انتقل إلى المحتوى

الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس/قدوم ابو يعقوب برسم الجهاد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
 

الخبر عن قدوم الأمير ابي يعقوب من العدوة برسم الجهاد

لما خرج الأمير أبو يعقوب من بلاد العدوة الى الاندلس في جيوش وافرة من المجاهدين والمتطوعة سار حتى قرب من محلة والده امير المسلمين وبعث الى والده يخبره بقدومه فركب امير المسلمين الى لقائه وركب معه جميع من في محلته من المسلمين وانضاف كل واحد من بني مرين والعرب والاغزاز الى قبائلهم ولزموا رأيتهم واحتفل الناس للبروز وبرزت كل قبيلة بما عندها من العدد وتقدّمت الرجال والرماة أمام الخيل وميزت قبائل المتطوعة من المصامدة في ذلك اليوم في ثلاثة عشر الف رجل وميزت قبائل المغرب من أوربة وغمارة وصنهاجة ومكناسة وسدراتة ولمطة وبنى وارتين وبني يازغة وغيرهم في ثمانية آلاف رجل وأقبلت الجيوش والقبائل كل قبيلة منها منحازة عن الاخرى ولما قرب الامير أبو يعقوب من والده امير المسلمين ترجل امير المسلمين عن فرسه فوقف بازائه تواضعا منه لله تعالى وترجل الأمير أبو يعقوب فمشا على قدميه اداء لحق والده وتواضعا وادبا فلما وصل اليه قبل يديه وسلّم عليه ثم ركب أمير المسلمين وأمر ولده الأمير أبا يعقوب بالركوب فركب وأقبل الناس يسلمون بعضهم على بعض ويشكرون فعلهما واجتمعت الجيوش وضربت الطبول حتى ارتجت الارض وساروا الى المحلة فنزل امير المسلمين فى خباء الساقة ونزل معه ولده ابو يعقوب واشياخ بني مرين والعرب وأتى بالطعام فأكل الناس وانصرف الامير أبو يعقوب الى محلنه وانصرف معه الرماة الذين توجه معهم من ملاقة وكانوا مانتي رام، وفي يوم الاثنين الحادي والعشرين لربيع المذكور ركب أمير المسلمين في جميع جيوشه وقدم بين يديه الرجال والرماة فسار إلى حصن القناطير فقاتله المسلمون حتىدخلوا ربضه بالسيف واضرموا فيه النيران وقتلوا الرجال وسبوا النساء والذرية ما وجدوا به من البقر والغنم والدواب، وفى يوم الاربعاء الثالث والعشرين منه ارتحل أمير المسلمين بجميع محلته فبدل المنزل لانه استقدره لطول اقامةالناس به فعبر وادي لك ونزل الناس فى وسط الكروم والجنّات بقرب من شريش وقاتلوا في ذلك اليوم من وقت الصبح الى صلاة الظهر، وفى يوم الخميس الرابع والعشرين منه ركب أمير المسلمين في جميع المجاهدين الى شريش يقاتلها أيضا من طلوع الشمس إلى صلاة الظهر وانصرف الى بيته، وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين منه عقد أمير المسلمين لولده الامير الى يعقوب على جيش من خمسة آلاف فارس وأمره ان يتوجه بهم الى غزو اشبيلية ويجوز الوادى الكبير فيغنم ما في عدوته من البلاد فخرج بعد صلاة الظهر من يومه ذلك وتبعه أمير المسلمين الى طرف المحلة وأوصاه بتقوى الله تعالى ودعا له وودعه ورجع عنه فوقف على باب شريش فقاتلها إلى العصر ثم دار باسوارها ورجع إلى المحلة، وفى يوم السبت التالى له أمر أمير المسلمين المسلمين ولده الأمير ابا معرف أن يركب فى جيش المجاهدين فيقاتل شريش وبلازمها بالحرب في كل يوم فسار اليها وقاتلها النهار