ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثالث/الباب السابع والثلاثون (1)

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


قال أبو محمد: هذا مكان عظيم فيه خطأ كثير من الناس وفحش جداً، واضطربوا فيه اضطراباً شديداً، وذلك أن طائفة قالت: إذا ورد نص من الله تعالى أو من رسوله معلقاً بصفة ما أو بزمان ما أو بعدد ما، فإن ما عدا تلك الصفة، وما عدا ذلك الزمان. وما عدا ذلك العدد، فواجب أن يحكم فيه بخلاف الحكم في هذا المنصوص، وتعليق الحكم بالأحوال المذكورة دليل على أن ما عداها مخالف لها، وقالت طائفة أخرى، وهم جمهور أصحاب الظاهريين وطوائف من الشافعيين منهم أبو العباس بن سريج وطوائف من المالكيين، إن الخطاب إذا ورد كما ذكرنا لم يدل على أن ما عداه بخلافه، بل كان موقوفاً على دليل. قال أبو محمد: هذا القول هو الذي لا يجوز غيره، وتمام ذلك في قول أصحابنا الظاهريين، أن كل خطاب وكل قضية فإنما تعطيك ما فيها، ولا تعطيك حكماً في غيرها، لا أن ما عداها موافق لها، ولا أنه مخالف لها، لكن كل ما عداها موقوف على دليله. وتحير في هذا بعض أصحاب القياس من الحنفيين والشافعيين والمالكيين، كأبي الحسين القطان الشافعي، وأبي الفرج القاضي المالكي، لما رأوا عظيم تناقضهم في هذا الباب فقالوا: دليل الخطاب على مراتب، فمنه ما يفهم منه أن ما عدا القضية التي خوطبنا بها فحكمها كحكم هذه التي خوطبنا. ومنه ما لا يفهم منه أن ما عدا القضية التي خوطبنا بها فحكمها بخلاف حكم هذه التي خوطبنا. ومنه ما لا يفهم أن ما عدا القضية التي خوطبنا بها موافق لحكم هذه التي خوطبنا بها ولا مخالف. ومثلوا القسم الأول بقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } قالوا: ففهمنا أن غير {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } وبآيات كثيرة سنذكرها في باب القياس من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، لأن ذلك المكان أمكن بذكرها. ومثلوا القسم الثاني بأمثلة اضطربوا فيها، فقال الشافعيون والحنفيون: من ذلك قول رسول الله : «فِي سَائِمَةِ الغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ» قالوا: فدل ذلك على أن ما عدا السائمة لا زكاة فيها وأنها ليست بمنزلة السائمة وأدخل المالكيون هذا الحديث في القسم الأول وقالوا: بل ما دل إلا أن غير السائمة بمنزلة السائمة، وقال الألوان: هذا بمنزلة من قال إذا دخل زيد الدار فأعطه درهماً فيعلم أن هذا شرط فيه، وإنه إن دخل أعطى درهماً وإن لم يدخل لم يعط شيئاً.

