انتقل إلى المحتوى

الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس/غزوة ابي يوسف الثانية في جوازه للاندلس

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: الصفحات 215–217
 

الخبر عن غزوة أمير المسلمين الى يوسف رحمه الله الثانية

في جوازه الى الاندلس

فال الولف عفا الله عنه خرج أمير المسلمين أبو يوسف الى غزوته الثانية من الخضراء اول يوم من جمادى الأولى من سنة أربع وسبعين وست مائة فقصد الى اشبيلية فسار بجيوش المسلمين حتى نزل عليها بموضع يعرف بالماء المفروش فشن الغارات على احوازها وجالت جيوشه فى أقطارها وغنموا ما كان في انحايها وركب في اليوم الثاني حتى قرب على بابها وبرز عليها تخفق طبوله وتشرق رايته وركب الروم الاسوار واعتمدوا على الحصار ولم يكن في ملوكهم من يقدم عليه ولم يستطع زعيم منهم أن يخرج اليه فلما غنمها وهتك احوازها وأحرق قراها وخرب حصونها ارتحل عنها إلى شريش تفعل بها كفعله باشبيلية وأقام عليها ثلاثة أيام وارتحل الى الجزيرة الخضراء فدخلها اليوم السابع والعشرين لجمادى الاولى المذكورة فقسم ما جاء به من الغنائم والسبى فبيعت الرومية فى هذه الغزوة بمثقال ونصف لكثرتهم ودخل فصل الشتاء فبقى أمير المسلمين زمان الشتاء كله ساكنا بمحلّه على واد النساء بقرب الجزيرة واحترم الروم الحراثة تلك السنة فغلت الاسعار بهم وضعفت بلادهم وقنط بنوا مرين من المقام بالاندلس تشوقا إلى أولادهم وديارهم فلما علم أمير المسلمين ذلك منهم جاز إلى العدوة بقصر المجاز وذلك في اخر يوم من رجب من سنة أربع وسبعين فكانت مدّة اقامته بالاندلس ستة اشهر وسار إلى مدينه فاس فدخلها في النصف من شعبان وعند وصوله الى مدينة فاس نافق عليه طلحة ابن علّى البطوى احد اخواله وبتمتع بجبل ازروا من بلاد فازان فسارع امیر المسلمين اليه ونزل بعساكره عليه فناب الى الطاعة ونزل اليه فامنه وعفا عنه وذلك في نصف شهر رمضان المعظم من سنة أربع وسيعين المذكورة ، وفي الثاني من شهر هذه السنة قتل اليهود بفاس قامت عليهم العامة فقتل منهم أربعة عشر يهوديا ولو لا ما ركب أمير المسلمين فكفّ العامّة منهم ونادى مناديه لا يتعرّض لهم احد لم تبق منهم بقية، وفى الثالث من شوال المذكور أمر أمير المسلمين أبو يوسف ببناء البلد الجديدة فاسست على واد فاس وشرع في بنائها وحفر أساسها في ذلك اليوم وركب أمير المسلمين فوقف عليها حتى حدّت واسّست واخذ لها الضالع الفقيه العادل أبو الحسن بن القضان والفـفـيـه أبو عبد الله بن الحباك وكان تاسيسها في طالع سعيد ووقت میمون مبارك و من بركتها وسعادة طالعها أنها لا يوت بها خليفة ولم يخرج قط منها لواء الا نصر ولا جيش الا ظفر، وفي شوال المذكور أمر أمير المسلمين ببناء قصبة مكناسة وجامعها، وفى شهر محرم من سنة خمس وسبعين خرج أمير المسلمين أبو يوسف من مدينة فاس الى مراكش فوصلها في نصف شهر فاقام بها إلى أوائل شهر ربيع الأول المبارك من السنة المذكورة وخرج الى بلاد السوس ثم رجع إلى مراكش فاقام بها أياما وخرج منها الى رباط الفتح

فدخله فدخله في أوّل يوم من شعبان فأقام به وكتب كتابا إلى الاشياخ والقبائل من بنى مرين والعرب وسائر قبائل المغرب يستنفرهم للجهاد فثاقلوا عليه فلم يزل يحرضهم وهم يلودون ويتناقلون الى ان دخلت سنة خمس وسبعين فلما رءا اتقال الناس على الجهاد وتثبّطهم عن الجواز جدّ نفسه وخاصّته فخرج من رباط الفتح في أول يوم من محرم من سنة ست وسبعين وست مائة فسار حتى وصل قصر المجاز فجاز منه الى طــريــف وذلك في الخامس والعشرين من محرّم المذكور