ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الأول/الجزء الرابع/فصل في إمكان النسخ ثم إيجابه ثم امتناعه

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


قال أبو محمد: أنكر بعض اليهود النسخ جملة، وقد تكلمنا في هذا في كتابنا الموسوم بالفصل ونعيد ههنا منا ما يليق بغرض كتابنا هذا إن شاء الله تعالى. فنقول وبالله تعالى التوفيق: إن منكري النسخ قالوا: ليس من الحكمة أن يأمر الله تعالى بشيء أمس ثم ينهى عن مثله اليوم، وهذا من نظائر قول أصحابنا بالعلل، وهؤلاء قوم يتعقبون على ربهم تعالى، فيقال لهم: أخبرونا أي حكمة وجبت عليه تعالى أن يأمر أمس بما أمر به؟ أترى لو لم يأمر تعالى بما أمر به لكانت تبطل حكمته، أو لو أمر بغير ما أمر به لكانت تبطل حكمته؟ أو ترون إذ قدس الأرض المقدسة، ولعن أريحا، ولعن أورشليم أكان ذلك مفسداً لحكمته؟ وإذ حظر العمل في السبت وأباحه في الأحد، أرأيتم لو عكس الأمر أكان ذلك مبطلاً لحكمته؟ فإن راموا فرقاً بين شيء من ذلك لحقوا بالمجانين، وجاهروا بما لا يفهم وبما يعلم بطلانه. ثم يقال لهم: أليس الله تعالى قد ملك قوماً من الكفار العصاة الظلمة ومكنهم وأذل قوماً من الكفار العصاة الظلمة وملك غيرهم رقابهم، وملك قوماً صالحين فضلاء مؤمنين، ومكنهم وبسط أيديهم، وأذل قوماً صالحين فضلاء مؤمنين وملك غيرهم رقابهم، ومد أعمار قوم كفار طغاة، واخترم آخرين منهم قبل بلوغ الاكتهال، وفعل مثل ذلك بقوم مؤمنين أفاضل، ومكن قوماً عصاة مردة من البيان والكلام في العلوم حتى أضلوا أمماً من الخلق، وجعل آخرين منهم بلداء أغبياء، وفعل مثل ذلك أيضاً بالمؤمنين سواء بسواء، فما الذي جعل هذا حكمه دون عكس كل ذلك؟ وما الفرق بين هذا من أفعاله تعالى وبين أن يأمر اليوم بأمر ثم ينهى عن مثله غداً؟ وما يفرق بين كل ما ذكر إلا عديم عقل أو وقح سخيف. فإن قالوا: إن هذا هو البَدَاء لزمهم مثل ذلك في كل ما ذكرنا آنفاً، وفي إحيائه من يحيي ثم إماتته، وفي إغنائه من يغني ثم إفقاره، وفي تصحيحه جسم من يرزقه العافية ثم يمرضه، وفي الهرم بعد الفتوة. فإن قال قائل: ما الفرق بين البدَاء والنسخ؟.

قيل له وبالله تعالى التوفيق: الفرق بينهما لائح، وهو أن البَدَاء هو أن يأمر بالأمر والأمر لا يدري ما يؤول إليه الحال، والنسخ هو أن يأمر بالأمر والأمر يدري أنه سيحيله في وقت كذا ولا بد، قد سبق ذلك في عمله وحتمه من قضائه، فلما كان هذان الوجهان معنيين متغايرين مختلفين، وجب ضرورة أن يعلق على كل واحد منها اسم يعبر به عنه غير اسم الآخر ليقع التفاهم، ويلوح الحق، فالبَدَاء ليس من صفات الباري تعالى، ولسنا نعني الباء والدال والألف، وإنما نعني المعنى الذي ذكرنا من أن يأمر بالأمر لا يدري ما عاقبته، فهذا مبعد من الله عز وجل، وسواء سموه نسخاً أو بداء أو ما أحبوا، وأما النسخ فمن صفات الله تعالى من جهة أفعاله كلها، وهو القضاء بالأمر قد علم أنه سيحيله بعد مدة معلومة عنده عز وجل، كما سبق في علمه تعالى. ولسنا نكابر على النون والسين والخاء، وإنما نعني المعنى الذي بيّنا، وسواء سموه نسخاً أو بَدَاء أو ما أحبوا من الأسماء، ولكن اسمه عند النسخ، وبهذه العبارة نعبر عن هذا المعنى الذي لا يخلو الله تعالى فعل منه أصلاً في دار الابتلاء، وكل شيء منها كائن فاسد، وهذا هو النسخ، وهو نوع من أنواع الكون والفساد الجاريين في طبيعة العالم بتقدير خالقه ومخترعه ومدبره ومتممه لا إله إلا هو. واسم الصفة الأولى عندنا البَدَاء فيها، يعبر عن هذا المعنى الذي هو من صفات المختارين من الإنس والجن وسائر الحيوان، وهو خلق مذموم، لأنه نتيجة الملل والندم والسآمة، وهذه الأخلاق منفية عن الملائكة بنص القرآن، فكيف عن الباري تعالى فهذا فرق ما بين البداء والنسخ قد لاح، والحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. قال أبو محمد: والنسخ قبل حلول الوقت الذي علم الله عز وجل أنه يحيل فيه الحال ممتنع في الوجود، لا في قدرته تعالى على ذلك، وهو عندنا في ظاهر الأمر ممكن.

