ألذ سرور المرء ما لم يكن وعدا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أَلَذُّ سرورِ المرء ما لم يكن وعدا

​أَلَذُّ سرورِ المرء ما لم يكن وعدا​ المؤلف إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي


أَلَذُّ سرورِ المرء ما لم يكن وعدا
كما أسْعَدَتْ بالوصل بعد الجفا سُعْدَى
تبدّت بمجموعٍ من الحسن فاتنٍ
على أنّه في جمعه لم يزل فردا
أَلَمْ تَرَ وَجْهاً ما حوى من طلاسمٍ
لحيرة ألباب الورى عُقِدَت عقدا
فمن صورةٍ لَوْ نَالها البَدْرُ في الدّجى
أو الشّمسُ ما آنستَ من أحَدٍ رشدا
ومن وجنةٍ أبدى الحَيَا طيبَ رَشْحِها
كأنّ من الخَدَّيْنِ تستقطرُ الوردا
ومن مقلةٍ تروي أحاديثَ بابلٍ
على أنّ في أجفانها صارماً هِنْدا
ومن حاجب هو الهلال وإنّما
إليه سرى غُنْجٌ من الجفن فاسْوَدَّا
ومن مبسمٍ واحرَّ قلبيَ دُرّة
حواها وإن كانت لنائلِها وِرْدَا
فشكل كما راقت صياغة خاتم
وثغر يغار الدُّرُّ من حسنه نَضْدا
وطيب حديث كلّما نَطَقَتْ به
فما هو إلاّ الدرُّ في جيدها عِقدا
وريق يهبّ المسك منه كأنّه
رحيقٌ حباه اللّه مَنْ سكن الخُلْدَا
وجيدُ غزالٍ تحته خَيْزُرَانَةٌ
تقُدُّ النُّهى قدّاً لِذَاكَ سَمَتْ قَدّا
أتتني بذاك الحسنِ كَمْلاً تقول لي
إليك أبي هذي المحاسن قد تُهْدَى
فقلت أَبَعْدَ الشَّيب أَهْوَى وقد مضى
لنا من لذيذ العيش مُورِقُهُ الأندى
إذِ الأنس ممزوج الكؤوسِ بِكل ما
أساء الهوى والدّهر مُمْتَثِلٌ عَبْدَا
نَجُرُّ ثياب الأمن فوق مَجَرَّةٍ
ونرتشف الأوطار من عصرنا شَهدَا
فأمّا وقد طار الشّباب ولم يَدَعْ
لَدَى وَكْرِهِ إِلاّ أسىً يلتظي وَقْدَا
فكيف وِصالُ الغانياتِ ودُونَهُ
نِصالُ الشّباب أَرْهَفَتْ للّقا حدَّا
فقلت ألَمْ تعلم بأنّي لَقِيتُ مَنْ
تُساق الأماني للذي مقرع وجدا
فقالت أَعَبْدُ اللّه ذاك الذي سَمَا
فلا تَفْتح الأبصارَ في غَيْرِه زُهدا
فقلت نعم هو الذي أتعب العدا
لغضّ مزاياه فلم يبلغوا قصدا