كله الى الليل ولم يزل الأمير أبو معرف يتردّد بجيوش المسلمين الى شريش في كل يوم فيقاتلها من أول النهار إلى الليل فكان يقتل كل يوم منهم خلقا كثيرا ويسبى النساء والاولاد وسبب لزومه لقتالها والوقوف عليها ليمنعهم من الخروج الى مرافقهم وليتأمن المسلمون الذين انتشروا في الأرض لحصاد الزرع ودرسه، فكان الناس في هذه الايام كلها يخرجون من المحلة بالدواب فيحصدون الزرع ويدرسونه ويحملونه الى المحلة وتكثر الخيرات فيها وتوفرت الارزاق فكاد القمح والشعير والفواكه والادام لا يباع بها ولا يشترى والمجاهدون برغد من العيش فسارت المحلة بمنزلة قواعد المدن اجتمع فيها سائر اصناف الصناع والتجار، تعقد أسواقها من أهل البحث أنه رءا فيها أصناف الصناع كل قد تلبس بصناعته وحرف بحرفته ما عدا الحياكة خاصة واما سوق الغزل والكتانيين فقد كان بها واخذ سوق المحلة السهل والوعر اذا غاب رفيفك به فلا تكاد ان تلقاه الا بعد اليومين والثلاثة لكثرة الخلق، ولما خرج الامير ابو يعقوب من المحلة الى غزو اشبيلية فى خمسة الاف من أهل الديوان والقى فارس من المتطوعة وثلاثة عشر الى رجل من المصامدة وسائر فبائل المغرب والقى رام من رماة بلاد المغرب وحمل معه البغال والاخبية والجمال عليها السلاح والازواد فعل من لا يعبأ بالروم ولا يلتفت اليهم ولا لكثرتهم ولا يهوله ما عزم عليه من الدخول فى اقطارهم والتوغل في بلادهم فرحل بجيوشه المظفرة المنصورة حتى نزل جبل ابريز فعلف به ثم سار إلى الاقواس فارتفعت هنالك اصوات المسلمين بذكر الله سبحانه والتكبير والتهليل حتى ارتجت الارض من أصواتهم فسار بالمجاهدين تلك الليلة وهم على حال ذكرهم حتى أصبح لهم على عين الصخرة فصلّى الناس فيها صلاة الصبح وأقاموا بها الى العصر ثم ارتحل وسار بالناس حتى أظلم عليهم الليل بوادى لك فصادف المسلمون هنالك الطرق الواعرة والشوك والاماكن الحجارة فجد الأمير أبو يعقوب السير في تلك الاوعار والناس خامدة يتقاطعون فانقطعت منه أكثر الجيوش وتفرقوا فى ظلام الليل لا يدرى أحد أين سار صاحبه فتفقد الأمير أبو يعقوب المسلمين فعلم أنه تقدمهم بمسافة طويلة فوقف وأمر الخيل بالرجوع الى من تاخر من المجاهدين وأمر بضرب النقرة ليسمعهم من ضل عن الطريق فيقصد نحوها ويهتدى اليها فضربت النقرة فسمعها المجاهدون فاننابوا نحوها من كل ناحية والامير أبو يعقوب واقف في موضعه لا يزال منه حتى اجتمع اليه سائر من تأخر من المسلمين فسار بالمجمع حتى اصبح فصلى الصبح قريبا من الوادى الكبير وسار بالمسلمين يسيرا حتى طلعت الشمس فنزل عن فرسه وتدرع وتأهب للقاء العدو وتاهب الناس وجدّدوا نياتهم للجهاد وضجوا بالدعاء إلى الله تعالى فركب الأمير أبو يعقوب ومن معه من المجاهدين فعبر الوادي وأمر الناس بالاغارة والانتشار في بلاد المشركين فأغارت كل فرقة من المسلمين الى ناحية فخرج بنوا عسكر وعرب الخلط الى ناحية فلم يكن الا ساعة واذا هم قدموا على الامير ابى يعقوب بغنائم لا تحصى من البقر والغنم والدواب والعلوج والنساء، واغارت عرب سفيان على حصن من حصون الروم فدخلوه عليهم بالسيف وأضرموا النيران في أبوابه