الفقيه والمتفقه/الجزءالعاشر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



كتاب الفقيه والمتفقه الجزء العاشر

استقباله المتفقهة بالترحيب بهم واظهار البشر لهم

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي ، نا محمد بن إسماعيل السلمي ، نا ابن أبي مريم ، أخبرنا يحيى بن أيوب ، حدثني ابن زحر عن ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب ، قال : كنا نأتي أبا سعيد الخدري ونحن غلمان فنسأله فيقول : مرحبا بوصية رسول الله ، سمعت رسول الله يقول :  : « سيأتيكم أناس يتفقهون ، ففقهوهم وأحسنوا تعليمهم » ،

قال : فكان يجيبنا بمسائلنا ، فإذا نفدت حدثنا بعد حتى نمل .

حدثني الحسن بن محمد الخلال ، نا علي بن عمر الحافظ ، نا محمد بن الفتح القلانسي ، نا أحمد بن عمر بن بشر البزاز ، نا يحيى بن صالح ، نا عبد العزيز بن حصين ، نا أبو هارون العبدي ، قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد يقول : مرحباً بوصية رسول الله ، ان رسول الله قال : « إنكم ستفتحون البلاد فيأتيكم غلمان حديثة أسنانهم يتفقهون في الدين ، فإذا جاؤكم فأوسعوا لهم في المجلس وأفهموهم الحديث » .

ولمتفقهة العجم مزية على من سواهم لذكر النبي إياهم .

أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر القاضي والحسن بن أبي بكر ، قالا : أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، نا محمد بن يونس ، نا عبيد الله بن رواحة أبو سفيان الأسدي ، نا ابن عون عن محمد عن أبي هريرة ، قال :قال رسول الله :  : « لو كان الدين معلقاً بالثريا تناوله رجال من الفرس » .

أخبرنا محمد بن عمر النرسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي ، نا محمد بن غالب ، نا عثمان ابن الهيثم وهوذة بن خليفة ، قالا : نا عوف عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله :  : « لو أن العلم معلق بالثريا لناله قوم من أبناء فارس » .

أخبرنا علي بن أحمد بن إبراهيم البصري ، نا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ، نا يعقوب بن سفيان ، نا الحميدي ، قال : نا سفيان ، نا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : سمعت قيساً ، قال : سمعت جرير بن عبيد الله البجلي رضي الله عنه يقول : ما رآني رسول الله قط إلا تبسم في وجهي .

أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي ، نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال : حدثني محمد بن بشير الكندي ، نا سلم بن سالم البلخي عن أبي حبيب الموصلي عن مكحول ، قال : التقى يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم عليهما السلام فضحك عيسى في وجه يحيى وصافحه ، فقال له يحيى : يا ابن خالتي أراك ضاحكاً كأنك قد أمنت ، فقال له عيسى : يا ابن خالتي ما لي أراك عابساً كأنك قد يئست ، فأوحى الله إليهما أن أحبكما إليَّ أبشكما لصاحبه .

أخبرنا أبو القاسم الأزهري وأبو محمد الجوهري وعلي بن محسن التنوخي ، قالوا : أخبرنا محمد ابن العباس الخزاز ، أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان ، نا موسى بن الحسن ، نا عبد الله بن بكر السهمي قال حدثني بشر أبو نصر ، ان عبد الملك بن مروان دخل على معاوية وعنده عمرو بن العاص فسلم ثم جلس ثم لم يلبث ان نهض ، فقال معاوية : ما اكمل مروءة هذا الفتى ! فقال عمرو : يا أمير المؤمنين إنه أخذ بأخلاق أربعة وترك أخلاقاً ثلاثة : انه أخذ بأحسن البشر إذا لقي ، وبأحسن الحديث إذا حدث ، وبأحسن الاستماع إذا حُدث ، وبأيسر المؤونة إذا خولف ، وترك مزاح من لايوثق بعقله ولا دينه ، وترك مجالسة لئام الناس ، وترك من الكلام ما يعتذر منه .

وينبغي للفقيه أن يتألف المتفقهة بالمعونة لهم على حسب إمكانه ، والانبساط إليهم ، والتخلق معهم .

أخبرنا أبو طاهر حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، نا عبد الله ابن محمد البغوي ، نا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة عن أبي حمزة ، قال : كنت أقعد مع ابن عباس فكان يجلسني معه على سريره ، فقال لي : أقم عندي حتى أجعل لك سهماً من مالي .

أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت الدقاق ، نا محمد ابن صالح بن ذريح ، نا هناد بن السري ، نا أبو أسامة عن بدر بن خليل عن إسماعيل بن سعد ، قال : دخلت على حبة العرني فقدم إلي طبقاً عليه تمر دقل ورطبة ، فقال : كل فلو كان في البيت شىء هو أطيب من هذا أطعمتك ، فإن علياً كان يقول : إذا دخل عليك أخوك المسلم فأطعمه من أطيب ما في بيتك وإن كان صائماً فادهنه .

أخبرنا عبد العزيز بن علي الأزجي وعلي بن المحسن التنوخي ، قالا : أخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق ، نا أحمد بن مسروق الطوسي ، نا محمد بن الحسين البرجلاني ، نا أبو عمر الضرير ، نا فضالة الشحام ، قال : كان الحسن إذا دخل عليه اخوانه أتاهم بما يكون عنده ، ولربما قال لبعضهم : أخرج السلة من تحت السرير ، فيخرجها فإذا فيها رطب فيقول إنما أدخرته لكم .

قال ابن مسروق ( ونا ) محمد ، قال : حدثني معاوية بن عمرو الأزدي ، نا زائدة بن قدامة عن الأعمش قال : كنا نأتي خيثمة فيقول : تناول السلة من تحت السرير فأتناولها وفيها خبيص ، فيقول : إني لست آكله ولكن أصنعه لكم .

قلت : وخدمة الفقيه أصحابه بنفسه مما يصفي منهم المودة ، ويلقي في قلوبهم المحبة .

أخبرنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي ، نا أحمد بن سلمان النجاد ، نا هلال بن العلاء الرقي حدثني أبي العلاء بن هلال ، نا طلحة بن زيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي قتادة رضي الله عنه ، قال : قدم وفد النجاشي على النبي فقام يخدمهم ، فقال أصحابه نحن نكفيك يا رسول الله ، قال : « إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين وإني أحب أن أكافئهم » .

أخبرنا الجوهري أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي ، نا محمد بن القاسم بن خلاد ، قال : قيل لرجل : بم سدت قومك ؟ قال : ما سدتهم حتى صرت عبداً لهم .

أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر ، أخبرنا أبو بكر بن شاذان ( وأخبرنا ) علي بن أبي علي ، نا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزاز ، قالا : نا عبد الله بن محمد البغوي ، نا أبو سعيد هو الأشج نا ابن نمير عن الأعمش ، قال : كنت آتي مجاهداً فيقول لو كنت أطيق المشي لجئتك .

أخبرنا محمد بن علي بن الفتح الحربي ، انا عمر بن إبراهيم المقري ، أخبرنا عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز ، نا أبو خيثمة ، نا أبو نمير عن الأعمش ، قال : قال لي مجاهد : لو كنت أطيق المشي لجتئك .

والمستحب أن يخاطب من خاطب منهم بكنيته دون اسمه .

فقد أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين بن محمد بن جعفر الشيباني ، نا علي بن عمر بن الحسن الختلي ، نا حاتم بن الحسن الشاشي قدم علينا بغداد حاجا ، نا أحمد بن عبد الله العتكي ، نا عبد الحكيم ابن ميسرة ، نا شريك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، قالت : كان رسول الله يكني أصحابه إكراماً لهم ، وتسنية لأمورهم ، واستلانة لقلوبهم .

وينبغي أن يتفقدهم ويسأل عمن غاب منهم .

