كتاب الأم/كتاب الجزية/كيف تفضل فرض الجهاد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: كيف تفضل فرض الجهاد



[أخبرنا الربيع] قال:[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} مع ما أوجب من القتال في غير آية من كتابه، وقد وصفنا أن ذلك على الأحرار المسلمين البالغين غير ذوي العذر بدلائل الكتاب والسنة، فإذا كان فرض الجهاد على من فرض عليه محتملا لان يكون كفرض الصلاة وغيرها عاما ومحتملا لان يكون على غير العموم فدل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه على أن فرض الجهاد إنما هو على أن يقوم به من فيه كفاية للقيام به حتى يجتمع أمران أحدهما أن يكون بإزاء العدو المخوف على المسلمين من يمنعه، والآخر أن يجاهد من المسلمين من في جهاده كفاية حتى يسلم أهل الأوثان، أو يعطي أهل الكتاب الجزية قل، فإذا قام بهذا من المسلمين من فيه الكفاية به خرج المتخلف منهم من المأثم في ترك الجهاد وكان الفضل للذين ولوا الجهاد على المتخلفين عنه قال الله عز وجل: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} الآية.

[قال الشافعي]: وبين إذ وعد الله عز وجل القاعدين غير أولي الضرر الحسنى أنهم لا يأثمون بالتخلف ويوعدون الحسنى بالتخلف بل وعدهم لما وسع عليهم من التخلف الحسنى إن كانوا مؤمنين لم يتخلفوا شكا، ولا سوء نية، وإن تركوا الفضل في الغزو وأبان الله عز وجل في قوله في النفير حين أمرنا بالنفير {انفروا خفافا وثقالا} وقال عز وجل: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} وقال تبارك وتعالى {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين} الآية، فأعلمهم أن فرض الجهاد على الكفاية من المجاهدين.

[قال الشافعي]: ولم يغز رسول الله غزاة علمتها إلا تخلف عنه فيها بشر فغزا بدرا وتخلف عنه رجال معروفون، وكذلك تخلف عنه عام الفتح وغيره من غزواته في غزوة تبوك وفي تجهزه للجمع للروم (ليخرج من كل رجلين رجل فيخلف الباقي الغازي في أهله وماله).

[قال الشافعي]: وبعث رسول الله جيوشا وسرايا تخلف عنها بنفسه مع حرصه على الجهاد على ما ذكرت.

[قال الشافعي]: وأبان أن لو تخلفوا معا أثموا معا بالتخلف بقوله عز وجل: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} يعني والله تعالى أعلم، إلا إن تركتم النفير كلكم عذبتكم قال ففرض الجهاد على ما وصفت يخرج المتخلفين من المأثم بالكفاية فيه، ويأثمون معا إذا تخلفوا معا.


كتاب الأم - كتاب الجزية
مبتدأ التنزيل والفرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم على الناس | الإذن بالهجرة | مبتدأ الإذن بالقتال | فرض الهجرة | أصل فرض الجهاد | من لا يجب عليه الجهاد | من له عذر بالضعف والمرض والزمانة في ترك الجهاد | العذر بغير العارض في البدن | العذر الحادث | تحويل حال من لا جهاد عليه | شهود من لا فرض عليه القتال | من ليس للإمام أن يغزو به بحال | كيف تفضل فرض الجهاد | تفريع فرض الجهاد | تحريم الفرار من الزحف | في إظهار دين النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأديان | الأصل فيمن تؤخذ الجزية منه ومن لا تؤخذ | من يلحق بأهل الكتاب | تفريع من تؤخذ منه الجزية من أهل الأوثان | من ترفع عنه الجزية | الصغار مع الجزية | مسألة إعطاء الجزية بعدما يؤسرون | مسألة إعطاء الجزية على سكنى بلد ودخوله | كم الجزية ؟ | بلاد العنوة | بلاد أهل الصلح | الفرق بين نكاح من تؤخذ منه الجزية وتؤكل ذبائحهم | تبديل أهل الجزية دينهم | جماع الوفاء بالنذر والعهد ونقضه | جماع نقض العهد بلا خيانة | نقض العهد | ما أحدث الذين نقضوا العهد | ما أحدث أهل الذمة الموادعون مما لا يكون نقضا | المهادنة | المهادنة على النظر للمسلمين | مهادنة من يقوى على قتاله | جماع الهدنة على أن يرد الإمام من جاء بلده مسلما أو مشركا | أصل نقض الصلح فيما لا يجوز | جماع الصلح في المؤمنات | تفريع أمر نساء المهادنين | إذا أراد الإمام أن يكتب كتاب صلح على الجزية كتب: بسم الله الرحمن الرحيم | الصلح على أموال أهل الذمة | كتاب الجزية على شيء من أموالهم | الضيافة مع الجزية | الضيافة في الصلح | الصلح على الاختلاف في بلاد المسلمين | ذكر ما أخذ عمر رضي الله تعالى عنه من أهل الذمة | تحديد الإمام ما يأخذ من أهل الذمة في الأمصار | ما يعطيهم الإمام من المنع من العدو | تفريع ما يمنع من أهل الذمة | الحكم بين أهل الذمة | الحكم بين أهل الجزية