فقتلوا الرجال وسبوا النساء والذرية وغنموا الاموال وقدموا بغنيمتهم الى الامير ابى يعقوب وانتشرت طوائف المجاهدين في تلك البلاد يقتلون الروم ويأسرون ويفسدون ويحرقون ويقدمون بالغنائم على الامير ابى يعقوب وهو رحمه الله يمشى في أثر المغيرين على مهله في جماعة من وجوه بني مرين واشياخ الاغزاز وخرج شيخ الاغزاز حصدا في مائة فارس الى قلعة الوادى فاغار عليها وقاتلها فقتل على بابها ما يزيد على سبعين علجا وأسر كذلك وشرع المسلمون في حرق الزرع وافساد المرافق الى العصر فرجح الناس وقدموا بالغنائم كل جهة وشرع الناس في ذبح الغنم، فذبح منها نحو العشرة الاف رأس ثم أمر الأمير أبو يعقوب بإحصاء الغنائم وجمعها فاحصي عددها في زمام وجعلت فى ايدى الامناء وبات المجاهدون هنالك في غبطة وسرور وأمر الأمير أبو يعقوب ثلاث مائة فارس من المجاهدين يحرسون المسلمين تلك الليلة فباتوا طول ليلتهم يطوفون بعساكر المسلمين حتى أصبح فصلّى الامير ابو يقوب صلاة الصبح وأمر بضرب الطبول فضرب وركب الناس واجتمعوا ندخل بهم قرى الغابة وقرى الشرف فاقبل المسلمون عليها بالحرق والنهب والتخريب والفساد وتحريق الزرع وقطع الثمار وهدم الدور وقتل من بها من الروم الوفا كثيرة وأسر من النساء والرجال والاولاد كذلك فاقام بالغابة والشرف يومين حتى لم يترك بها للنصارى ما يتقوتون به فارتحل راجعا حتى وصل الوادى الكبير فجازه وجوز الغنائم/ المغانم بين يديه فدخل هناك حصنا بالسيف وقتل جميع من كان به من الروم وغنمت اموالهم فبات المجاهدون تلك الليلة فلما أصبح ارتحل الامير أبو يعقوب وسار بالغنائم على مهل بات بها قريباً من قرموتة ثم ارتحل من الغد فسار طول يومه حتى نزل بالاقراس وجبل اجريت فاقام هنالك إلى الثلث الآخر من الليل نارتحل واسرى بقية ليلته فاصبح فأصبح قريبا من المحلة فوصل الخبر لامير المسلمين فركب فى جيوشه إلى لقائة، فالتقى الجمعان في جرفى شريش وذلك يوم الاحد الخامس من ربيع الآخر وقدم بالغنائم ملات الارض طولا وعرضا فجازت جيوش المجاهدين بغنائمهم والرجال في الاغلال والنساء مقرنين في الحبال وبرزوا بها عليها نكاية لمن بها من الروم وارهابا لهم ووقف أمير المسلمين على باب المدينة بجيوشه الوافرة ورايته المنصورة والغنائم تسير أمامه فضربت الطبول وضج الناس بالتكبير فكان يوماً عظيما ابتهجت به نفوس المجاهدين ، وفی بوم الاتنين السادس من ربيع الثانى وصل الامير أبو زيان من طريف في جيش من المسلمين فيه الرماة والمتطوعة وخمس مائة فارس من عرب بنی جابر فبرز بجميع من قدم معه على شريش وقاتلها ذلك اليوم قتالا شديدا، وفي يوم الثلاثاءالتالي له عقد امير المسلمين لولده الامير ابى زيان على الف فارس من المجاهدين وأمر بالاغارة على اقليم الوادى الكبير فخرج الامير أبو زبان من خباة الساقة بعلم ابيه ومعه ألف فارس منهم ثلاث مائة فارس من عرب بني جابر عليهم يوسف بن قيطون مانة فارس من قبائل بني مرين فسار النهار كله إلى الليل فبات قريبا من الأقواس ثم ارتحل وقدم بين يديه خمسين فارسا وأمرها بالغارات على قرمونة فاغاروا عليها وقتلوا فيها جملة من الروم وسبوا