البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/ذكر تخريب الكعبة شرفها الله على يدي ذي السويقتين الأفحج الحبشي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
البداية والنهايةكتاب الفتن والملاحم – ذكر تخريب الكعبة شرفها الله على يدي ذي السويقتين الأفحج الحبشي​ المؤلف ابن كثير



ذكر تخريب الكعبة، شرفها الله، على يدي ذي السويقتين الأفحج الحبشي.


وروينا عن كعب الأحبار في " التفسير " عند قوله تعالى: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج [ الأنبياء : 96 ] أن أول ظهور ذي السويقتين في أيام عيسى ابن مريم، عليه السلام، وذلك بعد هلاك يأجوج ومأجوج، فيبعث إليه عيسى ابن مريم طليعة ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة، فبينما هم يسيرون إليه إذ بعث الله ريحا يمانية طيبة، فتقبض فيها روح كل مؤمن، ثم يبقى عجاج من الناس، يتسافدون كما تتسافد البهائم. ثم قال كعب: وتكون الساعة قريبة حينئذ. قلت: وقد تقدم في الحديث الصحيح أن عيسى عليه السلام يحج بعد نزوله إلى الأرض.

وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود الطيالسي، حدثنا عمران، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي عتبة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : «ليحجن هذا البيت، وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج». انفرد بإخراجه البخاري، فرواه عن أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن حجاج - هو ابن حجاج - عن قتادة بن دعامة به. قال: تابعه أبان وعمران، عن قتادة. وقال عبد الرحمن، عن شعبة، عن قتادة: «لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت». قال أبو عبد الله: والأول أكثر. انتهى ما ذكره البخاري.

وقد رواه البزار، عن محمد بن المثنى، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن أبان بن يزيد العطار، عنقتادة، كما ذكره البخاري. ورواية عمران بن داود القطان قد أوردها الإمام أحمد، كما رأيت.

وقال أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثناعبد العزيز، حدثنا شعبة، عن قتادة; سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث، عن أبي سعيد الخدري،عن النبي قال: «لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت». ثم قال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي سعيد، عن النبي إلا بهذا الإسناد.

قلت: ولا منافاة في المعنى بين الروايتين; لأن الكعبة يحجها الناس ويعتمرون بها، بعد خروجيأجوج ومأجوج وهلاكهم، وطمأنينة الناس وكثرة أرزاقهم في زمان المسيح، عليه السلام، ثم يبعث الله ريحا طيبة، فيقبض بها روح كل مؤمن ومؤمنة، ويتوفى نبي الله عيسى ابن مريم، عليه السلام، ويصلي عليه المسلمون، ويدفن بالحجرة النبوية مع رسول الله ، ثم يكون خراب الكعبة على يدي ذي السويقتين بعد هذا، وإن كان ظهوره في زمن المسيح، كما قال كعب الأحبار، والله سبحانه أعلم.