أعرصة الدار أم توهمها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أَعرْصَة ُ الدَّارِ أم تَوهّمُها

​أَعرْصَة ُ الدَّارِ أم تَوهّمُها​ المؤلف عروة بن أذينة


أَعرْصَةُ الدَّارِ أم تَوهّمُها
هاجَتْكَ أم غُلَّةٌ تُجَمْجِمُها
مِنْ حُبِّ سُعْدَى شَقَّتْ عليكَ وقَدْ
شطَّت نواها وغارَ قيَّمها
وأصبحتْ لا تُزارُ صارِمةً
مِن غَيرِ ذنب مَنْ ليس يَصْرِمُها
حُدَّثْ نِبالي عنها وما نفعَتْ
وأُلِحقَتْ بالفُؤَادِ أَسْهُمُها
يومَ تراءت كأنَّها أصلاً
مُزْنَةُ بَحْرٍ يَخْفَى تَبَسُّمُها
حينَ تَوَسَّمْتُها فأرْمَضَني
بعدَ اندمالٍ منِّي توسُّمها
تَجْلُو شَتِيتاً أَغَرَّ رِيقَتُهُ
معسولةٌ طيِّبٌ تنسُّمها
كأنَّ مُسْتَنَّها تُلِمُّ بهِ
لطايمُ المِسْكِ حينَ يلثِمُها
دوَّابةُ المقلتينِ مشرقةٌ
بالحُسْنِ يجري في مائِها دَمُها
كَفِضَّةِ الكَنْزِ أُشْرِبَتْ ذَهَباً
يكادُ طرفُ الجليسِ يكلمها
إذا بدت لم تزل له عجباً
يونقهُ دلُّها وميسمها
نقذَ المها العينِ كلَّما ذكرت
بالدَّمعِ حتَّى يفيضَ أَسْجَمُها
لا تَبعدَنْ خُلَّةٌ مُسالِيَةٌ
لم يبقَ منها إلاَّ تزمُّمها
إنِّي كريمٌ آبى الهوانَ من الخلة
قد رابني تجهُّمها
واعْدِلُ النَّفْسَ وهيَ آلِفَةٌ
عن الهوى للرَّدى يقدِّمها
لِمِرَّةِ الحَزْمِ لا أُفَرِّطُها
أنقضُ ما دونها وأبرمها
أهدى لها مُخْطِىء الرشادِ كما
يُهدِي لأُمِّ الطَّريقِ مَخْرمُها
لا أجْعَلُ الجايِرَ الملولَ وذا الـ
ـشِيمةِ لا يَستقيمُ مَنْسِمُها
كجلدةِ البوِّ لا تزالُ بها
مغرورةً أمهُ تشمِّمها
يَعْرِفُها أَنفُها وتُنْكِرُها
بالعينِ منها فكيفَ تَرأَمُها
إني امروءٌ من عشيرةٍ صدقٍ
أَصوُنُ أَعْراضَها وأُكْرِمُها
وأَتَّقِي سُخْطَها وأَمْنَعُها
ممَّن يزنِّي بها ويشتمها
أَحْمِي حِماها ولن تُصادِفَني
في يومٍ كربٍ ألمَّ أسلمها
قَدْ عَلِمَتْ أَنَّني أَخُو ثِقَةٍ
أُهينُ أَعداءَها وأُكْرِمُها
وأَنَّني قَرْمُها تُقَدِّمُني
في العزِّ والمكرماتِ أكرمها
لَنا من العِزِّ القديمِ ومن
سِرِّ بيوتِ الكرامِ أَجَسَمَهُا
وإننا في الوغى ذوو نقمٍ
وجمروٌ يتَّقى تضرُّمها
يتبعنا الناسُ في الأمورِ كما
يتبعُ نظمَ الجوزاءِ مرزمها
مُلُوكُنا في المُلوكِ أَعْدَلُهمْ
حكماً وعندَ الفضال أعظمها
نحنُ العرانينُ من ذرى مضرٍ
أغزرها نائلاً وأحلمها
بيضٌ بَهاليلُ صِيدُ مملكةٍ
يرى شريفاً من قام يخدمها
تهضمُ أعداءها وما أحدٌ
مِمَّنْ تُظِلُّ السَّماءُ يَهْضِمُها
إن قريشاً همُ الذُّرى نسباً
وقائِلُ الصِّدْقِ مَنْ يُفَخِّمُها
تُعَلِّمُ الناسَ كلما جَهِلوا
ولن ترى عالماً يعلِّمها
يمنعها الله أن تذلَّ وما
قدَّمَ من فضلها ويعصمها
كلُّ معدٍّ وكلُّ ذي يمنٍ
نزمُّها ملكها ونخطمها
في عُصْبةٍ من بني خُزَيمةَ تَنْـ
العارَ لا يرتجى تظلُّمها
مُوسِرُها ذو نَدِيّ يُعاشُ به
وكالغَنيّ السَّرِيِّ مُعْدِمُها
منا النَّبيُّ الأميُّ سنتَّهُ
فاضِلةٌ نافِعٌ تَعَلُّمُها
وأَهْلُ بَدْرٍ منّا خيارُهُمُ
وأَفْهَمُ العالَمِينَ أَفْهَمُها
يقضي له الله بالَّذي سبقت
وما وعاهُ الكتابُ محكمها
يأبى لي الذَّمَّ رأيُ ذي حسبٍ
وافٍ ونفسٌ باقٍ تكُّمها
وشيمةٌ سهلةٌ مقدَّمةٌ
لم يَكُ ذو عُسْرَةٍ يُوَحِّمُها
والأرضُ فيها عَمَّا كَرِهْتُ إذَنْ
منادحٌ واسعٌ تزعُّمها
نحن البقايا وكلُّ صالحةٍ
تهدي إلى الخيرِ حينَ نقسمها