أهل بالبين فانهلت مدامعه

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أهل بالبين فانهلت مدامعه

​أهل بالبين فانهلت مدامعه​ المؤلف ابن دارج القسطلي


أهل بالبين فانهلت مدامعه
وآنس النفر فاستكت مسامعه
وودع المنزل الأعلى فأودعه
في القلب لاعج بث لا يوادعه
يا معهدا لم يضع عهد الوفاء له
مكسف النور عافي القدر ضائعه
ولا ثنى عبراتي عن تذكره
دهر نقارع في صدري قوارعه
حسبي ضلوع ثوت فيها مصائبه
ومقلة ربعت فيها مرابعه
سقاك مثل الذي عفى رباك عسى
ينبيك كيف غريب الرحل شاسعه
صبا كتصعيد أنفاسي وصوب حيا
تريك عبرة أجفاني مدامعه
سح إذا شف صحن الخد ضائره
شفى تباريح ما في القلب نافعه
ألله من وطن قلبي له وطن
يبلى وأبلى وما تبلى فجائعه
لا يسأم الدهر من شوق يطالعني
منه ومن زفرة مني تطالعه
فطالما قصرت ليلي مقاصره
لهوا وما صنعت صبحي مصانعه
وطالما أينعت حولي حدائقه
والعيش غض أنيق الروض يانعه
وكم أظل مقيلي وسط جنته
بكل فرع حمام الأيك فارعه
إن تسعد اليوم أشجاني نوائحه
فكم وكم ساعدت شجوي سواجعه
وكم وفى لي فيه من حبيب هوى
خلعت فيه عذاري فهو خالعه
روض لعين الهوى راقت أزاهره
ومشرب للصبا صابت مشارعه
وكم صدعت فؤاد الليل عن قمر
له هوى في صميم القلب صادعه
خالت فيه عيونا غير هاجعة
والحزم عني غضيض الطرف هاجعه
وفي نجادي جري الإلف مقدمه
وفي عناني مشيح الجذل دارعه
فما تجاوزت قرن الموت معتسفا
إلا وقرني رخيم الذل بارعه
تحيتي منه تقبيل ومعتنق
يشدني غله فيه وجامعه
لم أخلع الدرع إلا حين شققه
عن صفح صدري ما تحوي مدارعه
ولا توقيت سهما من لواحظه
يذيب سيفي وفي قلبي مواقعه
غصن تجرع أنداء النعيم فما
يطوق الدر إلا وهو جارعه
غض القباطي تحت الوشي ناعمها
مخلخل الجيد فوق العقد رادعه
يميس طورا وسكر الدل عاطفه
وتارة وانثناء الوشي لاذعه
فاستفرغ الخصر كثبانا تباعده
وأنبت الصدر رمانا تدافعه
وفي السوالف خوف الصدغ يجرحه
تمثال صدغيه مسكا فهو مانعه
فبت تحت رواق الليل ثانية
والشوق ثالثه والوصل رابعه
والسحر يسحر من لفظ ينازعني
والمسك يعبق من كأس أنازعه
راحا يمد سناها نور راحته
لولا المها لجرت فيها أصابعه
كأنما ذاب فيها ورد وجنته
وشجها ريقه المعسول مائعه
جنى حياة دنت مني مطاعمه
من بعد ما قد نأت عني مطامعه
بقد أنهب المسك والكافور خازنه
وأرخص الورد والتفاح بائعه
فيا ضلال نجوم الليل إذ عدمت
بدر السماء وفي حجري مضاجعه
ويا حنين ظباء القفر إذ فقدت
غزالهن وفي روضي مراتعه
مجال طرفي وما حازت لواحظه
وحر صدري وما ضمت أضالعه
والطرف مرآة عيني أستدل به
على الصباح إذا ما خيف ساطعه
جونا أزيد به ليل الرقيب دجى
ويستثير لي الإصباح لامعه
فبات يعجب من ظبي يصارعني
وقد يحن على ليث أصارعه
وما رأى قبلها قرنا أعانقه
إلا وودع نفسا لا تراجعه
حتى بدا الصبح مشمطا ذوائبه
يطارد الليل موشيا أكارعه
كأن جمع ظلال حان مصرعه
وأنت بالسيف يا منصور صارعه
أو كاشتجار رماح أنت مشرعها
في باب فتح مبين أنت شارعه
جيش يجيش برعد الموت يقدمه
إلى عداك قضاء حم واقعه
صباح بارقة لولا عجاجته