أخبرنا الأزهري والجوهري ، قالا : نا محمد بن العباس الخزاز ، أخبرنا سلمان بن إسحاق الجلاب نا الحارث بن محمد ، نا محمد بن سعد ، أخبرنا محمد بن عمر ، قال : كان ابن أبي ذيب إذا جلس إليه رجل فافتقده سأل أهل المجلس : ما فعل صاحبكم ؟ فإن قالوا : ما ندري قال : أين منزله ؟ فإن قالوا : لا ندري ، ضجر عليهم وقال : لأي شيء تصلحون ؟ يجلس إليكم رجل لا تدرون أين منزله ، إذا اعتل لم تعودوه ، وإن كانت له حاجة لم تعينوه ، فإن عرفوا منزله ، قال : قوموا بنا إليه حتى نأتيه في منزله فنسليه ونعوده . أخبرنا أبو القاسم الأزهري وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد ، قالا : أخبرنا أبو الحسن محمد ابن جعفر التميمي الكوفي ، أخبرنا ابن دريد ، نا العكلي عن الحرمازي ، قال : كان رجل من أهل السواد يكرم جعفر بن محمد ، ففقده فسأل عنه فقال له رجل : إنه نبطي يريد أن يضع منه ، فقال جعفر : أصل الرجل عقله ، وحسبه دينه ، وكرمه تقواه ، والناس في آدم مستوون .

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر اليزدي بأصبهان ، قال : أنشدني أبو عبد الله محمد بن علي اليزدي الواعظ لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه :

لعمرك ما الإنسان إلا بدينه ......... فلا تدع التقوى اتكالاً على الحسب

فقد رفع الإسلام سلمان فارس ......... وقد وضع الشرك اللعين أبا لهب

باب آداب التدريس

إذا أراد الفقيه الخروج إلى أصحابه ليذكر لهم دروسهم فينبغي له أن يتفقد حاله قبل خروجه ، فإن كان جائعاً أصاب من الطعام ما يسكن عنه فورة الجوع .

فقد أخبرنا أبو بكر البرقاني ، نا عمر بن بشران لفظاً أو قراءة عليه ، نا محمد بن سويد بن محمد بن زياد أبو إسحاق الزيات ، نا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي ، نا إسماعيل بن محمد بن جحادة ، نا زهير عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله :  : « إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل عنه حتى يقضي حاجته منه وان أقيمت الصلاة » .

وإن كان حاقناً قضى حاجته ، فقد أخبرنا محمد بن أبي الفوارس ، أخبرنا أحمد بن يوسف بن خلاد نا الحارث بن محمد التميمي ، نا محمد بن عبد الله بن كناسة ، نا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله ابن الأرقم رضي الله عنه ، عن النبي قال : « إذا حضرت الصلاة وأراد الرجل الخلاء بدأ بالخلاء » .

أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري ، نا محمد بن المعلى بن عبد الله الأزدي بالبصرة ، أخبرنا أبو روق الهزاني ، نا أبو علي الربعي الهاشمي من ولد ربيعة بن الحارث ، قال : حدثني أبي عن جدي عن أبيه ، قال : سئل علي بن أبي طالب عن مسألة فدخل ثم خرج ، فأجاب وأحسن ، فقال له : يا أمير المؤمنين عهدي بك إذا سئلت عن مسألة كالسكة المحماة فما بال هذه المسألة تأخرت عن جوابها ؟ فقال كنت حاقناً ولا رأي لحاقن ، ثم قال :

إذا المشكلات تصدين لي ......... كشفت حقائقها بالنظر

وان برقت في مخيل الصواب ......... عمياء لا يجتليها البصر

مقنعة بغيوب الأمور ......... وضعت عليها صحيح الفكر

لسان كشقشقة الأرحبي ......... وكالحسام اليمان الذكر

وقلب إذا استنطقته العيون ......... أبر عليها بواه درر

ولست بامعة في الرجال ......... أسائل هذا وذا ما الخبر ؟

ولكنني مذرب الأصغرين ......... أبين مع ما مضى ما غبر

وإن كان ناعساً لأمر أسهره أخّرَ تدريسه في تلك الحال وأخذ حظه من نومه .

فقد أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله القطان ، نا إسماعيل بن إسحاق ، نا عبد الله وهو ابن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، أن النبي قال : « إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم ، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب ليستغفر فيسب نفسه » .

ولا يخرج إلا طيب النفس ، فارغ القلب من كل ما يشغل السر ، فإذا صار إلى مجلسه واجتمع إليه أصحابه فلا يخلو من أن تكون عادته أن يذكر للجماعة دروساً مختلفة لكل طائفة منه درساً ، أو يذكر لجميعهم درساً واحداً هم فيه مشتركون ، وعلى اختياره متفقون ، فإن كانت دروسهم مختلفة قدم من كان السبق له .

لما أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا أحمد بن محمد الدينوري في كتابه ، نا جعفر بن بهمود ، نا معمر ابن سهل ، نا يحيى بن أبي الحجاج ، نا عيسى بن سنان عن يعلي بن شداد بن أوس عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، قال : صلى بنا رسول الله فتخطى إليه رجلان رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فبدره الأنصاري فوقف الثقفي في حديثه ، فقال النبي :  : « ان الأنصاري قد سبقك » . فقال الأنصاري يا رسول الله هو في حل لعله أعجل مني .

فإن كان الأصحاب في السبق متساوين قدم ذا السن منهم .

لما أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، نا إسماعيل بن إسحاق ، نا سليمان بن حرب ، نا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى الأنصار عن سهيل بن أبي حثمة ورافع بن خديج رضي الله عنهما ، أنهما حدثاه أو حدثا ، أن عبد الله بن سهل أو محيضة بن مسعود أتيا خيبر في حاجة فتفرقا في النخل فقتل عبد الله ابن سهل ، فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل وابنا عمه محيصة وحويصة إلى رسول الله فذكروا أمر صاحبهم ، فبدأ عبد الرحمن يتكلم وكان أقرب ، فقال رسول الله :  : « الكبر » ، قال يحيى : الكلام للكبير .

وإن كان ما يذكره درساً واحداً لجميعهم فإنه يأمرهم بأن يتحلقوا ويجلس في وسطهم بحيث يكون وجهه لكلهم .

أخبرنا أبو نعيم ، نا محمد بن إبراهيم بن علي ، نا أبو يعلي هو أحمد بن علي بن مثنى الموصلي نا الحسن بن عمر بن شقيق ، نا جعفر بن سليمان عن المعلى بن زياد عن العلاء بن بشير المري عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : جلست مع عصابة من ضعفاء المهاجرين إن بعضنا ليستتر ببعض من العري وقاريء يقرأ علينا فنحن نستمع إلى كتاب الله ، إذ جاء رسول الله فجلس وسطنا ليعدل نفسه بنا ، ثم أشار بيده فاستدارت الحلقة وبرزت وجوههم له .

فمن كان أكثرهم علماً وأسرعهم فهماً فإنه يقربه ويدنيه ويجعله مما يليه .

فقد أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : قرىء على إسحاق النعالي وأنا أسمع : أخبركم جعفر الفيريابي ، نا منجاب بن الحارث ، نا علي بن مسهر عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود الأنصاري ، عن رسول الله :  : « ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم » .

وإذا جلسوا حوله فليستعملوا الوقار والصمت .

فقد أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، نا أبو مسلم الكجي ، نا سليمان بن حرب ، نا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك ، قال : أتيت رسول الله وأصحابه حوله كأن على رؤوسهم الطير .

وليكن أول ما يفتتح به الكلام بعد التسمية الحمد لله .

فقد أخبرنا علي بن محمد المعدل ، أخبرنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق ، نا الحسن بن سلام السواق ، نا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : قال النبي :  : « كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله ، أقطع » .

ثم يتبع ذلك بذكر رسول الله والصلاة عليه .

