انتقل إلى المحتوى

التيجان في ملوك حمير/عمرو بن جفنة أول من تتوج من ملوك غسان بالشام

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
 

عمرو بن جفنة أول من تتوج من ملوك غسان بالشام

وان عمرو بن جفنة نزل أرض البلقاء أرضاً يقال لها (بالعة) وبلغ ذلك قيصر دقيوس أن ملكهم حارثة خرج يريد أرض العرب ولم يبق إلا أناس فجمع إليهم روم البلقاء وأمر سليح أن تعين الروم فقالت سليح نغدر بإخواننا وقد لجئوا إلينا ولم نر منهم إلا خيراً فقال لهم رجل منهم إنكم بين أمرين إما قيصر وإما غسان فكونوا بأجسامكم مع قيصر وبقلوبكم مع غسان ففعلوا فالتقوا بالبلقاء فاستدعت سليح الهزيمة على الروم وغمهم تطاول الروم عليهم وغدرتهم بغسان فقتلت غسان من الروم بالبلقاء مقتلة عظيمة فقال في ذلك عمرو بن جفنة

كأن الجماجم بيض النعام
بقارعة الشعب من بالعه
أقمنا الظبي في رؤوس العدى
نقد بها في الوغى قاطعة
على كل طرف رفيع القذال
وقباء سلهبة رائعة

ثم أنهم التقوا مرة ثانية بمرج الظباء وهو يوم حليمة فتداعت عليهم الروم وكثروا وبنو جفنة قليل ومن كان معهم قليل فصبروا للروم فاقتتلوا قتالاً شديدا فلما رأى عمرو بن جفنة قلة قومه وازدياد الروم وتكالبهم عليهم وسليح وكنانة وجذام مع الروم على غسان ورأى ذلك زيد بن نمر الكناني نادى يا آل حلب تأنف النفوس من هذا ما ترون الروم يقتلون غسان ويهدمون بني قحطان ونحن نسر بذلك ونعين عليهم وإن عمرو بن جفنة قال يا بني جفنة أطيعوني في أمر أشير به عليكم قد افترق عنكم من هولكم وفشت فيكم الجراح وتكالبت العلوج عليكم والله لأمرن السيف على ودجي قبل أن أولي ظهري أعجمياً قال له رأيك يا عمرو فأرسل إلى القيصر في المهادنة فأرسل إليه القيصر – لا صلح حتى ترموا سلاحكم وتسلموا أنفسكم للبلاء فقال في ذلك غسان بن جذع ابن سنان

لعمري لقد فاز الذين تقدموا
وصاروا إلى عز ولم يتذللوا
فما الموت عار أن يصاب به الفتى
ولكن عاراً أن يزول التجمل
فلا تخضعوا للدهر عند ملمسه
فكل الذي يؤتى به المرء ينزل