ومثل المالكيون هذا القسم الآخر بقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } قالوا: فدل ذكر الركوب والزينة على أن ما عداهما ممنوع كالأكل ونحوه. قال أبو محمد: فأما هؤلاء المتحيرون الذين ذكرنا آخراً، يعني الذين قالوا: إن الخطاب قد يدل في مواضع على أن ما عداه بخلافه، ويدل في مواضع أخر على أن ما عداه ليس بخلافه، فإنهم لعبوا في هذا المكان بالخطاب كما يلعب بالمخراق، فمرة حكموا لغير المنصوص بأن المنصوص يدل على أن حكمه كحكمه، ومرة حكموا بأن المنصوص يدل على أن حكمه ليس كحكمه، فليت شعري كيف يمكن أن يكون خطابان يردان بالحكم في اسمين، فيفهم من أحدهم أن غير الذي ذكر مثل الذي ذكر، ويفهم من الآخر أن غير الذي ذكر بخلاف الذي ذكر؟. وهذا ضد ما فهم من الأول، وتالله ما خلق الله تعالى عقلاً يقوم فيه هذا إلا عقل من غالط نفسه فتوهم ما لا يصح بدعوى لا يعجز عن مثلها أحد بلا دليل، وكل من لم يبال بما قال يقدر أن يدعي أنه فهم من هذا اللفظ غير ما يعطي ذلك اللفظ. قال أبو محمد: وأما أكياسهم فإنهم سموا القسم الأول قياساً وسموا الثاني دليل الخطاب، فقد رأوا إذ فرقوا بين معنى واحد باسمين أنهم قد سلموا بذلك من التناقض، وهم من التورط فيه بمنزلة من سمى كل ذلك دليل الخطاب ولا فرق. ونحن نسألهم من كلامهم فنقول لهم: ما الفرق بينكم إذ قالت طائفة منكم: إن ذكر السائمة يدل على أن غير السائمة بخلاف السائمة، وقالت طائفة أخرى، بل ذكر السائمة إلا على أن غير السائمة موافق لحكم السائمة؟ ما الفرق بينكم وبين من عكس عليكم قولكم إن قول الله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } .

إن ذكر القنطار يدل على أن ما عدا القنطار مثل القنطار، فقال: بل ما يدل ذكر القنطار إلا على أن ما عدا القنطار بخلاف القنطار فقد يفزع الخائن من خيانته إذا كانت كثيرة، وقد يحتقر اليسير فلا يخونه، فهلا جعلتم القنطار ههنا حدّاً للكثير كما جعلت طوائف منكم ذكره المائتي درهم في وجوب الزكاة فيها دليلاً على أن العشرين ديناراً كثير، فلا يحلف عند المنبر أحد في أقل منها، وأن ما دونها قليل فلا يحلف فيها إلا في مجلس الحاكم؟ وجعلت طوائف أُخر منكم ذكره ربع الدينار في قطع السارق دليلاً على أن ربع الدينار كثير وأن ما عداه قليل، فلا يستباح فرج بأقل منه، ولا يحلف عند المنبر في أقل منه، وجعلت طوائف أُخر ما رووا من ذكره عشرة دراهم في قطع السارق دليلاً على أن العشرة دراهم كثيرة، وإن ما دونها قليل، فلا يستباح فرج بأقل منها، حتى جعلوا ذلك حدّاً فيما يسقط مما بين قيمة العبد ودية الحر. قال أبو محمد: ومما ادعوا فيه أنهم فهموا منه أن المسكوت عنه بخلاف حكم المنصوص عليه قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } قالوا: فهذا يدل على أن غير الحامل بخلاف الحامل.

قال أبو محمد: هذا خطأ، لأن المطلقة لا تخلو من أن يكون طلاقها رجعيّاً أو غير رجعي، فإن كان رجعيّاً فلها النفقة إذا كانت ممسوسة، كانت حاملاً أو كانت غير حامل، باتفاق من جميعنا، وإن كان غير رجعي، فلا نفقة لها بنص السنة سواء كانت حاملاً أو غير حامل، وإنما جاء النص المذكور في الطلاق الرجعي وبنص الآيات في قوله تعالى في الآية التي ابتدأ فيها في هذه السورة بتعليم الطلاق. ثم عطف سائر الآيات عليها: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } وهذا لا يكون إلا في رجعي، وأمسك تعالى عن ذكر غير الحامل في هذه السورة، فبينت السنة أن التي هي موطوءة وليست حاملاً بمنزلة الحامل ولا فرق، ولا يحل لأحد أن يقول: لم سكت عن ذكر غير الحامل ههنا؟ فإن قال ذلك مقدم، قيل له: سكت عن ذلك كما سكت فيها عن ذكر الخلع وعن ذكر المتوفى عنها زوجها وعن الفسخ وغير ذلك.