فقد أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ مولى بني هاشم ، نا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري املاء ، نا حميد بن الربيع ، نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، في قوله تعالى : ( { ورفعنا لك ذكرك } ) 1 قال : لا أذكر إلا وذكرت معي : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أخبرنا عبد العزيز بن علي الوراق ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد المفيد ، نا أحمد بن عبد الرحمن السقطي ، نا يزيد بن هارون ، أخبرنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي قال : « لا يجلس قوم مجلساً لا يذكرون الله ولا يصلون فيه على النبي إلا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب » .

ثم يذكر لهم الدرس على تمكث وتؤدة من غير اسراع وعجلة .

فقد أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي ، نا محمد بن سلمان بن الحارث ، نا خلاد بن يحيى بن صفوان ، نا سفيان الثوري عن أسامة بن زيد عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : كان رسول الله لا يسرد الكلام كسردكم ولكن كان إذا تكلم تكلم بكلام فصل يحفظه من سمعه .

أخبرنا عبد الملك بن محمد الواعظ ، أخبرنا عمر بن محمد بن عبد الرحمن الحجبي ، نا علي بن عبد العزيز ، نا الحسن بن الربيع ، نا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محارب بن دثار عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله يعلم الناس التشهد على المنبر كما يعلم المكتب الغلمان .

وإن كان البيان يتضح بعبارة يغلب الحياء ذاكرها فعلى الفقيه إيرادها ولا يمنعه الحياء منها .

فقد أخبرنا الحسن بن علي التميمي والحسن بن علي الجوهري ، قالا : أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، نا محمد بن بكار ، نا حبان بن علي عن ضرار ابن مرة عن حصين المزني ، قال : قال علي بن أبي طالب على المنبر : أيها الناس إني سمعت رسول الله يقول : لا يقطع الصلاة إلا الحدث لا أستحيكم مما لا يستحي منه رسول الله . قال : والحدث أن يفسو أو يضرط .

وينبغي أن يكون ما يذكره مقتصراً ، ويتجنب الإطالة لئلا تؤدي إلى الضجر والملالة .

فقد أخبرنا علي بن القاسم بن الحسن البصري ، نا علي بن إسحاق بن محمد بن البختري المادرايي ، نا العباس بن محمد بن حاتم ، نا الأسود بن عامر عن سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله ، قال : كان رسول الله يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهية السئامة علينا .

وأخبرنا أبو نعيم الحافظ ، نا محمد بن إبراهيم بن علي ، نا أبو يعلى هو الموصلي نا أبو الربيع نا يعقوب القمي عن عيسى بن جارية عن جابر ، أن رسول الله قال : « يا أيها الناس عليكم بالقصد ، عليكم بالقصد ، فإن الله لا يمل حتى تملوا » . وقد رخص في الإطالة إذا دعا إلى ذلك داع .

أخبرنا أبو بكر البرقاني ، نا أبو حفص عمر بن محمد بن علي لفظاً ، نا محمد بن هارون الحضرمي ، نا عمرو بن علي ، حدثني أبو عاصم ، نا عزرة بن ثابت ، نا علياء بن أحمر ، قال حدثني أبو زيد قال : صلى بنا رسول الله الفجر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر نزل فصلى ثم صعد فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا .

وان اقتضى ما يذكره تشبيه الشيء بنظيره ليقرب الافهام على المتعلمين فعل ذلك .

مثاله ما أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست البزاز ، أخبرنا أبو علي إسماعيل ابن محمد الصفار ، نا عبد الكريم بن الهيثم ، نا أبو اليمان ، أخبرني شعيب عن أبي الزناد أن الأعرج حدثه انه سمع أبا هريرة يحدث ، انه سمع رسول الله يقول :  : « لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك صغار الأعين ، حمر الوجوه ، ذلف الأنف ، كأن وجوههم المجان المطرقة » .

و ( أخبرنا ) الحسن بن علي التميمي ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي ، نا عمار بن محمد بن أخت سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله :  : « لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً ، صغار الأعين ، عراض الوجوه ، كأن أعينهم حدق الجراد ، وكأن وجوههم المجان المطرقة » .

أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم التميمي بدمشق ، أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي ، نا أبو يعلي الموصلي ، نا يحيى بن معين ، نا مروان بن معاوية ، نا مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله :  : « إني أختم ألف نبي أو أكثر ، ما بعث الله من نبي إلى قومه إلا حذرهم الدجال ، وانه قد بين لي شيء لم يبين لأحد من قبلي ، إنه أعور وإن الله سبحانه وتعالى ليس بأعور ، وإن عينه عوراء لاتخفى حدقة جاحظة كأنها نخاعة في حائط مجصص ، وأخرى كأنها كوكب دري ، وأنه يتبعه من كل لسان يدعونه كل قوم بلسانهم إلها » .

أخبرنا علي بن القاسم ، نا علي بن إسحاق المادرايي ، نا محمد بن أحمد بن الجنيد ، نا عبد الله ابن يزيد المقريء ، نا المسعودي ، نا عاصم بن كليب عن أبي بردة عن علي ، قال : قال لي رسول الله : « سل الله الهدى والسداد ، وأذكر بذلك هداية الطريق وسداد السهم »

وإن لم يفهموا إلا بالتمثيل مثل لهم .

كما أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي ، حدثنا عبد الله ابن محمد بن أبي الدنيا ، نا أبو خيثمة ، نا يحيى بن سعيد عن سفيان ، قال : حدثني أبي عن أبي يعلي عن ربيع بن خيثم عن عبد الله ، قال خط لنا رسول الله خطاً مربعاً ، وخط وسطه ، وخط خطوطاً هكذا إلى جنب الخط ، وخط خطاً خارجاً ف قال : « تدرون ما هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : « هذا الإنسان » للخط الذي في وسط الخط ،  : « وهذا الأجل محيط به ، وهذه الأعراض للخطوط تنهشه ، ان أخطأه هذا نهشه هذا ، وذاك الأمل » للخط الخارج .

أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن علي الأبار ، نا أبو عمار نا الفضل بن موسى عن أبي عوانة عن رقبة عن حماد بن أبي سليمان ، قال : كنت أسأل إبراهيم عن الشيء فيعلم إني لم أفهمه فيقيس لي حتى أفهم .

قلت وأحسب أن إبراهيم أخذ هذه الطريقة عن علقمة بن قيس فإن أبا الحسن محمد بن أحمد ابن أحمد بن رزقويه أخبرنا قال أخبرنا : إسماعيل بن علي الخطبي ، نا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثني أبي ، نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم ، قال : قال علقمة : إذا أردت أن تعلم الفرائض فأمت جيرانك . فإذا فرغ أعاد ما ذكره ليتقنوا حفظه عنه .

أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : قرأنا على أبي القاسم عبد الله بن الحسن بن سليمان النخاس : حدثكم عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ، نا محمد بن يحيى النيسابوري ، نا سلم بن قتيبة عن عبد الله بن المثني عن ثمامة بن عبد الله عن أنس ، قال : كان رسول الله يعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه .

واستحب أن يقرأ بعضهم سورة أو آيات من القرآن قبل تدريس الفقه أو بعده .

فقد أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق ، نا الحسن بن سلام السواق ، نا عفان ، نا شعبة عن علي بن الحكم عن أبي نضرة ، قال : كان أصحاب رسول الله إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرأوا سورة . وليختم الفقيه مجلسه ، بما أخبرناه الحسن ابن أبي بكر ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، نا محمد بن الجهم السمري ، نا يعلى بن عبيد الطنافسي ، نا حجاج بن دينار عن أبي هاشم عن أبي العالية رفيع عن أبي بردة الأسلمي رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله إذا جلس في المجلس فأراد أن يقوم قال : « سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك » قالوا : يا رسول الله إنك تقول كلاماً ما كنت تقوله فيما خلا ؟ قال : « هذا كفارة ما يكون في المجلس » . ثم يتحول الذين حضروا الدرس فيتذاكرونه ويعيد بعضهم على بعض .

