضي الله تعالى عنه مع كثرة الفتوحات في أيامه وكثرة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه ، وإنما إحتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه ثم قال عند عمارته أكن الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس ثم كان عثمان المال في زمنه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة ومع ذلك أنكر بعض الصحابة عليه . وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك ، وذلك في أواخر عصر الصحابة ، وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفاً من الفتنة فتأمل .
وتسريجها لحديث لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وفي إسناده أبو صالح باذام وفيه مقال . وأخرج أحمد ومسلم وأهل السنن عن جابر قال : نهى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبني عليه وزاد الترمذي وأن يكتب عليه وأن يوطأ وصححه وأخرج النهي عن الكتابة أيضاً النسائي . وقال الحاكم أن الكتابة وإن لم يخرجها مسلم فهي على شرطه .
والقعود عليها لما أخرجه مسلم وأحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة قال : لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر وأخرج أحمد بإسناد صحيح عن عمرو ابن حزم قال : رآني رسول الله (ﷺ) متكئاً على قبر فقال لا تؤذ صاحب هذا القبر قال في الحجة البالغة : ومعنى أن لا يقعد عليه قيل : أن يلازمه المزورون ، وقيل : أن يطؤا القبور ، وعلى هذا فالمعنى إكرام الميت ، فالحق التوسط بين التعظيم الذي يقارب الشرك وبين الإهانة وترك الموالاة به .
وسب الأموات لقوله (ﷺ) لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ماقدموا أخرجه البخاري وغير من حديث عائشة . وأخرج أحمد والنسائي من حديث ابن عباس لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا وفي إسناده صالح بن نبهان وهو ضعيف ولكنه يشهد له ما ورد بمعناه من حديث سهل بن سعد والمغيرة .
أقول : أما السباب للأموات من الشافعين لهم القائمين بالصلاة عليهم فما لهذا حمل الحاملون الجنازة إليهم ، فإذا كان لا يستجيز الدعاء للميت كمن يكون مثلاً معلوم النفاق فيدعو المصلى لنفسه ولسائر المسلمين إذا ألجأته الضرورة إلى الصلاة عليه ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، طوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب الناس . قال بعض المقصرين لرجل من أهل العلم ألا تلعن فلاناً قال : وهل تعبدنا الله بذلك قال : نعم ، قال : فمتى عهدك بلعن الشيطان وفرعون ، فإنهما من رؤس هذه الطائفة التي زعمت أن الله تعبدك بلعنها قال : لا أدري قال : لقد فرطت فيما تعبدك الله به وتركت ما هو أحق بما تفعل فعرف ذلك المقصر خطأه .
والتعزية مشروعة لحديث من عزى مصاباً فله مثل أجره أخرجه ابن ماجه والترمذي والحاكم من حديث ابن مسعود وقد أنكر هذا الحديث على علي بن عاصم . وأخرج ابن ماجه من حديث عمرو بن حزم عن النبي (ﷺ) قال : ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة ورجال إسناده ثقات . وأخرج الشافعي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : لما توفي رسول الله (ﷺ) وجاءت التعزية سمعوا قائلاً يقوم : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفاً من كل هالك ، ودركاً من كل فائت ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، وفي إسناده القاسم بن عبيد الله بن عمرو وهو متروك . وأخرج البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد قال : كنا عند النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبياً لها أو إبناً لها في الموت فقال للرسول : ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شئ عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب فينبغي التعزية بهذه الألفاظ الثابتة في الصحيح ولا يعدل عنها إلى غيرها .
وكذلك إهداء الطعام لأهل الميت لحديث عبد الله بن جعفر قال : لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي (ﷺ) : اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن السكن وحسنه الترمذي . وأخرج نحوه أحمد الطبراني وابن ماجه من حديث أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر . وأخرج أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح من حديث جرير قال : كنا نعد الإجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة ولا يعارض هذا ما قد ثبت عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشرف وكرم .