وليل هابية لولا لوامعه
دلائل اليمن في الهيجا أدلته
وأنجم السعد بالبشرى طلائعه
يهدي بهدي لواء أنت عاقده
لله والله بالتأييد رافعه
لموعد غير مكذوب عواقبه
في متجر غير مرجاة بضائعه
مثنى جهاد وصم ضم شملهما
عزم يسايره صبر يشايعه
فلا ظلام قرار أنت ساكنه
ولا نهار مغار أنت وادعه
تهيم في الأرض عن حصن تنازله
وتخرق البيد عن جيش تقارعه
حتى جدعت أنوف الشرك قاطبة
بأنف معقل كفر أنت جادعه
غاب الأسود الذي غر الظلال به
فخادع الله منه وهو خادعه
فإن شجت ثغرك الأقصى مرابصه
فقد شجت أرضه القصوى مصارعه
وإن يرع نازح الأوطان عنك فقد
راع العدى منه يوم أنت رائعه
صبحته من رياح النصر عاصفة
لا تتقي بعدها خسفا بلاقعه
كأن نافخ صور الموت أصعقه
فهد أسواره العليا صواقعه
فمقعص ناشز عنه حلائله
ومرضع ذاهل عنه مراضعه
وهام تحت بروق الموت كل رشا
الليث كافله والليث فاجعه
هذا معانقه يأسا فمسلمه
وذا معانقه إلفا فشافعه
عواطلا أنت حليت الخيول بها
جيشا غدائرها فيه براقعه
أوردتها المصر والأبصار طامحة
لصنع ما لك رب العرش صانعه
والأرض تلبسه طورا وتخلعه
والجسر حامله كرها فواضعه
طود من الخيل أعلاه وأسفله
بحر من السيل ملتج دوافعه
والشمس لابسة منه قناع دجى
واليوم أزهر وجه الجو ماتعه
بيمن حاجبك الميمون طائره
وسعد قائدك المسعود طالعه
أنجبته كاسمه تحيا علاك به
كهل التجارب شرخ العزم يافعه
ساقي الحياة لمن سالمت مطعمها
ذعاف سم لمن حاربت ناقعه
أوفى به في رداء الحلم لابسه
وعله بلبان الحرب راضعه
من أشرقت بسجاياه مقاوله
وأعرقت في مساعيه تبابعه
وقلدته تجيب حلي سابقها
حتى غدا السابق المتبوع تابعه
واحتاز إرث الألى آووا وهم نصروا
باسم يصدقه فعل يضارعه
فإن تضايقت الدنيا بمغترب
فمنذر بعد رحب الصدر واسعه
وإن دجا فلق يوما بذي أمل
فذو الرياسات طلق الليل ناصعه
ومن سواه لمقطوع أواصره
ومن سواه لمردود شوافعه
ومن سواه لخطب جل فادحه
ومن سواه لخرق قل راقعه
ومن يسيم نداه في خزائنه
كأنه في أعاديه وقائعه
واستودع الله للإسلام في يده
مكارما حفظت فيها ودائعه
يا واصلا بالندى ما الله واصله
وقاطعا بالظبى ما الله قاطعه
اسعد بفخر وفطر أنت حاصده
من بر فتح وصوم أنت زارعه
ومشهد للمصلى قد طلعت له
كالبدر مشرقة منه مطالعه
في جيش عز ونصر أنت غرته
وشمل دين ودنيا أنت جامعه
معظم القدر في الأبصار باهره
وخافض الطرف للرحمن خاشعه
وموقف لك في الداعين رفعه
إلى السموات رائيه وسامعه
بك استهل به فصل الخطاب وما
أسر ساجده الداعي وراكعه
وسلموا من صلاة العيد وافتتحوا
إليك أزكى سلام شاع شائعه
جمعا يؤم إليك القصر مستبقا
الحمد قائده والحمد وازعه
حيث المكارم مرفوع معالمها
ونير الدين معمور شرائعه
وتالد الملك محفوظ بخاتمه
من طينة المجد والرحمن طابعه
واسلم لهم ولمن أوفى به أمل
فات المنايا إلى يمناك نازعه
يعلو الجبال بأمثال الجبال أسى
يحدوه جد عثور الجد ظالعه
ورب لجة بحر تحت بحر دجى
قاسى إلى بحرك الطامي ينابعه
ومن شمائلك المعيي بدائعها
في الأرض جاءتك تستملي بدائعه
فلا تواضع قدر أنت رافعه
ولا ترفع قدر أنت واضعه