قال أبو محمد: وهو في وقت حلوله وبلوغ أمده الذي قدره تعالى كائناً فيه واجب وهو ــــــ بعد أن علمنا الله عز وجل أنه لا نبي بعد محمد ــــــ ممتنع لا سبيل إليه في الوجود، لا على معنى أنه تعالى لا يوصف بالقدرة على ذلك ــــــ بل نعوذ بالله من الفكر في هذا أو التشكيك ـــــــ بل هو عز وجل قادر الآن وأبداً على أن يبعث نبياً آخر بدين آخر، ولكنه أخبرنا أنه لا يفعل ذلك، مريداً لتركه وقوله الحق، فعلمنا أن كون ما لا يريد تعالى كونه، ممتنع أن يكون أبداً. ويقال لمن أبى النسخ: ما الفرق بين أن يأمرنا الله بشيء في وقت ما، ويبينه لنا، ويعلمنا أنه إذا أتى وقت كذا وجب الانتقال إلى شيء آخر، وبين أن يأمرنا ولا يعلمنا أنه سينقلنا إلى شيء آخر؟ وهذا ما لا سبيل إلى وجود فرق فيه أبداً لذي تمييز وعقل، لأنه ليس لنا على الله تعالى شرط، ولا عليه أن يطلعنا على علمه، ولا يتقمَّن مسارنا، ولا أن يأخذ آراءنا في شيء، ومدعي هذا ملحد في دين الله عز وجل، كافر به مفتر عليه، وقد نص تعالى على ذلك بقوله تعالى: {اللَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } وبقوله عز وجل: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } وهذا ما لا يخالفنا فيه إلا بعض اليهود، وأما أهل الإسلام فكلهم يجيزون النسخ، إلا بعض من منع من هذه اللفظة وأجاز المعنى، وهذا ما لا ننازعه فيه إذا سلم لنا الصفة المسماة، فلسنا ممن يشتغل بالاسم إلا حيث أوجب ذلك النص.