أخبرنا عبد العزيز بن علي الوراق ، أخبرنا محمد بن أحمد المفيد ، نا أحمد بن عبد الرحمن السقطي ، نا يزيد بن هارون ، أخبرنا نوح بن قيس ، نا يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك ، قال : كنا نكون عند النبي وربما كنا نحواً من ستين إنساناً فيحدثنا رسول الله ثم يقوم فنتراجعه بيننا هذا وهذا وهذا فنقوم وكأنما قد زرع في قلوبنا .

فإذا أتقن كل واحد منهم الدرس وحفظه فليكتبه ، ويكون تعويله على حفظه ، فإن اضطرب عليه شيء من محفوظه رجع إلى كتابه فاستثبته منه .

كما قال الخليل بن أحمد ، فيما أخبرنا علي بن أبي علي البصري ، نا محمد بن العباس الخزاز ، نا محمد بن بشار يعني أبا بكر بن الأنباري نا أبي ، قال : قال الخليل : اجعل ما في الدفتر رأس مالك وما في قلبك التفقه ، وأنشد :

ليس بعلم ما حوى القمطر ......... ما العلم إلا ما وعاه الصدر

أخبرنا أبو الفتح محمد بن المظفر الخياط ، نا أبو طالب محمد بن علي بن عطية المكي ، نا محمد بن خالد القرشي ، نا محمد بن إبراهيم البصري ، نا الغلابي ، قال : سمعت الشاذكوني يقول : ليس العلم إلا ما دخلت به الحمام .

وليس يثبت الحفظ إلا دوام المذاكرة بالمحفوظ .

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد الدمشقي ، أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان السلمي ، أخبرنا أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي ، نا أبو عامر موسى ابن عامر المري ، نا الوليد بن مسلم ، نا أبو عمرو الأوزاعي عن ابن شهاب الزهري ، قال : إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة .

وينبغي للمتفقه أن يرافق بعض أصحابه الذين يحضرون معه لسماع الدرس فيذاكر كل واحد منهما صاحبه ، وأفضل المذاكرة أن تكون ليلاً فقد كان جماعة من السلف يفعلون ذلك .

ما جاء في المذاكرة بالفقه ليلا

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان ، نا عبد الكريم بن الهيثم ، نا إسماعيل بن أبي مسعود ، نا شريك عن ليث بن أبي سليم عن أبي بكر بن أبي موسى ان أباه أتى عمر بعد العشاء الآخرة فقال : ما جاء بك يا أبا موسى الساعة ؟ قال : نتذاكر الفقه . قال : فجلسنا ليلاً طويلاً نتذاكر . قال أبو موسى : الصلاة ، فقال عمر : أنا في صلاة . قال فتذاكرنا حتى كان قريباً من الفجر .

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزقويه ، أخبرنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق ، نا حنبل بن إسحاق ، نا محمد بن الأصبهاني . ( وأخبرنا ) أبو طالب محمد بن علي بن الفتح ، أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرىء ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، نا أبو خيثمة ، قالا : نا عبد السلام بن حرب عن ليث عن مجاهد ، قال : لا بأس بالسمر في الفقه .

أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه ، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي وأبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف وأحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ( وأخبرنا ) الحسن بن أبي بكر ، قال أخبرنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي ، وأخبرنا أبو بكر محمد بن الفرج بن علي البزاز أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قالوا : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي . ( وأخبرنا ) ابن الفضل القطان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا الفضل بن زياد ، نا أحمد ابن حنبل ، نا محمد بن فضيل عن أبيه ، قال : كان ابن شبرمة والمغيرة والحارث العكلي والقعقاع بن يزيد وغيرهم يسمرون في الفقه ، فربما لم يقوموا حتى يسمعوا النداء بالفجر . وقال ابن الفضل : فربما لم يقوموا إلى النداء بالفجر .

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ، نا الحسن بن علي بن زياد ، نا أبو نعيم ضرار بن صرد ، نا محمد بن فضيل ، قال : حدثني أبي ، قال : كان الحارث العكلي والمغيرة والقعقاع وابن شبرمة يصلون العشاء الآخرة ثم يجلسون فيتطارحون الفقه ، وربما أذن المؤذن الفجر ولم يتفرقوا .

فضل تدريس الفقه في المساجد

أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير التاجر ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البزار ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبدوس بن كامل ، نا أبو معمر ، نا عبد السلام بن حرب عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص ، قال : أدركنا الناس وما مجالسهم إلا المساجد .

أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن نصر الستوري وأبو عمرو عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف ، قالا : نا علي بن أحمد بن محمد القزويني املاء ، نا محمد بن أيوب ، أخبرنا أبو الوليد الطيالسي ، نا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن محارب عن ابن عمر ، عن النبي :  : « ان جبريل قال : ان الله تعالى يقول ان خير البقاع المساجد ، وشر البقاع الأسواق » .

أخبرنا عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي ، نا الحسن بن جعفر بن محمد الحربي ، نا جعفر بن محمد الفريابي ، نا صفوان بن صالح الدمشقي ، نا الوليد بن مسلم ، نا ابن لهيعة ، قال : حدثني دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله :  : « يقول الله تعالى يوم القيامة سيعلم أهل الجمع من أهل الكرم » قيل : ومن أهل الكرم يا رسول الله ؟ قال : « مجالس الذكر في المساجد » .

أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، نا عبد الصمد بن علي ، قال : حدثني حامد بن سهل الثغري ، نا علي بن الجعد ، نا أبو المغيرة عن الأعمش عن خيثمة ، قال : قال علي رضي الله عنه : المساجد مجالس الأنبياء . وفي أصل المعدل : مساجد الأنبياء وهي حرز من الشيطان . وايستحب للفقيه أن لا يخل بعقد الحلقة في المسجد الجامع في أيام الجمعات .

أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن بشار السابوري بالبصرة ، أخبرنا أبو بكر محمد ابن بكر بن محمد بن عبد الرزاق التمار ، نا أبو داود سليمان بن الأشعث ، نامسدد ، نا يحيى هو ابن سعيد القطان عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أن النبي نهى عن الشراء والبيع في المسجد ، وأن ينشد فيه ضالة ، وأن ينشد فيه شعر ، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة .

قال الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر صان الله قدره : هذا الحديث محمول على أن تكون الحلقة بقرب الإمام بحيث يشغل الكلام فيها عن استماع الخطبة ، فأما إذا كان المسجد واسعاً والحلقة بعيدة من الإمام بحيث لا يدركها صوته فلا بأس بذلك ، وقد رأيت كافة شيوخنا من الفقهاء والمحدثين يفعلونه ، وجاء مثله عن عدة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم .

أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب بأصبهان ، نا أبو جعفر أحمد ابن جعفر بن أحمد بن معبد السمسار ، نا يحيى بن مطرف ، نا مسلم بن إبراهيم ، نا شداد بن سعيد الراسبي أبو طلحة ، نا معاوية بن قرة ، قال : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي من مزينة ليس فيهم إلاّ من طَعن أو طُعن أو ضَرب أو ضُرب مع رسول الله إذا كان يوم الجمعة اغتسلوا ، ولبسوا من صالح ثيابهم ، وشموا من طيب نسائهم ، ثم أتوا الجمعة وصلوا ركعتين ، ثم جلسوا يبثون العلم والسنة حتى يخرج الإمام .

القاء الفقيه المسائل على أصحابه

استحب أن يخص يوم الجمعة بالمذاكرة لأصحابه في المسجد الجامع والقاء المسائل عليهم ويأمرهم الكلام فيها والمناظرة عليها .

فقد أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد الحنائي ، نا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار املاء ، نا أحمد بن عبد اللهالحداد ، نا معلى يعين ابن مهدي نا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : لقد رأيتنا يكثر لغطنا ومراؤنا عند رسول الله .