ثم نهض للقتال مع غسان فأرسل إليهم قيصر أن احبسوا سلاحكم واسمعوا وأطيعوا – فأرسل إليهم عمرو بن جذع بن سنان فقال له نحن قوم لم تجر علينا طاعة لأحد غير تبع وكانت علينا وعليكم ولكن أرى ما أحببت غير هذين فقال – أعطوني ديناراً جزية عن كل واحد منكم – فصالحوه على أن يعطوه كتاب التيجان دينار اعن كل واحد .. واتي رسول قيصر بجى المال من غسان فنزل باب دمشق فسمى باب الجابية الى اليوم .. ثم ان غسان اخذتهم سنة جدية فنزلوا بواد يقال له المخفف و شتوا فيه في جهد شديد .. ثم ان عاملا لقيصر من سلميح يقال له و وسيط بن عوف الضجعمى أرسله قيصر الى غسان وامره فيهم بالغلظة وقال لرجاله القوا بهم الشر بالشرفان كان شراكان برؤ سهم وان كان خيرا فلنا وان وسيطا اتى غسان ليستوفي منهم الاتاوة في اصحابه ومعه نفر من الروم و من وجوه روم الشام تجمع وسيط الاتاوة حتى انتهى الى دار جذع بن سنان فوجدوه و امرأته تغسل رأسه و في رأسه شيب كثير فضحكت الروم وعلم ذلك جذع و اسره في نفسه ـ فلما نظرت امرأة جذع الى وسيط وجماعة الروم القت بكمها على رأسها وكانت من اجمل النساء فجعلوا يختلسون النظر اليها وجذع ينظر .. فقال لها وسيط اعطيني ماعليك واتركي جذعا فقال له جذع ياوسيط امانرى ما نحن فيه من الهزال وما بينك وبين الخصب الا انسلاخ هذا الشهر فاصبر الى ان تأخذ فقال له وسيط ما انا بفاعل قال جذع .. اصبر اغسل رأسي واعطيك فة لله رجل من الروم .. دع الكلب يغسل صوفه ـ فقال له وسيط و الله لكن لم تسجلن لآخذن بيد امرأتك فقام جذع وترك الغسل ـ و قال على بنى و بنی اخى اودى عنهم فنادى بهم فاتوه ثم دخل بيته فاخذ سيفه ثم قبض على القائم واعطى وسيطا النمل فاخذها وسيط فضر به جذع بالسيف بعد ان اخرجه وضرب رأسه الى الارض و قال لبنيه وبنى أخيه ــ عليكم بالعلوج فتوا ثبوا الى العلوج فقتلوهم اجمعين واخذوا مامعهم من المال الذي جمعوه من غسان .. ثم قال (لا يرد الشر الا الشر) فذهبت مثلا .. ثم نادى في غسان و ٢٨٨ (36) كتاب التيجان من اعطى شيأ فليأخذه فاخذ كل رجل منهم ما له و اخذ جذع وبنوه مال الروم وكساءهم وكانوا مائة رجل ـ و اجتمعت سليح لقتل وسيط واشتعلت الحرب بين الروم وغسان و نصرت سليح الروم فقا تلهم غسان واتى حارثة ابن ثعلبة العنقاء في سي عمه وسى جفنة وعدد عظيم من الازد الى الروم فجمع جمعا عظيما وانى بهم الى غسان فاقتتلوا بالمحفف(١)فقاتلوهم قتالا شديدا فانهزم قيصر الى الدرب فارسل الى غسان و خشى ان يدخل عليه من الخلل في ملكة وخشان يفتق عليه مالا يستطيع رتقه .. و قال لهم ان الرعيـة قد ظلمتكم و لم اعلم يظلمكم الى الآن فصا لحوه على ما اراد وا وعظم ملك عمر و بن علية وسى جفنة ـ وعمرو هو اول ملك من آل جفنة متوج بالشام حتى اخرجهم جبلة بن الايهم ـ فقال في ذلك رجل من غسان يقال له حبة بن الاسود فن مبلغ عنا بما نی قو منا با نا قتلنا با لمحفف ضجها قتـا سليحا والذين تضجعموا باسيافنا اذصير واالامر مبهما ار دواليجروا عند ذلك جزية علينا و يضحى ما لناتم منها و ما ان قتلناهم يا كثر منهم ولكن يا ولى بالطعان واكرما. با ارادملوك الروم ان يبلغوا العلا فلاق و سيطا نحبه يقطر الدما فذوقو امن الوجد الذي هو دائم فان لكم يوماعبوسا عرمرما قال .. ثم ان الروم صالحت غسان على ان انسان ملك الشام وان لاشرافهم بالشام مالاشراف الروم بارض الروم وان لملكهم طعمة على الروم وعلى الروم ان دهمت غسان شدة اربعة آلاف فارس و ثمانية آلاف راجل فلبثوا في ذلك دهرا ثم ان الملك حارثة بن ثعلبة ترك بني عمه با نشام و سار حارثة يريد يثرب بمن معه من ولده وولدولده وسار معهم ثعلبة بن جفنة اخو (١) كذا - و لم نجد ه -- ح * ٢٨٩ کتاب التيجان عمرو بن جفنة ومعهم جذع بن سنان فوردوا يترب فنزلوا بسؤار واهل يثرب يومئذ اليهود و ملكهم شريف بن كعب اليهودي فقال لحارثة بن ثعلية ـ لاندعك تقيم معنا الاعلى شرط وعهد تكتبونه بيننا وبينكم قال له حارثة وما هو ـ قال ـ تكتبون عهدا بين بنی اسرائیل و غسان ان اليهود لان حاضرة وان غسان