وأما اليهود: فغير منكر من شدة جهلهم وضعف عقولهم، وعظيم بهتهم وكذبهم وتناقض أقوالهم وصلابة وجوههم، ورخاوة قلوبهم وفرط غيظهم على ربهم عز وجل، إذا أحل بهم من البلاء والذل والمهانة والخسة ما أحل، أن يدعوا أن لهم على ربهم شروطاً أكثر من هذا، فهم يدعون لكلب من أخبارهم يسمى إشماعيل، لعنة الله عليه وعليهم أن الله ــــــ تعالى عما يقول اليهود المشركون علوّاً كبيراً ـــــ تعلق في خرب بيت المقدس بثياب إشماعيل، وهو يعنون ربهم ـــــ يبكي ويئن كما تئن الحمامة، وأنهم يعنون ربهم رغب إلى إشماعيل هذا الرذل أن يبارك عليه. بمعنى أن ربهم طلب من إشماعيل البركة، فمن كان ربه عنده في نصاب من يطلب بركة إشماعيل لنفسه غير منكر أن يسفهوه فيما أحبوا، وهذه صفة جني لعب بعقولهم وسخر منهم، لا صفة الباري تعالى عز وجل، على أنه قد بيّن لهم في التوراة أمر رسول الله وأنذروا به. فصح بذلك أن شريعتهم إنما علقت لهم بشرط ما لم يأت النبي المنتظر، الذي هو رجاء الأمم، والذي يستعلي من جبار فاران، ومعه ألوف من الصالحين، والذي يجعل الله تعالى كلامه في فمه، ومن عصاه انتقم منه، فصار ذلك بمنزلة ما أمروا به من العمل في التيه بأوامر ما، وفي البيت والشام بأوامر أخر، ومثله ما أمروا به من العمل في غير السبت، ثم تحريم العمل في السبت، وبمنزلة صيام وقت ما، والمنع منه في وقت آخر، ومثل إباحة الوطء في وقت ما، وتحريمه في وقت الحيض وسائر الشرائع المرتبطة بأوقات ما، فإذا عدمت تلك الأوقات انتقل حكم تلك الشرائع، وكل ذلك لا علة له ولا شيء يوجبه أصلاً، لا مصلحة ولا غيرها، إلا أنه تعالى أراد ذلك، كما أراد خلق ما خلق من الخلائق المختلفات فقط، وبالله تعالى التوفيق. فكيف وفي توراتهم أن الله تعالى أباح لآدم وبنيه أكل حيوان حاشا الدم، وهذا خلاف شريعة موسى عليه السلام فقد صحّ النسخ عندهم. فصل فيما يجوز النسخ فيه وفيما لا يجوز فيه النسخ قال أبو محمد: النسخ لا يجوز إلا في الكلام الذي معناه الأمر أو النهي، وقد بيّنا في كتابنا الموسوم بكتاب «التقريب لحدود المنطق» : أن الكلام كله ينقسم أربعة أقسام: أمر ورغبة وخبر واستفهام، فالاستفهام والخبر والرغبة لا يقع فيها نسخ، وإنما يسمى الرجوع عن الخبر وعن الاستفهام استدراكاً، فكل ذلك منفي عن الله عز وجل، لأن الرجوع عنهما إنما هو تكذيب للخبر المرجوع عنه، ومعرفة وكراهية لما رجع عن الاستفهام عنه لعرض حدث أو لعلم بشيء كان يجهل.

وأما الرجوع عن الرغبة فإنما يسمى استقالة أو تنزهاً عما انحط إليه قبل ذلك، وقد قدمنا أن المعاني إذا اختلفت فواجب أن يخالف بين أسمائها، لئلا يقع الإشكال، وليلوح البيان، ويصح الفهم والإفهام، فبقي الرجوع عن الأمر بإحداث أمر غيره فيسمى نسخاً، وهو فعل من علم أن سيرفع أمره ويحيله. فإذا ورد الكلام لفظه لفظ الخبر، ومعناه معنى الأمر، جاز النسخ فيه مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } وفي هذا توجد منا المعصية مثل قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } فإنما هذا أمر لنا بأن نؤمن كل من دخل مقام إبراهيم، وليس هذا خبراً، ولو كان خبراً لكان كذباً لأنه قد قتل الناس حوله ظلماً وعدواناً. قال أبو محمد: وموجود في كل لغة أن يرد الأمر بلفظ الخبر، وبلفظ الاستفهام كقول القائل لعبده: أتفعل أمر كذا، أو ترى ما يحل بك؟ وإنما ذلك أن الخبر عن الشيء إيجاب لما يخبر به عنه، والأمر إيجاب لفعل المأمور به، فهذا اشتراك بين صيغة الخبر وصيغة الأمر، فإذا قال قائل: حق عليك القيام إلى زيد، فهذا خبر صحيح البنية، معناه قم إلى زيد.