أخبرنا الحسن بن علي التميمي ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، نا محمد بن جعفر ، نا شعبة عن أبي حصين والأشعث بن سليم ، انهما سمعا الأسود بن هلال يحدث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله :  : « أتدري ما حق الله تعالى على العباد ؟ » فقال : الله ورسوله أعلم . قال : « يعبدون الله لا يشركون به شيئاً » . قال : « تدري ما حقهم عليه إذا فعلوا ذلك ؟ » فقال : الله ورسوله اعلم . قال : « أن لا يعذبهم » .

وإن كان في جملة المتفقهة حدث أو صبي ، له حرص على التعلم أو آنس الفقيه منه ذكاء أو فطنة فليقبل عليه ، ويصرف اهتمامه إليه .

فقد أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة ، نا أحمد بن سعيد الدمشقي ، قال : قال عبد الله بن المعتز : كما أن الشمس لا يخفى ضوءها وإن كانت تحت السحاب فكذلك الصبي لا تخفى غريزة عقله وإن كانت مغمورة بأخلاق الحداثة ، وإذا حضر هذا الصبي حلقة النظر فينبغي له أن يصغي إلى كلام المتناظرين ويكون من جملة الصامتين .

أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز ، أخبرنا علي ابن أحمد بن علي المصيصي ، نا محمد بن القاسم الدقاق بالمصيصة ، نا أحمد بن إسماعيل ، نا موسى بن أيوب ، نا عقبة بن علقمة المعافري عن إبراهيم بن أدهم ، قال : إذا تكلم الحدث في الحلقة أيسنا من خيره .

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا العباس بن محمد الدوري ، نا عمر بن حفص بن غياث ، نا أبي عن الأعمش ، قال : حدثني مجاهد عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال : بينا نحن عند رسول الله جلوس إذ أتي بجمار فقال رسول الله :  : « ان من الشجر يعني شجرة لها بركة كبركة الرجل المسلم » قال : فظننت انه يعني النخلة فأردت أن أقول هي النخلة ، ثم التفت فإذا أنا عاشر عشرة انا أحدثهم فسكت ، فقال رسول الله :  : « هي النخلة » .

أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي ، أخبرنا عبيد الله بن محمد بن سليمان المخرمي ، نا أبو بكر جعفر بن محمد الفيريابي ، نا عبد الأعلى بن حماد ، نا وهيب بن خالد ، نا عبيد الله ابن عمر عن نافع عن ابن عمران نبي الله قال ذات يوم لأصحابه :  : « أنبئوني بشجرة تشبه المسلم لا يتحات ورقها تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ؟ » قال : فوقع في قلبي أنها النخلة ، قال : فسكت القوم فقال النبي :  : « هي النخلة » . قلت لأبي : لقد كان وقع في قلبي أنها النخلة . قال : فما منعك أن تكون قلته لرسول الله ؟ لأن تكون قلته أحب إلي من كذا وكذا ، فقلت : كنت في القوم وأبو بكر فلم تقولا شيئاً فكرهت أن أقول .

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن أحمد بن يزيد المطيري ، نا علي بن حرب ، نا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس ، قال : كان عمر يسألني مع الأكابر من أصحاب النبي ثم يقول : لا تتكلم حتى يتكلموا .

وإذا علت منزلة الحدث في الفقه فينبغي للفقيه أن يأذن له في الكلام مع المتكلمين ويجعله من جملة المتناظرين .

أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي ، نا يعقوب بن سفيان ، نا يوسف بن كامل ، نا عبد الواحد بن زياد ، نا عاصم بن كليب ، قال : حدثني أبي عن ابن عباس قال : كان عمر بن الخطاب إذا دعا الأشياخ من أصحاب محمد دعاني معهم وقال : لا تتكلم حتى يتكلموا . قال : فدعانا ذات يوم أو قال ذات ليلة فقال : إن رسول الله قال في ليلة القدر ما قد علمتم :  : « التمسوها في العشر الأواخر وترا » ففي أي الوتر ترونها ؟ فقال بعضهم : تاسعة ، سابعة ، خامسة ، ثالثة ، فقال لي : يا ابن عباس مالك لا تتكلم ؟ فقلت : إن شئت تكلمت ، قال : ما دعوتك إلا لتتكلم ، فقلت : أقول فيها برأيي ؟ فقال : عن رأيك أسألك . فقت : إني سمعت الله تبارك وتعالى أكثر ذكر السبع فقال السموات سبع والأرضون سبع حتى قال : ( { إنا شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا } ) 2 فالحدائق كل ملتف وكل ملتف حديقة ، والأبُّ ما تنبت الأرض مما لا يأكل الناس . فقال عمر : أعجزتم أن تقولوا مثل ما قال هذا الغلام الذي لم تشتق شؤون رأسه ؟ ثم قال : إني كنت نهيتك أن تتكلم فإذا دعوتك معهم فتكلم .

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، نا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير الكوفي املاءًا ، نا الحسن بن علي بن عفان العامري ، نا جعفر بن عون العمري ، نا أبو عميش عن عبد المجيد بن سهيل عن عبيد الله ابن عتبة ، قال : قال لي ابن عباس : يا ابن عتبة تعلم آخر سورة من القرآن أنزلت ؟ قال : قلت : نعم : ( { إذا جاء نصر الله } ) 3 قال : صدقت .

وإذا بلغ الغلام حد المناظرة فينبغي أن لا يكف نفسه عن استيفاء الحجة على من ناظره وان كان شيخاً .

فقد أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الله المقري ، أخبرنا محمد بن جعفر النحوي الكوفي ، أخبرنا أبو محمد الواسطي ، نا أبو خليفة القاضي ، نا محمد بن سلام الجمحي ، قال : كنا في مجلس أبي عبيدة فرأى شاباً ينبسط على المشائخ ، فقال : إذا قل حياء الغلام كثر علمه وفي غير العلم لم يرج خيره .

وأذا أجاب المسؤول بالصواب فعلى الفقيه أن يعرفه اصابته ويهنيه بذلك ليزداد في العلم رغبة ، وبه مسرة .

أخبرنا علي بن أحمد الرزاز ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد ، نا محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي ، نا أبو نعيم ، نا سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة عن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه ، قال : قال لي رسول الله :  : « كيف صنعت في استلامك الحجر ؟ » قلت ؛ استلمت وتركت قال : « أصبت » .

أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : قرأت على أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبركم الفضل ابن الحباب ، نا ابن كثير ، أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ، قال : كنا بحمص فقرأ عبد الله سورة يوسف ، قال رجل : ما هكذا أنزلت ، فقال له عبد الله : لقد قرأتها على رسول الله ف قال : « أحسنت » .

أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، أخبرنا عيسى بن علي بن عيسى الوزير ، نا عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي ، نا هارون بن إسحاق ، نا محمد بن عبد الوهاب السكري عن سفيان عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي السائل عن عبد الله بن رباح عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، أن النبي قال له :  : « أي آية من كتاب الله أعظم ؟ » قال : قلت : الله ورسوله أعلم ، حتى أعادها عليه ثلاثاً ، ثم قلت : : ( { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } ) 4 قال : فضرب صدري ثم قال : « ليهنك العلم أبا المنذر » .

وكذا يجب على المتعلم الاعتراف بفضل الفقيه ، والإقرار بأن العلم من جهته اكتسبه ، وعنه أخذه .

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، نا أحمد بن خليد الحلبي ، نا محمد بن عيسى بن الطباع ، نا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب عن أبيه عن جده عن أبي بن كعب ، أن النبي قال له :  : « يا أبا المنذر إني أمرت بعرض القرآن عليك » فقال : يا رسول الله بالله آمنت ، وعلى يديك أسلمت ، ومنك تعلمت .

وإذا أخطأ المسؤول في الجواب فعلى الفقيه أن يعلمه ذلك ليأخذ نفسه بانعام النظر ، ويتحفظ من التقصير خوف الزلل .

