خليلي مرا بي على أم جندب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

<قصائد امرؤ القيس

خليلّي مرّا بي على أم جندب
نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفُؤادِ المُعذَّبِ
فَإنّكُمَا إنْ تَنْظُرَانيَ سَاعَة ً
من الدهرِ تَنفعْني لَدى أُمِّ جُندَبِ
ألم ترياني كلما جئتُ طارقاً
يُفَدّونَهُ بالأمّهَاتِ وبَالأبِ
عَقيلَة ُ أتْرَابٍ لهِا، لا دَمِيمَة
وَلا ذَاتُ خَلقٍ إن تأمّلتَ جَأنّبِ
ألا ليتَ شعري كيف حادث وصلها
وكيْفَ تُرَاعي وُصْلَة َ المُتَغَيِّبِ
أقَامَتْ على مَا بَيْنَنَا مِنْ مَوَدّة ٍ
أميمة أم صارت لقول المخببِ
فإن تنأ عنها لا تُلاقِها
فإنكَ مما أحدثت بالمجربِ
وقالت متى يبخل عليك ويعتلل
يسوكَ إن يكشف غرامكَ تدرب
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن
سوالك نقباً بن حزمي شعبعب
علونَ بأنطاكية ٍ فوق عقمة
كجرمة نخل أو كجنة يثرب
ولله علينا من رأى من تفرق
أشت وأنأى من فراق المحصّب
فريقان منهم جازع بطنَ نخلة
وآخر منهم قاطعٌ نجد كبكب
فَعَيْنَاكَ غَرْباً جَدْوَلٍ في مُفَاضَة ٍ
كمَرّ الخَليجِ في صَفيحٍ مُصَوَّبِ
وإنكَ لم يفخر عليكَ كفاخر
ضَعيفٍ وَلمْ يَغْلِبْكَ مثْلُ مُغَلَّبِ
وإنك لم تقطع لبانة عاشقِ
بمِثْلِ غُدُوّ أوْ رَوَاحٍ مُؤَوَّبِ
بأدماء حرجوج كأن قتودها
على أبلق الكشحين ليس بمغرب
يُغرد بالأسحار في كل سدفة
تَغَرُّدَ مَيّاحِ النّدَامى المُطَرِّبِ
أَقَبَّ رَباعٍ مِن حَميرِ عَمايَةٍ
يَمُجُّ لِعاعَ البَقلِ في كُلِّ مَشرَبِ
بمحنية قد آزر الضال نبتها
مَجَرَّ جُيُوشٍ غَانِمِينَ وَخُيّبِ
وقَد أغتَدى وَالطّيرُ في وُكُنّاتِهَا
وَماءُ الندى يجرِي على كلّ مِذْنَبِ
بمنجردِ قيدِ الأوابد لاحهُ
طِرَادُ الهَوَادِي كُلَّ شَاوٍ مُغرِّبِ
عَلى الأينِ جَيّاشٍ كَأنّ سَرَاتَهُ
على الضَّمرِ وَالتّعداءِ سَرْحة ُ مَرْقَبِ
يُبارِي الخَنوفَ المُسْتَقلَّ زِماعُهُ
ترى شخصه كأنه عود مشحب
له أيطلا ظبي وساقا نعامة
وَصَهْوَة ُ عَيرٍ قائمٍ فَوْقَ مَرْقَبِ
وَيَخْطُو على صُمٍّ صِلابٍ كَأنّهَا
حجارة غيل وارساتٌ بطحلب
له كفلٌ كالدّعص لبدهُ الثدى
إلى حارِكٍ مِثْلِ الغَبيطِ المُذَأّبِ
وَعَينٌ كمِرْآة ِ الصَّنَاعِ تُدِيرُها
لمَحْجِرهَا مِنَ النّصيفِ المُنَقَّبِ
لَهُ أُذُنَانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهِمَا
كسامعتي مذعورة وسطَ ربرب
ومستفلكُ الذفرى كأن عنانهُ
ومَثْناتَهُ في في رأسِ جِذْعٍ مُشذَّبِ
وَاسْحَمُ رَيّانُ العَسيبِ كَأنّهُ
عَثاكيلُ قِنْوٍ من سُميحة ِ مُرْطِبِ
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه
تَقولُ هزِيزُ الرّيحِ مَرّتْ بأثْأبِ
يُدِيرُ قَطَاة ً كَالمَحَالَة ِ أشْرَفَتْ