وكذلك قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } معناه ليحج الناس منكم من استطاع، وكذلك إذا قال القائل: قد أوجبت عليك القيام إلى زيد، فهذا خبر صحيح البنية، معناه قم إلى زيد، وكذلك قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } معناه صوموا، فما كان من الأخبار هكذا فالنسخ فيها جائز، وأما ما كان خبراً مجرداً مثل: قام زيد وهذا عمرو، ووقع أمس خطب كذا، وزيد الآن قائم، وغداً يكون أمر كذا، فهو لا يجوز النسخ فيه البتة، لأنه تكذيب لهذا الخبر والله تعالى منزه عن الكذب بإخباره تعالى أن قوله الحق، وبقوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ } وهو موصوف بأنه ينسخ ويحيل ويبدل الأمور بقوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } وبقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } وبقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } بإخباره تعالى أنه كل يوم في شأن وقد اختلف أصحابنا في بعض الأوامر، أيجوز فيها النسخ أم لا، فقالوا: كل ما علم بالعقل فلا يجوز أن ينسخ مثل التوحيد وشبهه. قال أبو محمد: وهذا فاسد من القول، لأنه مجمل لما لا يجوز مع ما لا يجوز ولكن يسأل قائل هذا القول، فيقال: ما أردت بقولك لا يجوز نسخ التوحيد؟ فإن كنت تريد أنه بعد أن أعلمنا الله تعالى أنه لا ينسخ هذا الدين أبداً لا يجوز تبديله، وإن كنت تريد أنه لما سلف في سابق علم الله تعالى أنه لا ينسخه أبداً، علمنا أنه لا يجوز نسخه فنعم، هذا قوله صحيح، وهكذا إباحة الكبش، وتحريم الخنزير، وجميع شرائع الملة الحنيفة المستقرة، لا يجوز نسخ شيء منها أبداً، ولا فرق بين التوحيد وسائر الشرائع في ذلك البتة.

وإن كنت تريد أنه تعالى غير قادر على نسخ التوحيد، أو أنه تعالى قادر على نسخه، والأمر بالتثنية أو التثليث، إلا أنه لو فعل ذلك لكان ظلماً وعبثاً، فاعلم أنك مخطىء ومفتر على الله تعالى، لأنك معجز له متحكم عليه، وقاض بأنك مدبر لخالقك عز وجل، وموقع له تحت رتب وقوانين بعقلك إن خالفها عبث وظلم. وهذا كلام يؤول إلى الكفر المجرد، والشرك المحض، مع عظيم ما فيه من الجهل والجنون. بل نقول: إن الله عز وجل قادر على أن ينسخ التوحيد، وعلى أن يأمر بالتثنية والتثليث وعبادة الأوثان، وأنه تعالى لو فعل ذلك لكان حكمة وعدلاً وحقّاً، ولكان التوحيد كفراً وظلماً وعبثاً، ولكنه تعالى لا يفعل ذلك أبداً، لأنه قد أخبرنا أن لا يحيل دينه الذي أمرنا به، فلما أمنا ذلك صار ما تبرأ الله منه كفراً وظلماً وعبثاً، وصار ما أمر به حقّاً وعدلاً وحكمة فقط. وليس اعتقادنا التوحيد حقاً ولا حكمة بذاته، دون أن يكون لله فيه أمر، ولكن إنما صار حقّاً وعدلاً وحكمة، لأن الله تعالى أمر به ورضيه، وسماه حقاً وعدلاً وحكمة فقط. فهذا دين الله عز وجل الذي نصّ عليه بأن يفعل ما يشاء وأنه: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } وأنه لو أراد أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء، وهذا هو القول الذي دلت العقول على صحته وبطلان ما عداه لأن العقل يشهد أن الله تعالى خلقه، وأنه كان تعالى حقّاً واحداً أولاً، إذ لا نفس حيوانية ولا عقل مركب فيها ولا في غيرها، ولا جوهر ولا عرض، ولا عدد ولا معدود ولا رتبة من الرتب، وأنه تعالى خلق النفوس بعد أن لم تكن، وخلق العقول على ما هي عليه بعد أن لم تكن، ورتب فيها الرتب على ما هي عليه بعد أن لم يكن شيء منها، وأنه لو شاء أن يخلق العقول على غير ما هي عليه، وأن يرتب الأمور فيها على خلاف ما رتبها لفعله، ولما تعذر ذلك عليه ولكان حينئذ هو الحق والعدل والحكمة، وما عداه الظلم والجور والعبث، لا معقب لحكمه. ومن ادعى غير هذا، فقد ادعى أن رتبة العقل المجهول في النفس كانت موجودة، إذ لا عقل ولا نفس، وهذا عين التناقض والخبال والخلف والمحال، ومن أنار الله تعالى عقله وسيره لأن يستضيء به، وتصور له حدوث العالم بعد أن لم يكن، أشرف على صحة ما ذكرناه وأيقنه وشاهده وعلمه ضرورة، ولم يكن عنه له محيد أصلاً، ومن أصحب الله تعالى نفسه والحيرة، وتمييزه الضعف، تحير وتصور الأمور بخلاف ما هي عليه، ولم يخرج إلى طرف وظن الظنون المردية، ولله تعالى الحمد على ما علم وهدى، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.