لليهود بادية - فقال جذع - عاهدوهم حتى تعفى اموالكم وتستريح دوابكم و انفسكم فانه يحدث بعد الامر امروهم عجيم والعجم لا تقيم على عهد الاعلى الذل والخوف .. ولا يصبرون على خطة وانكم تجدون فيهم ماتريدون فنزلوا وكتبوا المهدواقامو از مانا .. وان رجلا من غسان اشترى من يهودي كرباسة باربعة دراهم فاشترط عليه النسانى ازير بهالاهله فان لم يرضوها ردها عليه ورداليهودي عليه دراهمه واشهد رجالا من غسان كانوا بحضرته ـ وان المساني لم يرضوا اهله الكرباسة فردها على اليهودي فابيان يقبلها منه اليهودي ورجع الغساني راجعليها الى اهله فسبوه وقالواله فزعت من اليهودى .. فردها إلى اليهودي ثانية فسبه فانتهره .. فترافعا الى شريف بن كعب واتي الغساني بالشهود النسا نيين فشهدوا أنه قد اشترط عليه ردها ان لم يرضوها اهله ـ فقال لهم شريف .. أنتم معاشر غسان لكم أنفة وانفتكم تحملكم على شهادات الزور ـ قال له شهاب بن عبدالله الغسان كذبت بل لنا احساب تمنعنا من شهادات الزور بلى قد كان بينها ما كان ا و لكن انتم يا شريف بكل ارض اذلاء الابارض العرب فكيف لا تسرع بلسانك في سبهم ولو البسوك الذلة وكسوك المسكنة لعرفت لهم حقهم ثم سار بقومه فولى بهم و ان صاحب الكرباسية اتى الى جذع بن سنان فشكا اليه مانزل به من اليهودي ومن اهله فمشى جذع اليه و كله وقال له خذ من كتاب التيجان من الرجل كر باستك وردعليه دراهمه .. فقال له اليهودي .. يا امور امرتی عينك الواحدة فامهل حتى تأمرنى عينك الاخرى .. فولى جذع واخذ يد صاحبه و خلابه وقال له ـ ويحك ان قومي قد تشاء موابي واني لا احمل فيهم ضبا و ا نصب ر و حی غرضا د و نهم و انى اجنى عليهم الجنايات واسوق اليهم الحروب و ساباغ مرضاتك فاصدقتي الخبر على وجهه ان كنت ظالما أو مظلوما فانه اطيب لنفسي ـ خلف له النساني انه مظلوم - فبعث جذع الى ابن اخت له ان اجلب الي قومك .. فلما أتاه بهم قال لهم مروا بناتكم يدخلن يثرب على نساء اليهود يضر بن نساءهم وكونوا انتم على أهبة وخذوا لا ماتكم فاذا سم.تم الصيحة اقتلو امن وجدتم من اليهود واسكنوا في المدينة فلم يتحرموا علينا الا بهذه المدينة ـ و ان جذعامضى الى صاحب الكرباسة فجلس بازائه فلما وقعت الصيحة كان اول قتيل قتله جذع ثم قامت الصيحة في السوق فانتهبته غسان وقتلوا من فيه فلم تصل الصيحة الى منزل شريف الاوغسان في المدينة ـ فما وصل الى المدينة وكان بين منزل شريف و بين المدينة عشرة اميال وان غسان تمكنوا منها واخذوا ما كان فيها من مال وسلاح وثياب و تقووا به غسان ـ ثم حبسوا نساء اليهود عندهم واتفوهـا (١) فلما رأى اليهود ما لقوا من قتل الانفس ونهب الاموال وسبى الذراري طلبوا الصلح و مفادة الا ولاد ـ ثم ارسلوا الى من كان منهم من يهود الشام يستنصرون بهم على غسان وجعلوا ذلك مكرا وخديعة و بلغ الأمر الى حارثة الملك وما اجتمع الى يهود من اخوانهم من أهل خيبر وفدك والموالى و الشام ـ فقال لجذع ـ ما ترى فقال له جذع كلما كثروا كان اضعف لهم ولكن ابعث اليهم بالصلح فصالحوهم على أن يعطوهم من (1) في الاصل – والعرها - وهوغير واضح * حوزة يثرب ومنازلهم ما يكفيهم ويسعهم وينزلون معهم ويجاورونهم ففعلت اليهود ذلك ورضوا به ونزلت الاوس والخزرج بيثرب وسكنوا فيها*

قال أبو محمد ولما كان الوقت الذي أراد الله فيه خراب السد انهدم فأرسل الله سيل العرم ففاض على الأرض فاحتملها فلم يبق منها إلا ما ذكر الله في كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم ﴿لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإࣲ فِی مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةࣱۖ جَنَّتَانِ إلى قوله ﴿أُكُلٍ خَمۡطࣲ الآية وقد قال في ذلك كثير من العرب الأخبار والأشعار – قال الأعشى

وفي ذاك للمؤتسى أسوة
بمأرب عفى عليها العرم
رخام بناه لها حمير
إذا جاء دفاعه لم يسرم
فاروى الزروع وأعنابها
على سعة ماؤهم إذ قسم
فساروا أيادي لا يقدرو
ن منها على شرب طفلفطم

وقد ذكرته العرب في أخبارها وأشعارها في مواضع كثيرة