أخبرنا البرقاني ، قال : قرأت على أبي العباس بن حمدان ، حدثكم أبو العباس السراج ، حدثنا محمد ابن يحيى بن أبي عمر ، نا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى النبي منصرفه من أحد فقال : يا رسول الله إني رأيت هذه الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل رأيت الناس يتكففون ، فمنهم المستقل ، ومنهم المستكثر ورأيت سبباً وأصلاً إلى السماء فأخذت به فأعلاك الله ، ثم أخذ به رجل بعدك فعلا به ، ثم أخذ به رجل بعده فعلا به ثم أخذ به رجل فعلا به فانقطع ، ثم وصل له رجل فعلا به ، قال أبو بكر : دعني يا رسول الله أعبرها ، فقال : اما الظلة : فالإسلام ، واما السمن والعسل الذي ينطف منها : فالقرآن حلاوته ولينه ، واما ما يتكفف الناس في أيديهم : فالناس منهم المستقل ومنهم المستكثر ، واما السبب : فالحق الذي أنت عليه أخذت به فأعلاك الله ، ثم يأخذ به رجل بعدك فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل بعده فيعلوه به ، ثم يأخذ به رجل بعده فانقطع ثم وصل به فعلى به ، قال أبو بكر : أصبت يا رسول الله ؟ ف قال : « أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً » . قال : أقسمت عليك فقال النبي لا تقسم يا أبا بكر .

ذكر بعض أهل العلم أن الخطأ الذي أخبر رسول الله أبا بكر بكونه منه في هذه العبارة هو انه جعل السمن والعسل شيئاً واحدا ووصفه بالحلاوة واللين ، وأهل العلم بعبارة الرؤيا يذهبون إلى إنهما شيئان كل واحد منهما غير صاحبه من أصلين مختلفين ، وكان أبو بكر ردهما إلى أصل واحد وهو القرآن .

ومن الحجة لهم ، ما أخبرنا الحسن بن علي التميمي ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نا عبد الله ابن أحمد ، حدثني أبي ، نا قتيبة ، نا ابن لهيعة عن وهب بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أنه قال : رأيت فيما يرى النائم كأن في إحدى أصبعي سمنا ، وفي الأخرى عسلا فأنا ألعقهما ، فلما أصبحت ذكرت ذلك لرسول الله ف قال : « تقرأ الكتابين التوراة والفرقان » . فكان يقرأهما .

فكانت عبارة رسول الله رؤيا عبد الله بن عمرو المذكورة في السمن والعسل أنهما لشيئين مختلفين من أصلين مختلفين ، وكانت عبارة أبي بكر في حديث الظلة انهما شيء واحد من أصل واحد ، فكان الخطأ الذي في ذكر العبارة عندهم هو هذا .

واما قول أبي بكر للنبي  : « أقسمت عليك » فإنه أراد أن يخبره بما أخطأ فيه ، وكراهة رسول الله القسم من أبي بكر أن يخبره إنما كانت لأجل أن التعبير الذي صوبه النبي في بعضه وخطأه في بعضه لم يكن عن وحي ، لكن من جهة ما تعبر الرؤيا بالظن ، ورسول الله في ظنه كسائر البشر في ظنونهم يجوز أن يقع فيه الخطأ وإنما الوحي الذي كان يخبر به عن الله عز وجل هو الصواب الذي لا يجوز خلافه ولا يقع الخطأ فيه والله أعلم .

ويجوز للفقيه مداعبة من أخطأ من أصحابه ليزيل عنه الخجل بذلك .

كما أخبرنا أبو نعيم ، نا محمد بن إبراهيم بن علي ، نا أبو يعلى هو الموصلي ، نا زكريا بن يحيى زحمويه ، نا صالح يعني ابن عمر عن مطرف عن عامر عن عدي رضي الله عنه ، قال : قلت يا رسول الله : أرأيت الخيط الأبيض من الخيط الأسود أهما خيطان ؟ فضحك و قال : « انك لعريض القفا يا ابن حاتم ، هو بياض النهار من سواد الليل » .

وينبغي أن يبين لمن أخطأ خطأه في لين ورفق ، من غير عنف ولا خرق .

أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن محمد اليزدي بنيسابور ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي ، نا إسحاق يعني ابن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عيسى يعني ابن يونس نا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال ابن أبي ميمون عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه ، قال : بينما انا مع النبي في الصلاة إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله ، قال : فحذفني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل امياه ما لكم تنظرون إلي ؟ فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتوني لكني سكت ، فلما انصرف رسول الله بأبي وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه ، والله ما ضربني ، ولا نهرني ، ولا سبني ، قال : « ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي التسبيح ، والتكبير ، وتلاوة القرآن » .

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن يوسف العلاف ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، نا محمد بن غالب ، قال : حدثني أحمد بن عبيد الله الغداني ، نا كثير بن حبيب السهمي عن ثابت عن أنس ، قال رسول الله :  : « ان الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف » .

أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا الربيع بن سليمان ، نا أسد بن موسى ( وأخبرنا ) القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد ، نا موسى بن هارون وأبو شعيب الحراني ، قالا : نا داود بن عمرو الضبي ، قالا : نا إسماعيل بن عياش ، حدثني حميد بن أبي سويد عن عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :  : « علموا ولا تعنفوا ، فإن المعلم خير من المعنف » . لفظهما سواء .

أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري ، أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري نا محمد بن عبد الواحد ، نا أبو العباس يعني ثعلباً قال : سمعت ابن الأعرابي يقول : قال سفيان بن عيينة : كان يستحب للعالم إذا علم أن لا يعنف ، وإذا علم أن لا يأنف

وإذا سأل الفقيه سائل عن مسألة اعجوبة فلا ينبغي للأصحاب أن يضحكوا منه .

أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد الله بن أحمد بن شهريار الاصبهاني ، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، نا أحمد بن محمد بن خالد البراثي ببغداد ، نا سريج بن يونس ، نا إسماعيل بن مجالد عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله ، قال : جاء اعرابي إلى رسول الله فقال : يا رسول الله ثيابنا في الجنة ننسجها بأيدينا ؟ فضحك القوم ، فقال رسول الله :  : « مم تضحكون من جاهل يسأل عالماً ؟ لا يا أعرابي ولكنها تشقق عنها ثمار الجنة » .

وينبغي للمتعلمين ألاَّ يردوا على من أخطأ حضرة العالم ويتركوا العالم حتى يكون هو الذي يرد عليه .

أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، أخبرنا محمد بن عمران بن موسى المرزباني ، نا عبد الواحد ابن محمد الخصيبي ، قال : حدثني أبو علي أحمد بن إسماعيل ، قال : حدثني محمد بن صالح المعروف بالبطاح وهو من موالي محمد بن سليمان الهاشمي ، قال : قال أبو عبيدة : لا تردن على أحد خطأ في حفل ، فإنه يستفيد ويتخذك عدواً .

وأما إذا أخطأ الفقيه وتبين لصاحبه الآخذ عنه خطؤه فإن الصاحب يتلطف في رده عليه .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر الإمام بأصبهان ، نا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، نا علي بن عبد العزيز ، نا أبو حذيفة ، قال : نا سفيان عن سلمة يعني ابن كهيل عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه ، قال صلى رسول الله فترك آية فلما صلى قال : « أفي القوم أبي بن كعب ؟ » فقال : يا رسول الله نسخت آية كذا وكذا أم نسيتها ؟ قال : « بل نسيتها » .

حدثني قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني ، قال : سمعت القاضي أبا عبد الله الصيمري يقول : درسنا يوماً أبو بكر الخوارزمي فحكى في تدريسه عن محمد بن الحسن شيئاً ، وهم في حكايته وكان محمد قد نص في الجامع الصغير على خلافه ، فلما انقضى تدريسه تركت الإعادة على الأصحاب ، ومضيت إلى أبي بكر وقد دخل منزله ومعي كتاب الجامع لمحمد بن الحسن ، واستأذنت على أبي بكر ، فأذن لي في الدخول فدخلت وسلمت عليه ، ثم قلت له : هاهنا باب فيه شيء قد أشكل عليَّ واحتاج إلى قراءته على الشيخ ، فقال : افعل ، فقرأت من قبل الموضع الذي قصدت لأجله إلى أن انتهيت إليه وجاوزته ، فقال أبو بكر : قد كنا حكينا في الدرس عن محمد بن الحسن شيئاً والنص هاهنا عنه بخلافه وهو كذا ، فعرف الأصحاب ذلك حتى يذكروه ويعلقوه على الصواب أو كما قال .

