الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس/يحي بن ناصر
كان بها وخرج عنها بعد أن قام بها سبعة أيام فنزل بجبل إيجلين منتظرًا لقدوم المأمون وقاتله ولم يزل يحيى ينازع المأمون وولده الرشيد إلى أن قتل بفجّ عبد الله من أحواز رباط تازا قتله عرب المعقل غدرًا وذلك يوم الإثنين الثامن والعشرين من شهر رمضان المعظم سنة ثلاث وثلاثين وستّ مائة وحمل رأسه إلى الرشيد بمرّاكش فجميع دولة يحيى المعتصم ثلاثة آلاف يوم ومائة يوم وسبعة وتسعين يومًا أوّلها الأربعاء الذى بويع فيه وآخرها الأحد لكونه قتل يوم الاثنين الثاني له يجب لها من السنين تسعة أعوام وتسعة أيام كلّها مزاحمة للمأمون وولده الرشيد.
الخبر عن خلافة أمير المؤمنين أبي العلا بن المنصور الموحد
هو أمير المؤمنين إدريس المأمون بن يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي كنيته أبو العلاء لقبه المأمون، أمّه حرّة إسمها صفية بنت الأمير أبي عبد الله بن مردنيش صفته أبيض اللون أكحل العينين معتدل القدّ مليح الوجه فصيح اللسان فقيهًا حافظًا لحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم ضابطًا للرواية عارفًا بالقراءات حسن الصوت والتلاوة إمامًا فى علم اللغة والعربية والمعرفة بالأدب وأيام الناس كاتبًا بليغًا له التوقيعات العجيبة إمامًا في الحديث لم يزل فى أيام خلافته يقرئ كتاب الموطأ وكتاب البخاري وسنن أبي داوود عالمًا بأمور الدين والدنيا وكان مع ذلك شهما حازمًا مهابًا شجاعًا مقدامًا على عظائم الأمور إلّا أنه كان سفاكًا للدماء لا يتوقّف فيها طرفة عين، مولده بمالقة سنة إحدى وثمانين وخمس مائة ولي الخلافة والبلاد تضطرم نارًا قد توالى عليها الخراب والفتن والقحط والغلاء الشديد والخوف بالطرقات وقد تكالب العدوّ على أكثر بلاد المسلمين بالأندلس وبنوا حفص قد استبدّوا فى إفريقية وبنوا مرين قد دخلوا المغرب واستحوذوا على جميع بواديه وأخرجوا عليها عمالهم وحفاظهم فلم يدر ما يتلافى من ذلك فأنشد متمثّلاً بهذا البيت
بويع بيعته الأولى بإشبيلية يوم الخميس ثاني شوال من سنة أربع وعشرين وستّ مائة اجتمع عليه فى هذه البيعة جميع بلاد الأندلس وسبتة وطنجة من بلاد العدوة فلمّا كمل له ذلك أرسل إلى الموحدين الذين بمرّاكش ودعاهم إلى بيعته والفتك بأخيه