إلى سند مثلُ الغبيطِ المذأبِ
وَيَخْضِدُ في الآرِيّ، حتى كأنّهُ
بهِ عُرّة ٌ من طائفٍ، غَيرَ مُعْقِبِ
فَيَوماً عَلى سِربٍ نَقِيِّ جُلودُهُ
وَيَوماً عَلى بَيدانَةٍ أُمِّ تَولَبِ
فينا نعاجٌ يرتعينَ خميلة ً
كمَشْيِ العَذارَى في المُلاءِ المُهَدَّبِ
فكان تنادينا وعقد عذارهِ
وَقَالَ صِحَابي قد شَأَوْنَكَ فاطْلُبِ
فلأياً بلأي ما حملنا غلامنا
على ظَهْرِ مَحْبوكِ السّرَاة ُ مُحنَّبِ
وولى كشؤبوب الغشي بوابل
ويخرجن من جعد ثراهُ منصبٍ
فَلِلساقِ أُلهوبٌ وَلِلسَوطِ دُرَّةٌ
وَلِلزَجرِ مِنهُ وَقعُ أَهوَجَ مُتعَبِ
فَأدْرَكَ لمْ يَجْهَدْ وَلمْ يَثنِ شَأوَهُ
تر كخذروف الوليد المثقبِ
ترى الفار في مستنقع القاع لا حباً
على جدد الصحراء من شد ملهبِ
خفاهنَّ من أنفاقهن كأنما
خفاهن ودق من عشي مجلب
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعجَة ٍ
وَبينَ شَبوبٍ كَالقَضِيمَة ِ قَرْهَبِ
وظل لثيران الصريم غماغمُ
يداعسها بالسمهريِّ المعلب
فَكابٍ على حُرّ الجبينِ وَمُتّقِ
بمَدْرِيَة ٍ كَأنّهَا ذَلْقُ مِشْعَبِ
وقلنا لفتيان كرام ألا انزلوا
فَعَالُوا عَلَيْنَا فضْلَ ثوْبٍ مُطنَّبِ
وَأَوتادَهُ ماذَيَّةٌ وَعِمادُهُ
رُدَينِيَّةٌ بِها أَسِنَّةُ قُعضُبِ
وَأَطْنَابُهُ أشطَانُ خوصٍ نَجائِبٍ
وصهوته من أتحميِّ مشرعب
فَلَمّا دَخَلْنَاهُ أصَغْنَا ظُهُورَنَا
إلى كلّ حاري جديد مشطب
كأنّ عُيونَ الوَحشِ حَوْلَ خِبائِنَا
وأرجلنا الجزع الذي لم يثقب
نمش بأعراف الجياد أكفنا
إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهب
ورحنا كأنا من جواثي عشية
نعالي النعاجَ بين عدل ومحقب
وراح كتيس الرّبل ينفض رأسهُ
أذَاة ً بهِ مِنْ صَائِكٍ مُتَحَلِّبِ
كأنك دماءَ الهاديات بنحره
عُصَارَة حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُخَضَّبِ
وأنت إذا استدبرته سد فرجهُ
بضاف فويقَ الأرض ليس بأصهب
نص القصيدة بدون تشكيل
خليلّي مرّا بي على أم جندب
نقضّ لبانات الفؤاد المعذّب
فإنّكما إن تنظراني ساعة
من الدهر تنفعني لدى أمّ جندب
ألم ترياني كلما جئت طارقا
يفدّونه بالأمّهات وبالأب
عقيلة أتراب لها، لا دميمة
ولا ذات خلق إن تأمّلت جأنّب
ألا ليت شعري كيف حادث وصلها
وكيف تراعي وصلة المتغيّب
أقامت على ما بيننا من مودّة
أميمة أم صارت لقول المخبب
فإن تنأ عنها لا تلاقها
فإنك مما أحدثت بالمجرب
وقالت متى يبخل عليك ويعتلل
يسوك إن يكشف غرامك تدرب
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن
سوالك نقبا بن حزمي شعبعب
علون بأنطاكية فوق عقمة
كجرمة نخل أو كجنة يثرب
ولله علينا من رأى من تفرق
أشت وأنأى من فراق المحصّب
فريقان منهم جازع بطن نخلة
وآخر منهم قاطع نجد كبكب
