ألا خذها كمصباح الظلام
المظهر
ألا خُذْها كمِصباحِ الظّلامِ
ألا خُذْها كمِصباحِ الظّلامِ،
سَليلَةَ أسْوَدٍ، جَعدٍ، سُخامِ
مُـعَتَّـقَـةٌ، كمَـا أوْفَى لنُـوح
سوَى خمسينَ عـاماً، ألفُ عـام
أقامَتْ في الدّنان، ولم تَضِرْها،
ولكِنْ زانَها طُولُ المقامِ
أشَـبّهُهـا، وقَـدْ صُـفّـتْ صُـفُـوفـاً،
بأشياخٍ مُعَمَّمَةٍ، قِيامِ
يشـجّ القـطْـرُ أرْؤسَها، وتسقي
علَيها الرّيحُ عاماً بَعدَ عامِ
فجاءَتْ كالدّمـوعِ صَـفّــاً وَحُسْنـاً،
كقـطْـرِ الطّـلّ في صـافي الرّخامِ
أُتيحَ لها مَجوسِيّ رَقيقٌ،
نَـقـيّ الجيـبِ منْ غشِّ وذام
فسيّـلَـها بـرِفْـقٍ من بِـزالٍ،
فسَـالَ إليته عَيّـوقُ الـظّــلام
وأبْـرَزَها وقد بطـرَتْ، وصارَتْ
شَمُـولاً مِنْ مُماطَلَـةِ الجِمـامِ
ترَى فيها الْحَبابَ، وقد تَدَلّى،
كمثْلِ الدُّرّ سُلّ منَ النّظامِ
تَـرى إلْـرِيقَنـا كـالطّـيْـرِ ســامٍ،
لَهُ فَرْخانِ مِنْ دُرٍّ وسامِ
إذا ما زَقّ فَرْخاً مِنْ سُلافٍ،
تَـراهُ دامِـيـاً مِـنْ بَيـنِ دامِ
فخـذْها، إنْ أرَدْتَ لَـذيذَ عَيشٍ،
ولا تَـعـدِلْ خَليليَ بـالمـدامِ
وإنْ قالوا: حرامٌ؟ قلْ: حرامٌ!
ولكِنّ اللّذاذَةَ في الْحَرامِ
وخذْ من كفّ جاريةٍ، وصيفٍ،
رخيمٍ الدلّ، ملثوغِ الكَـلامِ
لها شَكـلُ الإناثِ وبَينَ بَينِ،
ترَى فيها تَكاريهَ الغُلامِ
فأحياناً تُقَطّبُ حاجبيْها،
وأحْيـانـاً تَثَـنّى كـالحُسـامِ
وغنّ، إذ طَرِبْتَ، فديكَ نَفسي
وقـد كحَلَتكَ أسْبـابُ المَنـامِ:
«ألا حَيِّ الْحَبيبَةَ بالسّلامِ،
وإنْ هيَ لم تُطِقْ رجْعَ الكَلامِ»!