النساء والاموال فخرجت عليهم الخيل من قرمونة وتواترت عليهم الرجال فلم يزالوا يقاتلونهم حتى لحق بهم الامير ابو زبان فهزم الروم وقتل منهم خلقا كثيرا ثم سار الى برج كان هنالك فيه جمع كثير من الروم بنسائهم وأموالهم فقاتلوهم فيه ساعة من النهار فترجلت جماعة من عرب بني جابر فاخذوا درقهم في أيديهم واقتحموا السهام حتى دخلوا البرج عنوة بالسيف فقتلوا رجاله وسبوا نساءه وغنموا أمواله ثم شرع الأمير أبو زيان في تحريق الزرع وقطع الثمار وتخريب القرى وسار ما بين قرمونة واشبيلية يخرب القرى ويقطع الثمار ويسبي ويقتل حتى سار الى برج في قبلة اشبيلية فقاتله المسلمون وأوقدوا حوله النيران حتى دخلوه بالسيف، ثم اختار الامير ابو زيان من جيشه خمس مائة فارس فاغار بها على اشبيلية فسبا من خارجها مائة وخمسين امرأة واربع مائة علج وقتلوا في فدان واحد ما يزيد على خمس مائة نصراني وجدوهم يحصدون زرع الفونسو فلم يبقوا منهم أحدا وغنموا من الخيل والبغال والبقر والغنم ما لا يوصف ثم جمعوا الغنيمة وقدّمها الامير ابو زبان امامه وسار فى أثر محلته فوصلها في وقت المغرب فبات بها وارتحل من الغد الى محلة ابيه، وفي يوم الاثنين الثالث عشر من ربيع الثاني المذكور ركب الأمير أبو يعقوب في ثلاثة الاف من المجاهدين وثلاثة الاف من الرجال والرماة الى جزيرة كبتور التي بإزاء قصر البرت/ نهر البرة بعد أن بعث اليها القطائع في البحر بغزاة المسلمين فوصلوا اليها وأتت الخيل، فاقتحمت الوادي فدخلوا الجزيرة وقتلوا جميع من وُجد فيها من الرعاة والناس، وغنموا ما فيها من الاموال والخيل والبقر والغنم وسبوا النساء والذرية وأبلى في هذه الغزوة رئيس الأغزاز وابن عمه بلاء حسنا، وفي يوم الخميس السادس عشر من الشهر المذكور توجهت قطائع المسلمين من جزيرة كبتور الى الجزيرة الخضراء لتاتي منها بالمجانيق والسهام وءالات/آلات الحرب لينصب ذلك كله على شريش ، وفى يوم الجمعة اغارت عرب سفيان على بعض الحصون فغنموا منه ثلاث مائة رأس من البقر واربعة الاف من الغنم وثلاثين رومية وستة عشر علجا وقتلوا منهم عددا وقدموا الى المحلة بالغنائم، وفي يوم الحادى والعشرين منه بعث امير المسلمين حصة من ثلاث مائة فارس، فاغارت على قرمونة وأحوازها فسبت مالا كثيرا من الدواب والبقر والغنم والنساء والذرية وقدمت بها الى المحلة، وفى يوم الخميس الموفى ثلاثين من ربيع الآخر المذكور أغار عياد بن عياد العاصمي في جماعة من اخوانه على حصن من حصون الوادي فدخل ربضه بالسيف وحرقه وقتل فيه ما ينيف على ثلاث مائة رجل وسبا منه ست وسبعين امرأة وعشرين علجا تقدم بهم الى المحلة، وفى يوم الجمعة غرة جمادى الاولى منه خرج النصارى من شريش برسم الارتفاق والاحتطاب فحال عرب سفیان بینهم وبين المدينة، فقتلوا منهم نيفا وخمسين علجا، وفى يوم السبت الثانى منه عقد امير المسلمين للحاج ابى الزبير طلحة بن علي على مائتي فارس وأمره أن ينصرف بهم الى اشبيلية ليخربها ويطلع على اخبار سانشو ملك النصارى، فان اخباره قد انقطعت عند، فبعث هذه الحصة لتغير وتطلع على احوال البلاد وتسمع الاخبار وبعث معه الجواسيس من