البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/كلام الرب تعالى مع نوح عليه السلام وسؤاله إياه عن البلاغ

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



كلام الرب تعالى مع نوح، عليه السلام، وسؤاله إياه عن البلاغ


كما قال الله تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [الأعراف: 6].

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله «يدعى نوح، عليه السلام، يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم. فيدعى قومه، فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير» أو«ما أتانا من أحد». قال«فيقال لنوح: من يشهد لك ؟ فيقول: محمد وأمته». قال: " فذلك قوله: ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143]. قال«والوسط العدل»، قال«فيدعون، فيشهدون له بالبلاغ». قال«ثم أشهد عليكم».

وهكذا رواه البخاري، والترمذي، والنسائي، من طرق عن الأعمش، به، وقال الترمذي: حسن صحيح.

[ص:485] وقد رواه الإمام أحمد، بلفظ أعم من هذا، فقال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله «يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، وأكثر من ذلك، فيدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم. فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. فيدعى وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم. فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا، فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا. فذلك قوله: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس قال: يقول:» عدلا، لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [البقرة: 143]. وهكذا رواه ابن ماجه، عن أبي كريب، والإمام أحمد بن سنان، كلاهما عن أبي معاوية.

قلت: ومضمون هذا أن هذه الأمة يوم القيامة يكونون عدولا عند سائر الأمم والأنبياء، ولهذا يستشهد بهم سائر الأنبياء على أممهم، ولولا اعتراف أممهم بشرف هذه الأمة لما حصل إلزامهم بشهادتهم.

وفي حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده معاوية بن حيدة، أن رسول الله قال«أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها، وأكرمها على الله عز وجل».