قال أبو محمد: ومن بديع ما قطع أصحابنا على أنه لا يجوز نسخه، شكر المنعم، وأن كفر المنعم لا سبيل إلى إباحته في العقل أصلاً. قال أبو محمد: فنسأل قائل هذا القول الفاسد فنقول له: ما تقول في رجل استنقذ طفلاً قد أشرف الأسد على افتراسه فرباه ولا أب له ولا أم ولا مال فأحسن تربيته، ثم علمه العلوم وأكرمه وبره ولم يذله، ولا استخدمه، وموله وزوجه وخوله، ثم إن ذلك المحسن إليه زنى وهو محصن، وسرق وقذف، ثم تاب من كل ذلك وتعبد، ثم قامت عليه بذلك بينة عدل، وقدم إلى يتيمه ـــــ وهو بعد حاكم من حكام المسلمين، فما ترى أن يفعل فيه أيشكر فيعفو عنه ولا سيما وقد تاب؟ أو يأمر بأن يوجع متناه بالسياط، ثم يقطع يده، ثم يأمر بشدخ هامته بالحجارة حتى يموت؟ فإن قال: أرى أن يعفو عنه، كفر إن اعتقد ذلك أو فسق إن أشار بذلك غير معتقد له، وإن قال: أرى أن يوقع به أنواع العذاب الذي ذكرنا فقد ترك مذهبه الفاسد في ألا يكفر إحسان المنعم. فإن قال: إن هذا الفعل هو شكره على الحقيقة. قال خلاف ما ادعى أن العقل يوجبه، وسمى غاية الإساءة إحساناً، فإن رجع إلى أن يقول: إنما يحسن في العقول شكر المنعم الذي أمر الله تعالى بشكره، لا شكر المنعم الذي أمر الله تعالى بالإضرار به، وألا يقارض على إحسانه، رجع إلى الحق، وإلى أنه لا حسن إلا ما فعل الله تعالى، ولا قبيح إلا ما نهى الله عنه وهذا الذي لا يجوز غيره.

والعجب من ذهاب هؤلاء القوم عن نور الحق في هذه المسألة، وهم يسمعون الله تعالى يقول: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } فأوجب تعالى القيام عليهم بمر الحق، وإن أدى إلى صلبهم وقتلهم، وقطع أيديهم وأرجلهم وأعضائهم، وضربهم بالسياط، وشدخهم بالحجارة، وهتك أستارهم، وسبي نسائهم وذراريهم، وبيع أملاكهم وبيعهم مماليك وأخذ أموالهم، وإن كانوا آباءنا المحسنين إلينا إذا كفروا، فأين شكر المنعم، وبر الأب على الإطلاق؟ وهذا كله محال.

وإنما الذي يجب فهو بر الوالدين الأبوين الذين أوجب الله برهما، وإنما الذي يجب أيضاً فهو شكر المنعم الذي أمر الله بشكره، ولم يأمرنا الله تعالى ببر الوالدين لما وجب برهما ولا عقوقهما، ولو لم يأمرنا بشكر المنعم لما لزم شكره ولا كفره، كما لا يلزم بر الوالدين الحربيين أو المحاربين، وكذلك المنعم الحربي أو المحارب، ولو لم يأمرنا بالرحمة لما وجبت أيضاً.