فعيناك غربا جدول في مفاضة
كمرّ الخليج في صفيح مصوّب
وإنك لم يفخر عليك كفاخر
ضعيف ولم يغلبك مثل مغلّب
وإنك لم تقطع لبانة عاشق
بمثل غدوّ أو رواح مؤوّب
بأدماء حرجوج كأن قتودها
على أبلق الكشحين ليس بمغرب
يغرد بالأسحار في كل سدفة
تغرّد ميّاح النّدامى المطرّب
أقبّ رباع من حمير عماية
يمجّ لعاع البقل في كلّ مشرب
بمحنية قد آزر الضال نبتها
مجرّ جيوش غانمين وخيّب
وقد أغتدى والطّير في وكنّاتها
وماء الندى يجري على كلّ مذنب
بمنجرد قيد الأوابد لاحه
طراد الهوادي كلّ شاو مغرّب
على الأين جيّاش كأنّ سراته
على الضّمر والتّعداء سرحة مرقب
يباري الخنوف المستقلّ زماعه
ترى شخصه كأنه عود مشحب
له أيطلا ظبي وساقا نعامة
وصهوة عير قائم فوق مرقب
ويخطو على صمّ صلاب كأنّها
حجارة غيل وارسات بطحلب
له كفل كالدّعص لبده الثدى
إلى حارك مثل الغبيط المذأّب
وعين كمرآة الصّناع تديرها
لمحجرها من النّصيف المنقّب
له أذنان تعرف العتق فيهما
كسامعتي مذعورة وسط ربرب
ومستفلك الذفرى كأن عنانه
ومثناته في في رأس جذع مشذّب
واسحم ريّان العسيب كأنّه
عثاكيل قنو من سميحة مرطب
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه
تقول هزيز الرّيح مرّت بأثأب
يدير قطاة كالمحالة أشرفت
إلى سند مثل الغبيط المذأب
ويخضد في الآريّ، حتى كأنّه
به عرّة من طائف، غير معقب
فيوما على سرب نقيّ جلوده
ويوما على بيدانة أمّ تولب
فينا نعاج يرتعين خميلة
كمشي العذارى في الملاء المهدّب
فكان تنادينا وعقد عذاره
وقال صحابي قد شأونك فاطلب
فلأيا بلأي ما حملنا غلامنا
على ظهر محبوك السّراة محنّب
وولى كشؤبوب الغشي بوابل
ويخرجن من جعد ثراه منصب
فللساق ألهوب وللسوط درّة
وللزجر منه وقع أهوج متعب
فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه
تر كخذروف الوليد المثقب
ترى الفار في مستنقع القاع لا حبا
على جدد الصحراء من شد ملهب
خفاهنّ من أنفاقهن كأنما
خفاهن ودق من عشي مجلب
فعادى عداء بين ثور ونعجة
وبين شبوب كالقضيمة قرهب
وظل لثيران الصريم غماغم
يداعسها بالسمهريّ المعلب
فكاب على حرّ الجبين ومتّق
بمدرية كأنّها ذلق مشعب
وقلنا لفتيان كرام ألا انزلوا
فعالوا علينا فضل ثوب مطنّب
وأوتاده ماذيّة وعماده
ردينيّة بها أسنّة قعضب
وأطنابه أشطان خوص نجائب
وصهوته من أتحميّ مشرعب
فلمّا دخلناه أصغنا ظهورنا
إلى كلّ حاري جديد مشطب
كأنّ عيون الوحش حول خبائنا
وأرجلنا الجزع الذي لم يثقب
نمش بأعراف الجياد أكفنا
إذا نحن قمنا عن شواء مضهب
ورحنا كأنا من جواثي عشية
نعالي النعاج بين عدل ومحقب
وراح كتيس الرّبل ينفض رأسه
أذاة به من صائك متحلّب
كأنك دماء الهاديات بنحره
عصارة حنّاء بشيب مخضّب
وأنت إذا استدبرته سد فرجه
بضاف فويق الأرض ليس بأصهب