تنبيه الفقيه على مراتب أصحابه

يستحب للفقيه أن ينبه على مراتب أصحابه في العلم ، ويذكر فضلهم ويبين مقاديرهم ليفزع الناس في النوازل بعده إليهم ، ويأخذوا عنهم .

أخبرنا الحسن بن علي التميمي ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، نا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعي عن ربعي عن حذيفة ، قال : كنا عند النبي ف قال : « اني لا أدري قدر بقائي فيكم ، فاقتدوا باللذين من بعدي وإشار إلى أبي بكر وعمر وتمسكوا بعهد عمار ، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه » .

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن برهان الغزال ، نا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق ، قال : نا الحسن بن سلام السواق ، نا قبيصة بن عقبة ، نا سفيان الثوري عن خالد الحذاء وعاصم عن أبي قلابة عن أنس ، قال : قال رسول الله :  : « أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين اللهعمر ، وأصدقها حياءاً عثمان ، وأفرضهم زيد ، واقرأهم أُبي ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ، وإن لكل أمة أميناً وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح » .

أخبرنا محمد بن عبد الله بن شهريار ، أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني ، نا علي بن جعفر الملحمي الأصبهاني ، نا محمد بن الوليد العباسي ، نا عثمان بن زفر ، نا مندل بن علي عن ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله :  : « أرحم أمتي لأمتي أبو بكر ، وأوفى أمتي لأمتي عمر بن الخطاب ، وأصدق أمتي حياءًا عثمان بن عفان ، وأقضى أمتي علي بن أبي طالب ، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل يجيء يوم القيامة أمام العلماء بربوة واقرأ أمتي أُبي بن كعب ، وأفرضها زيد بن ثابت ، وقد أوتي عويمر عبادة يعني أبا الدرداء رضي الله عنهم » .

أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، نا أبو الحسن علي بن إسحاق ابن محمد بن البختري المادرايي ، نا أحمد بن زهير بن حرب ، نا الشافعي وهو إبراهيم بن محمد بن العباس نا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم ، قال : قال عمر : نعم ترجمان القرآن ابن عباس .

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ ، نا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري املاءًا ، نا الحسن بن عرفة ، نا يحيى بن اليمان عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير ، قال : قال عمر لابن عباس : لقد علمت علماً ما علمناه . وإذا بان للفقيه نفاذ أحد أصحابه في العلم وحسن بصيرته بالفقه جاز له تخصيصه دونهم وأثرته عليهم .

أخبرنا القاضي أبو عمر الهاشمي ، نا علي بن إسحاق المادرايي ، نا ابن الجنيد ، نا العلاء بن عبد الجبار ، نا عبد الواحد ، نا عمارة بن القعقاع ، قال : حدثني الحارث العكلي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن يحيى ، قال : قال علي بن أبي طالب : كان لي ساعة من السحر آتي فيها رسول الله فأسلم فإذا لم يكن في صلاة أذن لي وإذا كان في صلاة سبح فكان ذلك له إذنه .

أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : قرىء على عمر بن نوح البجلي وانا أسمع ، أخبركم أبو خليفة هو الفضل بن الحباب ، نا ابن كثير أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ، قال : كنت قاعداً مع أبي موسى وأبي مسعود فذكرا عبد الله ، فقال أحدهما : ما نراه ترك بعده مثله ، قال : إن قلت لقد كان يدخل إذا حجبنا ويشهد إذا غبنا .

أخبرني أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي الحافظ بنيسابور ، أخبرنا محمد بن عبد الله ابن إبراهيم السليطي ، نا جعفر بن محمد بن الحسين ويعرف بالنزك ، نا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عيسى ابن يونس ، قال : نا الأعمش عن شقيق عن عبد الله ، قال : إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله : اثنتين في ركعة عشرين سورة في عشر ركعات ، ثم أخذ بيد علقمة فدخل فخرج إلينا علقمة فسألناه فأخبرنا بهن .

فإذا بلغ المتعلم هذه المنزلة من الفقيه فليغتنم أوقاته ، وليحرص على الإستفادة منه وخاصة في حال فراغه ، وأوقات خلواته معه .

أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان البزاز ، أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن المغلس ، نا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثني عمي عبد الله ، نا زياد هو ابن عبد الله البكائي ، نا رجل من أهل البصرة عن شهر بن حوشب عن أبي إمامة عن عمرو بن عبسة السلمي ، قال : رغبت عن دين قومي في الجاهلية ، فذكر قصة إسلامه إلى أن قال : فمكثت في أهلي حتى بلغني أن رسول الله قد أتى المدينة وظهر بها ، فأتيته فقلت يا رسول الله هل تعرفني ؟ قال : « نعم أنت السلمي الذي أتاني بمكة فسألني عن كذا وكذا فقلت له كذا وكذا » . فاغتنمت ذلك المجلس وعرفت انه لا يكون الدهر افرغ قلباً منه في ذلك المجلس ، فقلت : يا نبي الله علمني مما علمتَ وجهلتُ ، وما ينفعني ولا يضرك .

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، قال : حدثني زيد بن بشر وعبد العزيز يعني ابن عمران ويونس هو ابن عبد الأعلى ، قالوا : أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يحيى بن أيوب قال : قال هشام بن عروة : كان أبي يدعوني وعبد الله بن عروة وعثمان وإسماعيل إخوتي وآخر قد سماه هشام فيقول : لا تعنتوني مع الناس إذا خلوت فاسألوني ، فكان يحدثنا يأخذ في الطلاق ثم الخلع ثم الحج ثم الهدي ثم كذا ، ثم يقول : كروا عليه فكان يعجب من حفظي ، قال هشام : فو الله ما تعلمنا جزءاً من ألف جزء من أحاديثه .

وينبغي أن يلاطف الفقيه إذا سأله ويحسن خطابه ، وان فداه بأبويه فلا بأس بذلك .

أخبرنا ابن الفضل أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن ثابت الصيرفي ، نا الحسن بن علي الكرابيسي ، نا عمرو بن مرزوق ، نا زائدة عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال : انتهيت إلى رسول الله وهو في ظل الكعبة وهو يقول :  : « هم الا خسرون ورب الكعبة » ، قال : فجلست وأنا مهموم ، قال : فقلت : لعله نزل في شيء ، قال : ثم لم يصبر ، قال : فقلت : من أولئك فداك أبي وأمي ؟ قال : « هم الأكثرون أموالاً إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا » عن يمينه ، وشماله ، وبين يديه ، ووراءه ،  : « وقليل ما هم » .

وليتحين أن يسأله عند طيب نفسه .

أخبرنا القاضي أبو عمر الهاشمي ، نا أبو العباس محمد بن أحمد بن أحمد بن حماد الأثرم ، نا العباس بن عبد الله الترقفي ، نا أحمد بن عبد الله ، نا أبو بكر بن عياش عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس ، قال : وجدت أكثر حديث رسول الله عند هذا الحي من الأنصار ، فإن كنت لآتي أحدهم فيقال لي هو نائم ، فلو شئت أن يوقظ لي ، فأدعه حتى يخرج ليستطيب بذلك حديثه .

وليتق سؤاله عند الغضب .