كما أننا نضجع الخروف الصغير ونذبحه ونطبخ لحمه ونأكله ونفعل ذلك أيضاً بالفصيل الصغير، ونثكل أمه إياه، ونولد عليها من الحنين والوله أمراً ترق قلوب سامعيه له، وتؤلم نفوس مشاهديها، وقد شاهدنا كيف خوار البقر وفعلها إذا وجدت دم ثور قد ذبح، وكل هذا حلال بلا مأمور به ويكفر من لم يستحله، ويجب بذلك سفك دمه، فأي فرق في العقول بين هذا وبين ذبح صبي آدمي لو أبيح لنا ذلك؟ وقد جاء في بعض الشرائع أن موسى عليه السلام أمر في أهل مدين إذا حاربهم بقتل جميع أطفالهم أولهم عن آخرهم من الذكور، وقد سئل رسول الله عن أطفال المشركين يصابون في البيات، فقال: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» فهل في هذا كله شيء غير الأمور الواردة من الله عز وجل. وقد قال قوم: إذا جاء أمر بشريعة ما، وجاء على فعلها وعد وعلى تركها وعيد ثم نسخ ذلك الأمر، فقد نسخ الوعد والوعيد عليه. قال أبو محمد: فيقال له وبالله تعالى التوفيق: لم ينسخ الوعد ولا الوعيد لأنهما إنما كانا متعلقين بثبات ذلك الأمر لا على الإطلاق، وإنما يصح النسخ فيها لو بقي ذلك الأمر بحبسه، ثم يأتي خبر بإسقاط ذلك الوعيد، وهذا ما لا سبيل إليه بعد ورود الخبر به. ولا نسخ في الوعد ولا في الوعيد البتة، لأنه كان يكون كذباً وإخلافاً وقد تنزه الله تعالى عن ذلك، ولكن الآيات والأحاديث الواردة في ذلك مضموم بعضها إلى بعض، ولا يجوز أن نقتصر منها على بعض دون بعض، على ما بيَّنا في كتاب الفصل، وبالله تعالى التوفيق.

قال أبو محمد: وقد غلط قوم غلطاً شديداً، وأتوا بأخبار ولدها الكاذبون والملحدون، منها أن الداجن أكل صحيفة فيها آية متلوة فذهب البتة، ومنها أن قرآناً أخذه عثمان بشهادة رجلين، وشهادة واحدة، ومنها أن قراءات كانت على عهد رسول الله أسقطها عثمان، وجمع الناس على قراءة واحدة.

قال أبو محمد: وهذا كله ضلال نعوذ بالله منه ومن اعتقاده، وأما الذي لا يحل اعتقاد سواه فهو قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } فمن شك في هذا كفر، ولقد أساء الثناء على أمهات المؤمنين ووصفهن بتضييع ما يتلى في بيوتهن، حتى تأكله الشاة فيتلف، مع أن هذا كذب ظاهر، ومحال ممتنع، لأن الذي أكل الداجن لا يخلو من أحد وجهين إما أن يكون رسول الله حافظاً له، أو كان قد أنسيه، فإن كان في حفظه فسواء أكل الدواجن الصحيفة أو تركها، وإن كان رسول الله قد أنسيه فسواء أكله الداجن أو تركه قد رفع من القرآن، فلا يحل إثباته فيه كما قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى } .

فنص تعالى على أنه لا ينسى أصلاً شيئاً من القرآن إلا ما أراد تعالى رفعه بإنسائه. فصح أن حديث الداجن إفك وكذب وفرية، ولعن الله من جوَّز هذا أو صدق به، بل كل ما رفعه الله تعالى من القرآن فإنما رفعه في حياة النبي ، قاصداً إلى رفعه، ناهياً عن تلاوته إن كان غير منسي؛ أو ممحوّاً من الصدور كلها، ولا سبيل إلى كون شيء من ذلك، بعد موت رسول الله ، ولا يجيز هذا مسلم، لأنه تكذيب لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ولكان ذلك أيضاً تكذيباً لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ولكان ما يرفع منه بعد موت رسول الله خرماً في الدين ونقصاً منه، وإبطالاً للكمال المضمون، ولكان ذلك مبطلاً لهذه الفضيلة التي خصصنا بها، والفضائل لا تنسخ والحمد لله رب العالمين.

وأما فعل عثمان رضي الله عنه: فلم يمت رسول الله إلا والقرآن مجموع كما هو مرتب، لا مزيد فيه ولا نقص ولا تبديل، والقراءات التي كانت على عهد رسول الله باقية كلها كما كانت، لم يسقط منها شيء، ولا يحلّ حظر شيء منها قلّ أو كثر. قال الله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } ولبيانه هذا وتقصي الكلام فيه مكانه من «باب الإجماع» من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.

قال أبو محمد: وقد قال قوم في آية الرجم: إنها لم تكن قرآناً، وفي آيات الرضعات كذلك.

