إلى أي ذكر غير ذكرك أرتاح

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

إلى أي ذكر غير ذكرك أرتاح

​إلى أي ذكر غير ذكرك أرتاح​ المؤلف ابن دارج القسطلي


إلى أي ذكر غير ذكرك أرتاح
ومن أي بحر بعد بحرك أمتاح
إليك انتهى الري الذي بك ينتهي
ولاح لي الرأي الذي بك يلتاح
وفي مائك الإغداق والصفو والروى
وفي ظلك الريحان والروح والراح
وكل بأثمار الحياة مهدل
وبالعطف مياس وبالعرف مياح
فأغدق للظمآن محيا ومشرب
وأفصح بالضاحي غصون وأدواح
تغني طيور الأمن فيها كأنما
بعلياك تشدو أو بذكرك ترتاح
فألحانها في سمع من أنت حزبه
أغان وفي أسماع شانيك أنواح
وكم قدت للأعداء من حزن ليلة
ضحاها لمن والاك غنم وأفراح
سموت لها باسم وفعل كلاهما
بسيفك في الهيجاء أزهر وضاح
جهاد وفت آيات فعلك باسمه
كما شرح المعنى بيان وإيضاح
وكالجيش إذ أعلقته منك نسبة
بعزتها تعلو الجيوش وتجتاح
أبوة آباء لأبناء ملكه
مشابه يحدوهن صدق وإفصاح
فما ظلموها قائمين بشبهها
إذا غوروا تحت السنور أو لاحوا
سوابغ لم تخلل بصبغ جسومهم
إذا ما غدوا في لبس نعماك أو راحوا
ولا أسهكتهم في سبيلك لبسة
بإسهاكها طابوا ومن ريحها فاحوا
وكم من فتى أعديته منك شيمة
يشم بها ريح العداة فيرتاح
ويزجي من الخطي أشطان ماتح
إلى قلب وسط القلوب فيمتاح
وبدر إذا ما غم في رهج الوغى
تجلى به قرن من الشمس لماح
وقرم لشول الحق إن حال وسقها
تجللها منه ضراب وإلقاح
جعلت عليه البر والبحر إسوة
ففي البر طيار وفي البحر سباح
وأقبسته من نور هديك فاهتدى
إلى حيث لا يهدى شراع وملاح
بفلك كأفلاك السماء نجومها
كمي ونبال وشاك ورماح
وغر إلى الغايات هيم نوازع
تهيم بها في لجة البحر أشباح
قرعت بها أمواج بحر تركته
وأمواجه تحت الكلاكل أطلاح
مفاتيح أقفال الفتوح التي نأت
وأنت بها في طاعة الله فتاح
وصابحة للمسلمين بغارة
غنائمهم فيها تمور وتنساح
حكمت برد الحق عنها فأسمحت
ولولا ظباك الحمر ما كان إسماح
غداة طمست الغي منهم بوقعة
وما قدر مصباح إذا لاح إصباح
مآثر لم يعطل بها قرن ناطح
وكيف وقرن الحق عنهن نطاح
قد اكتتبت في اللوح فخرا مؤيدا
صدور الدنا منها سطور وألواح
وآمالنا فيها بضائع متجر
سجاياك أموال لهن وأرباح
مساعي أبقين الدهور كأنها
جسوم لها منه نفوس وأرواح
محاسن تتلوها الليالي كأنها
علوم إليها تستهل وترتاح
فلو أعطيت غيد الكواعب سولها
لصيغ لها منها عقود وأوضاح
وبأس لو استعطى الكماة فضوله
لقد لهم منه سيوف وأرماح
إليها حدتني حادثات كأنها
بوارح يحدوهن برح وأبراح
على غول بحر من هموم عبابه
برحلي إلى غول المتالف طواح
إذا رام تغريقي فلج وغمرة
وإن مد في ظمئي فآل وضحضاح
وحسبي منه في الهواجر والسرى
جناح له من حسن ظني وإنجاح
وشأو مدى في مورد النجح شارع
وزند هدى في فحمة الليل قداح
إذا مد إظلام الأسى ظلم الدجى
تمثل لي من نور وجهك مصباح
وإن أبهمت أقفالها عني الفلا
تخيل لي من بشر برك مفتاح
فما صدني عن ملتقى الغيل ضيغم
ولا راعني في مورد الماء تمساح
ولا برحتني يا موفق نشوة
سجاياك لي فيها كئوس وأقداح
فكل فؤاد مخلص فيك مخلص
وكل لسان صادق لك مداح