الاندلس واليهود. وفى يوم الاثنين الرابع منه ركب أمير المسلمين في جميع جيوش المجاهدين خيلا ورجالا الى حصن شلوقة فقاتله حتى دخله بالسيف وأحرق أرباضه ودياره وقتل الرجال وسبا النساء وغنم الأموال ولم يبق هذا اليوم بالمحلة احد من المجاهدين الا عرب سفيان فانهم أقاموا يحرسون المحلة، وفي يوم الخميس السابع من جمادى المذكور كمن عياد العاصمي مع جيش من أخوانه في حفیر شريش ثم سار فى أربعة نفر منهم وبيده راية حمراء حتى وصل الى باب المدينة وترك وترك باقى اخوانه في الكمين فابصره الروم فاخرجوا اليه من شريش خيلا ورجالا شعلة واحدة وطمعوا في اخذه فجرهم حتى جاز بهم الخفير فخرج عليهم الكمين فقطعوهم من البلد فقتلوا منهم ثلاثة وسبعين علجا وكان عياد رحمه الله من اشد المسلمين نكاية في الروم لا يغفل عن الاغارة على بلاده ليلا ولا نهارا ولم يترك الجهاد ساعة واحدة من يوم نزول المسلمين على شريش الى يوم رحيلهم عنها ولم يزل أمير المسلمين أبو يوسف رحمه الله من يوم ارتحاله عن طريف ونزوله عين الشمس وذلك يوم السبت السابع من شهر صفر من سنة أربع وثمانين وست مائة وبطول اقامته على حصار شريش الى أن ارتحل عنها في الثامن والعشرين لجمادى الاولى من السنة المذكورة في كل يوم يشن على بلاد العدو الغارات شرقاً وغرباً ويبت فيها السرايا فتكثر فى انحائها قتلا ونهبا ويعقد الرايات لبنيه وحفدته ويبعثهم في الجيوش العظيمة الى الغزوات فكان رحمه الله ايام حصاره لشريش المذكورة اذا صلى الصبح لها باحد بنيه أو حفدته او احد اشياخ بني مرين فيعقد له راية ويبعثه في مائتي فارس سرية ويامره بالتوجه والاغارة على الناحية التي يريد غزوها من بلاد العدو حتى انتسفت جميع ما قرب منه منها وما بعد عنه، وكان على مسافة الايام الكثيرة كلبلة واشبيلية وقرمونة واستجة وجيان وجبل الشرف وغيرها فلما أفنى تلك البلاد ودمّرها واكل زرعها وغنم أموالها وقطع ثمارها ولم يبق للنصارى شيئا يرتفقون به واقبل فصل الشتاء وقلّ العلف في المحلة وغلت أسعارها ارتحل عنها الى بلاده، فاتصل به وهو في الطريق أن النصارى دمرهم الله قد عمروا افروطة ونزلوا بها الزقاق ليقطعوا بها المجاز، فاسرع السير الى طريف، فنزل بها وأمر بعمارة الاجفان، فعمرت في الحين بسبتة وطنجة ورباط الفتح وبلاد الريف وبالجزيرة وشريف والمنكب، فاجتمع منها ستة وثلاثين جفنا غزوية معدة في الرماة والغزاة والعدد الكاملة، فلما علمت افروطة الروم بعمارة أجفان المسلمين وقدومها إلى حربها وتحققت وفودها عليها وقصدها نشرت شروعها وفرت أمامها خوفا أن تلقاها فتفني حماتها، فاقبلت أساطيل المسلمين المظفرة حتى وافت حضرة أمير المسلمين بالجزيرة فبرزوا امامه بالمرسى وهو جالس بمشور قصره من البلد الجديدة فلعبوا أمامه في البحر وتناطحوا قدامة كفعلهم في حربهم، فامر رحمه الله لكافتهم بالاحسان وصرفهم الى وقت الحاجة اليهم فيامرهم بالاتيان، فلما رءا سانشو ملك النصارى أن بلاده خربت وحماته قتلت وأموال رعيته نهبت وغنمت ونساءهم سبيت وافروطة التي كان بعتها لقطع الجواز فرت وهزمت، جنح الى السلم والطاعة واخذ في التذمم والضراعة *