كتاب الأم/كتاب الجزية/الصلح على الاختلاف في بلاد المسلمين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: الصلح على الاختلاف في بلاد المسلمين



[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولا أحب أن يدع الوالي أحدا من أهل الذمة في صلح إلا مكشوفا مشهودا عليه وأحب أن يسأل أهل الذمة عما صالحوا عليه مما يؤخذ منهم إذا اختلفوا في بلاد المسلمين فإن أنكرت منهم طائفة أن تكون صالحت على شيء يؤخذ منها سوى الجزية لم يلزمها ما أنكرت وعرض عليها إحدى خصلتين أن لا تأتي الحجاز بحال أو تأتي الحجاز على أنها متى أتت الحجاز أخذ منها ما صالحها عليه عمر وزيادة إن رضيت به وإنما قلنا لا تأتي الحجاز لأن رسول الله أجلاها من الحجاز وقلنا تأتيه على ما أخذ عمر أن ليس في إجلائها من الحجاز أمر يبين أن يحرم أن تأتي الحجاز منتابة وإن رضيت بإتيان الحجاز على شيء مثل ما أخذ عمر أو أكثر منه أذن لها أن تأتيه منتابة لا تقيم ببلد منه أكثر من ثلاث فإن لم ترض منعها منه وإن دخلته بلا إذن لم يؤخذ من مالها شيء وأخرجها منه وعاقبها إن علمت منعه إياها ولم يعاقبها إن لم تعلم منعه إياها وتقدم إليها فإن عادت عاقبها ويقدم إلى ولاته أن لا يجيزوا بلاد الحجاز إلا بالرضا والإقرار بأن يؤخذ منهم ما أخذ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وإن زادوه عليها شيئا لم يحرم عليه فكان أحب إلي وإن عرضوا عليه أقل منه لم أحب أن يقبله. وإن قبله لخلة بالمسلمين رجوت أن يسعه ذلك لأنه إذا لم يحرم أن يأتوا الحجاز مجتازين لم يحل إتيانهم الحجاز كثير يؤخذ منهم ويحرمه قليل وإذا قالوا نأتيها بغير شيء لم يكن ذلك للوالي ولا لهم ويجتهد أن يجعل هذا عليهم في كل بلد انتابوه فإن منعوا منه في البلدان فلا يبين لي أن له أن يمنعهم بلدا غير الحجاز ولا يأخذ من أموالهم وإن اتجروا في بلد غير الحجاز شيئا ولا يحل أن يؤذن لهم في مكة بحال وإن أتوها على الحجاز أخذ منهم ذلك وإن جاءوها على غير شرط لم يكن له أن يأخذ منهم شيئا وعاقبهم إن علموا نهيه عن إتيان مكة ولم يعاقبهم إن لم يعلموا.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وينبغي أن يبتدئ صلحهم على البيان من جميع ما وصفت ثم يلزمهم ما صالحوا عليه فإن أغفلهم منعهم الحجاز كله فإن دخلوه بغير صلح لم يأخذ منهم شيئا ولا يبين لي أن يمنعهم غير الحجاز من البلدان قال ولا أحسب عمر بن الخطاب ولا عمر بن عبد العزيز أخذ ذلك منهم إلا عن رضا منهم بما أخذ منهم فأخذه منهم كما تؤخذ الجزية فإما أن يكون ألزمهموه بغير رضا منهم فلا أحسبه وكذلك أهل الحرب يمنعون الإتيان إلى بلاد المسلمين بتجارة بكل حال إلا بصلح فما صالحوا عليه جاز لمن أخذه وإن دخلوا بأمان وغير صلح مقرين به لم يؤخذ منهم شيء من أموالهم وردوا إلى مأمنهم إلا أن يقولوا إنما دخلنا على أن يؤخذ منا، فيؤخذ منهم وإن دخلوا بغير أمان غنموا وإذا لم يكن لهم دعوى أمان ولا رسالة كانوا فيئا وقتل رجالهم إلا أن يسلموا أو يؤدوا الجزية قبل أن نظفر بهم إن كانوا ممن يجوز أن تؤخذ منهم الجزية وإن دخل رجل من أهل الذمة بلدا أو دخلها حربي بأمان فأدى عن ماله شيئا ثم دخل بعد لم يؤخذ ذلك منه إلا بأن يصالح عليه قبل الدخول أو يرضى به بعد الدخول فأما الرسل ومن ارتاد الإسلام فلا يمنعون الحجاز لأن الله عز وجل يقول لنبيه {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} وإن أراد أحد من الرسل الإمام وهو بالحرم فعلى الإمام أن يخرج إليه ولا يدخله الحرم إلا أن يكون يغني الإمام فيه الرسالة والجواب فيكتفي بهما، فلا يترك يدخل الحرم بحال.


كتاب الأم - كتاب الجزية
مبتدأ التنزيل والفرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم على الناس | الإذن بالهجرة | مبتدأ الإذن بالقتال | فرض الهجرة | أصل فرض الجهاد | من لا يجب عليه الجهاد | من له عذر بالضعف والمرض والزمانة في ترك الجهاد | العذر بغير العارض في البدن | العذر الحادث | تحويل حال من لا جهاد عليه | شهود من لا فرض عليه القتال | من ليس للإمام أن يغزو به بحال | كيف تفضل فرض الجهاد | تفريع فرض الجهاد | تحريم الفرار من الزحف | في إظهار دين النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأديان | الأصل فيمن تؤخذ الجزية منه ومن لا تؤخذ | من يلحق بأهل الكتاب | تفريع من تؤخذ منه الجزية من أهل الأوثان | من ترفع عنه الجزية | الصغار مع الجزية | مسألة إعطاء الجزية بعدما يؤسرون | مسألة إعطاء الجزية على سكنى بلد ودخوله | كم الجزية ؟ | بلاد العنوة | بلاد أهل الصلح | الفرق بين نكاح من تؤخذ منه الجزية وتؤكل ذبائحهم | تبديل أهل الجزية دينهم | جماع الوفاء بالنذر والعهد ونقضه | جماع نقض العهد بلا خيانة | نقض العهد | ما أحدث الذين نقضوا العهد | ما أحدث أهل الذمة الموادعون مما لا يكون نقضا | المهادنة | المهادنة على النظر للمسلمين | مهادنة من يقوى على قتاله | جماع الهدنة على أن يرد الإمام من جاء بلده مسلما أو مشركا | أصل نقض الصلح فيما لا يجوز | جماع الصلح في المؤمنات | تفريع أمر نساء المهادنين | إذا أراد الإمام أن يكتب كتاب صلح على الجزية كتب: بسم الله الرحمن الرحيم | الصلح على أموال أهل الذمة | كتاب الجزية على شيء من أموالهم | الضيافة مع الجزية | الضيافة في الصلح | الصلح على الاختلاف في بلاد المسلمين | ذكر ما أخذ عمر رضي الله تعالى عنه من أهل الذمة | تحديد الإمام ما يأخذ من أهل الذمة في الأمصار | ما يعطيهم الإمام من المنع من العدو | تفريع ما يمنع من أهل الذمة | الحكم بين أهل الذمة | الحكم بين أهل الجزية