رياض الصالحين/الصفحة السابعة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
رياض الصالحين المؤلف يحيى النووي
باب المراقبة


باب المراقبة

قال الله تعالى: {الذى يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} ((الشعراء: 219،220))

وقال تعالى:{وهو معكم أينما كنتم} ((الحديد :4)

وقال تعالى: { إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} ((آل عمران : 6))

وقال تعالى: {إن ربك لبالمرصاد} ((الفجر : 14))

وقال تعالى : {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (( غافر : 19)) والآيات في الباب كثيرة معلومة.

60- وأما الأحاديث ؛ فالأول: عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه ، قال " بينما نحن جلوس عند رسول الله، ذات يوم إذ طلع عينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي ، ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال: رسول الله : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه! قال : فأخبرني عن الإيمان. قال أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال صدقت. قال فأخبرني عن الإحسان . قال أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال : فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطالون في البنيان. ثم انطلق، فلبثت ملياً، ثم قال: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم" ((رواه مسلم)) .

ومعنى : تلد الأمة ربتها أي: سيدتها؛ ومعناه أن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية بنتا لسيدها، وبنت السيد في معنى السيد، وقيل غير ذلك. و العالة الفقراء. وقوله ملياً أي زمناً طويلاً، وكان ذلك ثلاثاً


61- الثانى: عن أبي ذر جندب بن جنادة، وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل، رضي الله عنهما، عن رسول الله ، قال: " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن )).

62- الثالث: عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: " كنت خلف النبي، ، يوماً فقال: " يا غلام إني أعلمك كلمات: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام، وجفت الصحف" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح)) .

وفى رواية غير الترمذي: احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً

63- الرابع: عن أنس رضي الله عنه قال: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله من الموبقات" ((رواه البخاري )) وقال : الموبقات المهلكات .

64- الخامس : عن أبي هريرة، رضي الله عنه ، عن النبي ، قال: " إن الله تعال يغار، وغيرة الله ، تعالى، أن يأتي المراء ما حرم الله عليه" ((متفق عليه)) .

و الغيرة : بفتح الغين، وأصلها الأنفة


65- السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي يقول: " إن ثلاثة من بنى إسرائيل : أبرص ، وأقرع، وأعمى، أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال : لون حسن، وجلد حسن ، ويذهب عني الذى قد قذرني الناس؛ فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل-أو قال البقر-شك الرواي- فأعطي ناقة عشراء، فقال: بارك الله لك فيها.

فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا الذى قذرني الناس ، فمسحه فذهب عنه وأعطي شعراً حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، فأعطي بقرة حاملاً،وقال بارك الله لك فيها.

فأتي الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر الناس، فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والداً. فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم.

ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال له: رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيراً أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال : كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيراً، فأعطاك الله ؟! فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت.

وأتى الأقرع، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما ردّ هذا، فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت .

وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري؟ فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله ما أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل فقال: أمسك عليك مالك فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك" ((متفق عليه)) .

والناقة العشراء بضم العين وفتح الشين وبالمد: هى الحامل. قوله أنتج

وفى رواية : فنتج معناه : تولى نتاجها ، والناتج للناقة كالقابلة للمرأة .

وقوله ولد هذا هو بتشديد اللام : أى تولى ولادتها، وهو بمعنى نتج في الناقة. فالمولد، والناتج، والقابلة بمعنى، لكن هذا للحيوان وذاك لغيره.

وقوله: انقطعت بي الحبال هو بالحاء المهملة والباء الموحدة: أي الأسباب:

وقوله: لا أجهدك معناه : لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أو تطلبه من مالي. ((وفى رواية البخاري)) : لا أحمدك بالحاء المهملة والميم، ومعناه: لا أحمدك بترك شيء تحتاج إليه ، كما قالوا : : ليس على طول الحياة ندم، أي على فوات طولها.


66- السابع: عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي قال: " الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن)).

قال الترمذي وغيره من العلماء : معنى دان نفسه  : حاسبها

67- الثامن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  : " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" ((حديث حسن رواه الترمذي وغيره))

68- التاسع: عن عمر رضي الله عنه عن النبي قال: "لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته" ((رواه أبو دواد وغيره)) .

رياض الصالحين - كتاب المقدمات

باب الإخلاص وإحضار النية | باب باب التوبة | باب الصبر | باب الصدق | باب المراقبة | باب التقوى | باب اليقين والتوكل | باب الاستقامة | باب التفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى | باب المجاهدة | باب الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر | باب بيان كثرة طرق الخير | باب الاقتصاد في العبادة | باب المحافظة على الأعمال | باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها | باب وجوب الانقياد لحكم اللَّه تعالى | باب النهي عن البدع ومحدثات الأمور | باب من سن سنة حسنة أو سيئة | باب الدلالة على خير والدعاء إلى هدى أو ضلالة | باب التعاون على البر والتقوى | باب النصيحة | باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر | باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أو نهى عن منكر وخالف قوله فعله | باب الأمر بأداء الأمانة | باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم | باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم | باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة | باب قضاء حوائج المسلمين | باب الشفاعة | باب الإصلاح بين الناس | باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء الخاملين | باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين | باب الوصية بالنساء | باب حق الزوج على المرأة | باب النفقة على العيال | باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد | باب وجوب أمر أهله وأولاده بطاعة الله تعالى | باب حق الجار والوصية به | باب بر الوالدين وصلة الأرحام | باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم | باب بر أصدقاء الأب والأم | باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم | باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل | باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم | باب فضل الحب في الله والحث عليه | باب علامات حب الله تعالى للعبد | باب التحذير من إيذاء الصالحين | باب إجراء أحكام الناس على الظاهر | باب الخوف | باب الرجاء | باب فضل الرجاء | باب الجمع بين الخوف والرجاء | باب فضل البكاء | باب فضل الزهد في الدنيا | باب فضل الجوع وخشونة العيش | باب القناعة والقفاف والاقتصاد | باب جواز الأخذ من غير مسألة | باب الحث على الأكل من عمل يده | باب الكرم والجود والإنفاق | باب النهى عن البخل والشح | باب الإيثار والمواساة | باب التنافس في أمور الآخرة | باب فضل الغني الشاكر | باب ذكر الموت وقصر الأمل | باب استحباب زيارة القبور للرجال | باب كراهة تمنى الموت | باب الورع وترك الشبهات | باب استحباب العزلة عند فساد الناس | باب فضل الاختلاط بالناس حضور جمعهم وجماعاتهم | باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين | باب تحريم الكبر والإعجاب | باب حسن الخلق | باب الحلم والأناة والرفق | باب العفو والإعراض عن الجاهلين | باب احتمال الأذى | باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع | باب أمر ولاة الأمور بالرفق برعاياهم | باب الوالى العادل | باب وجوب طاعة ولاة الأمر | باب النهى عن سؤال الإمارة | باب حث السلطان والقاضي | باب النهى عن تولية الإمارة والقضاء