قال أبو محمد: ونحن لا نأبى هذا، ولا نقطع أنها كانت قرآناً متلوّاً في الصلوات، ولكنا نقول: إنها كانت وحياً أوحاه الله تعالى إلى نبيه مع ما أوحى إليه من القرآن، فقرىء المتلو مثبوتاً في المصاحف والصلوات، وقرىء سائر الوحي منقولا محفوظاً معمولاً به، كسائر كلامه الذي هو وحي فقط، ولسنا ننكر رفع آيات في عهد رسول الله من الصدور جملة، لقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ولا نجيز ذلك بعد موته لقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فإنما اشترط الله تعالى لنا رفعها معلقاً بأن يأتينا بخير منها أو مثلها، وهذا ما لا سبيل إليه بعد وفاة رسول الله ، لأن الإتيان بآية بعده لا سبيل إليه، إذ قد انقطع الوحي بموته، ومن أجاز ذلك فقد أجاز كون النبوة بعده، ومن أجاز ذلك فقد كفر وحل دمه وماله، ولا سبيل إلى أن ينسى عليه السلام شيئاً من القرآن قبل أن يبلغه، فإذا بلغه وحفظه للناس فلسنا ننكر أن ينساه عليه السلام، لأنه بعد محفوظ مثبت، وقد جاء مثل ذلك في خبر صحيح، أنه سمع رجلاً يتلو القرآن فدعا له بالرحمة، وأخبر عليه السلام أنه أذكره آية كان نسيها، ولأنه قد بلغه كما أمر. كما حدثنا عبد الله بن يوسف، عن أحمد بن فتح، عن عبد الوهاب بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن علي، عن مسلم، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب قالا: ثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة/ أن النبي سمع رجلاً يقرأ من الليل فقال: «رَحِمَهُ الله لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أَسْقَطْتُها مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا» ورواه عبدة وأبو معاوية عن هشام: «أَذْكَرَنِي آيةً كُنْتُ أُنْسِيتُها» .

ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الأول/الجزء الرابع

في أقل الجمع | في الاستثناء | في الكناية بالضمير | في الإشارة | في المجاز والتشبيه | فصل في التشبيه | في أفعال رسول الله | الكلام في النسخ | فصل في الأوامر في نسخها وإثباتها | فصل في قول الله تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيةٍ | فصل في اختلاف الناس على النسخ | فصل في تشكيك قوم في معاني النسخ | فصل في إمكان النسخ ثم إيجابه ثم امتناعه | فصل هل يجوز نسخ الناسخ ؟ | فصل في مناقل النسخ | فصل في آية ينسخ بعضها، ما حكم سائرها ؟ | فصل لا يضر كون الآية المنسوخة متقدمة في الترتيب | فصل في نسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف | فصل في نسخ الفعل بالأمر والأمر بالفعل | فصل في متى يقع النسخ عمن بعد عن موضع نزول الوحي | فصل في النسخ بالإجماع | فصل في رد المؤلف على من أجاز نسخ القرآن والسنة بالقياس | في المتشابه من القرآن والفرق بينه وبين المتشابه في الأحكام | في الإجماع، وعن أي شيء يكون الإجماع وكيف ينقل الإجماع | فصل في اختلاف الناس في وجوه من الإجماع | فصل ذكر الكلام في الإجماع إجماع من هو | فصل في ما إذا اختلف أهل عصر ما في مسألة ما | فصل في اختلاف أهل عصر ما ثم إجماع أهل عصر ثان | فصل في من قال إن افترق أهل عصر على أقوال كثيرة | فصل فيمن قال: ما لا يعرف فيه خلاف فهو إجماع | فصل في من قال بأن خلاف الواحد من الصحابة أو ممن بعدهم لا يعد خلافاً | فصل في قول من قال: قول الأكثر هو الإجماع ولا يعتد بقول الأقل | فصل في إبطال قول من قال: الإجماع هو إجماع أهل المدينة | فصل فيمن قال إن الإجماع هو إجماع أهل الكوفة | إن قول الواحد من الصحابة إذا لم يعرف له مخالف فهو إجماع | فصل في من قال ليس لأحد أن يختار بعد أبي حنيفة | فصل في معنًى نسبوه إلى الإجماع | فصل واختلفوا: هل يدخل أهل الأهواء أم لا ؟