فقد أخبرنا أبو بكر البرقاني نا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي لفظاً ، قال : أخبرني أبو يعلى هو أحمد بن علي بن المثنى نا أبو كريب ، قال الإسماعيلي : ( وأخبرني ) الحسن بن سفيان ، نا أبو عامر ابن براد ، قال : ( وأخبرنا ) القاسم بن زكريا ، نا أبو كريب ويوسف والمسروقي ، قالوا : أخبرنا أبو أسامة واللفظ لأبي يعلى عن يزيد عن أبي بردة عن أبي موسى ، قال : سئل رسول الله عن أشياء كرهها ، فلما أكثر عليه غضب ، ثم قال للناس :  : « سلوني عما شئتم » فقال رجل من أبي ؟ قال : أبوك حذافة ، فقام آخر فقال : من أبي يا رسول الله ؟ فقال : أبوك سالم مولى شيبة ، فلما رأى عمر ما في وجه رسول الله من الغضب قال : يا رسول الله انا نتوب إلى الله .

وكذلك لا يسأله حين يشتد فرحه لأنه في تلك الحال يتغير فهمه .

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، نا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان وأبو بكر بن المقري قال : نا أبو يعلى هو الموصلي نا أبو خيثمة ، نا عمر بن يونس ، قال : أخبرني عكرمة بن عمار ، قال : أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، قال : حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله :  : « لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، وآتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم انت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح » .

وهكذا إذا رآه يحدث نفسه بشيء ، أو كان مشغول القلب فليصد عن سؤاله في تلك الحال .

أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي بدمشق ، أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا ، نا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، ان مالكاً أخبره قال ابن جوصا ، ونا عيسى بن إبراهيم بن مثرود ، أخبرنا ابن القاسم قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه ، ان رسول الله كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر بن الخطاب : ثكلتك أمك عمر نزرت رسول الله ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك ، فقال عمر : فحركت بعيري حتى تقدمت أمام الناس فما لبثت أن سمعت صارخاً يصرخ ، فقلت لقد خشيت أن ينزل في قرآن فجئت رسول الله فسلمت عليه ، فقال : لقد نزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ : ( { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } ) 5 .

وينبغي أن لا يمنعه الحياء من السؤال عن أمر نزل به ، فإن غلب عليه الحياء واحتشم من سؤال الفقيه ألقى مسألته إلى من يأنس به وينبسط إليه ليسأل الفقيه عنها ويخبره بحكمها .

أخبرنا أبو الصهباء ولاد بن علي بن سهل الكوفي ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، نا أحمد بن حازم ، أخبرنا عبد الحميد بن صالح ، قال : نا زهير عن هشام بن عروة عن عروة ، ان علي بن أبي طالب قال للمقداد صاحب رسول الله : استفت لي رسول الله فلولا أن ابنته عندي لاستفتيته في الرجل إذا دنا من المرأة ولم يمسها فأمذى ولم يملك ذاك ؟ فسأله المقداد فقال رسول الله :  : « إذا دنى أحدكم من امرأته ولم يمسها ولم يملك ذاك فليغسل ذكره وأنثييه ثم ليتوضأ وليصل » .

والأولى أن يكون هو السائل للفقيه عن الأمور التي تصلح دينه .

فقد أخبرني علي بن أحمد بن محمد الرزاز ، نا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق ، نا أبو قلابة هو عبد الملك بن محمد الرقاشي ، نا أبو عاصم ، نا سفيان ( وأخبرنا ) أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري ، نا أبو عاصم عن سفيان عن أبي محمد النصري ، وقال السواق عن أبي محمد رجل من بني نصر عن ابن عمر ، قال : من رق وجهه رق علمه .

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، نا عباس بن عبد الله الترقفي ، نا سلم الخواص ، أخبرني ابن عيينة عن مجاهد ، قال : لا يتعلم العلم جبار ولا مستكبر ، ولا مستحي .

( وأخبرنا ) طلحة بن علي الكتاني ، نا أحمد بن يوسف بن خلاد ، نا محمد بن يوسف الترمذي ، نا عيسى بن أحمد العسقلاني ، نا ابن وهب عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال : لا يتعلم مستحي ولامتكبر .

أخبرنا محمد بن أحمد بن رزقويه ، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان نا محمد بن غالب بن حرب ، نا أبو حذيفة ، نا سفيان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب ، قال : جاء أبو موسى إلى عائشة فقال : إني أريد أن أسألك وأنا أستحي ، قالت : لا تستح فإنما أنا أمك ، قال : الرجل يجامع فلا ينزل ؟ قالت : على الخبير سقطت ، سمعت رسول الله يقول :  : « إذا قعد بين شعبها الأربع ثم الزق الختان بالختان فقد وجب الغسل » .

أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : قرىء على أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك وأنا أسمع ( وأخبرنا ) الحسن بن علي التميمي ، أخبرنا أبو بكر بن مالك ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، نا إسماعيل أخبرنا ابن عون عن إبراهيم عن الأسود ومسروق ، قالا : أتينا عائشة رضي الله عنها لنسألها عن المباشرة للصائم فاستحيينا فقمنا قبل أن نسألها فمشينا لا أدري كم ، ثم قلنا جئنا لنسألها عن حاجة ثم نرجع قبل أن نسألها ، فقلنا : يا أم المؤمنين انا جئنا لنسألك عن شيء فاستحيينا فقمنا ، فقالت : ما هو ؟ سلا عما بدا لكما ، قلنا : أكان النبي يباشر وهو صائم ؟ قالت : قد كان يفعل ذلك ولكنه كان أملك لإربه منكم .

أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد المتوثي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب العبدي ، نا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا عبد الرحمن بن علقمة المروزي ، نا أبو عصمة عن منصور ، قال : قال لي إبراهيم : يا منصور سل سؤال الحمقى واحفظ حفظ الأكياس .

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الرزاز ، نا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن الجعابي ، قال حدثني الحسين بن مصعب ، قال : نا محمد بن عمر بن وليد ، قال : نا محاضر ، قال : سمعت الأعمش يقول : سل سؤال الأحمق واحفظ حفظ الأكياس .

أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل والحسن بن أبي بكر ، قالا : أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد ابن عبد الله بن زياد القطان ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى ، نا إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثني محمد بن معن الغفاري ، قال : سمعت عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، يقول : ما من شيء إلا وقد علمت منه إلا أشياء صغاراً كنت أستحي أن يرى مثلي يسأل عن مثلها فبقي جهالتها فيَّ إلى الساعة .

وينبغي أن تكون مساءلته عما يكثر نفعه ويقل المساءلة عن العضل والاغلوطات .

فقد أخبرني علي بن أحمد الرزاز ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، قال : نا موسى بن سهل الوشاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن علية ، قال : نا خالد الحذاء عن ابن أشوع عن وراد ، قال : كتب معاوية بن أبي سفيان إلى المغيرة ، أكتب إلي بشيء سمعته من رسول الله ، فكتب إليه إنه كان ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال .

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الفقيه البصري ، نا أبو عبد الله محمد بن المعلى ابن عبد الله الأزدي بالبصرة ، أخبرنا أبو جد منحمد بن حمدان العشيري ، نا أبو العيناء ، نا محمد بن سلام قال : قال رجل لاياس بن معاوية : أتأذن في مسألة ، قال : والله ما استربت بك حتى استأذنتني فإن كانت لا توذي جليسك ولا تفضح عالمك فهاتها .

انتهى الجزء العاشر من كتاب الفقيه والمتفقه ويتلوه الجزء الحادي عشر وأوله ( وإذا أجابه الفقيه عن مسألة ) والحمد لله حق حمده كما ينبغي لكرم وجهه وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليماً .


هامش

  1. [ الشرح : 4 ]
  2. [ عبس : 03 ]
  3. [ النصر : 1 ]
  4. [ البقرة : 255 ]
  5. [ الفتح : 1 ]


الفقيه والمتفقه
الجزء الأول | الجزءالثاني | الجزءالثالث | الجزءالرابع | الجزءالخامس | الجزءالسادس | الجزءالسابع | الجزءالثامن | الجزءالتاسع | الجزءالعاشر | الجزءالحادي عشر | الجزءالثاني عشر