فإن قالوا: قد ذكر الله تعالى ذلك في آيات أخر قيل: وكذلك أيضاً قد ذكر وجوب النفقة لغير الحامل بسنة نبيه محمد ومن أراد أن يجد جميع الأحكام كلها في آية واحدة فهو عديم عقل متعلل في إفساد الشريعة، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. وادعوا أن جماعة من أهل اللغة منهم المبرِّد وثعلب قالوا بذلك. قال أبو محمد: أما إدخال هذا الباب في اللغة فتمويه ضعيف وإيهام ساقط، لأن اللغة إنما يحتاج فيها إلى أربابها في معرفة الحروف المجموعة التي تقوم منها الكلمات، وأن يخبرونا على ماذا تركبت من المسميات فقط. وأما معرفة هل يدخل في حكم الخبر عن الاسم ما قد أقروا لنا أنه ليس يقع عليه ذلك الاسم أو لا يدخل في حكمه، فليس هذا في قوة علم اللغة ولا من شروطها، إنما يظن هذا من اختلطت عليه العلوم ولم تبلغ قوته أن يفرق بينها. وهذا أمر موجود في طبائع العرب والعجم، وحتى لو صح ذلك عن ثعلب وعن المبرِّد وعن الأصمعي وخلف معهم ــــ لكان قولهم مع قول جميع أهل اللغة أولهم عن آخرهم بلا خلاف منهم، بل قول أهل كل لغة للناس من عرب وعجم إن اسم حجر لا يفهم منه فرس، وإن اسم جمل لا يفهم منه كلب. وإن من قال: ركبت اليوم سفينة أنه لا يفهم منه أنه ركب أيضاً حماراً، أو أنه لم يركبه، وأن من قال أكلت خبزاً أنه لا يفهم منه أكل لحماً مع الخبز أم لم يأكله؟ ولكان في شهادة العقول كلها باتفاقها على صحة ما ذكرنا كغاية في إبطال قول من قال بخلاف ذلك كائناً من كان ومبين صدق من قال إنما عدا الخبر المخبر به موقوف على دليله. قال أبو محمد: واعترض بعضهم بما روي عن رسول الله من قوله في الاستغفار لمن مات من المنافقين: «لأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ» فقال هذا القائل: في هذا دليل على أن ما عدا السبعين يغفر لهم به ولا بد. قال أبو محمد: وهذا خطأ من وجهين: أحدهما أن ذلك دعوى بلا دليل، ولو قطع بذلك لكان حقّاً، ولكنه لم يقطع على ذلك، وأنه لما يئس من المغفرة لهم بالسبعين رجا بالزيادة، وهذا الحديث من أعظم حجة عليهم في دعواهم التي نسوا أنفسهم فيها فقالوا: إن ما عدا القنطار في قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } ، وما عدا الأُفّ من قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } بمنزلة القنطار والأُفّ فهلا قالوا: إن ما عدا السبعين بمنزلة السبعين، كما قالوا: إن ما عدا السبعين بمنزلة السبعين، كما قالوا: إن ما عدا القنطار بمنزلة القنطار أو هلا قالوا: إن ما عدا القنطار بخلاف القنطار.

كما قالوا: إن ما عدا السبعين بخلاف السبعين، بل قد أكذب الله تعالى قولهم بإنزاله: {سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَـسِقِينَ } وبنهيه تعالى نبيه عن الصلاة عليهم جملة، فبين تعالى بهذه الآية العامة أن ما عدا السبعين بمنزلة السبعين. ولا يظن جاهل أننا بهذا القول يلزمنا أن ما عدا المنصوص عليه له حكم المنصوص، ومعاذ الله من ذلك، ولو ظننا ذلك كما ظنوا لكنا مخالفين لرسول الله إذ رجا أن يكون ما عدا السبعين بخلاف السبعين، فإننا لم نقل إن بذكر السبعين وجب أن يكون ما عدا السبعين موافقاً للسبعين ولا مخالفاً لها، بل قلنا: ممكن أن يكون ما عدا السبعين موافقاً للسبعين في ألا يغفر لهم، وممكن أن يكون بخلاف السبعين في أن يغفر لهم. وإنما ننتظر في ذلك ما يرد في البيان، كما فعل رسول الله ولا فرق، ثم ينزل الله تعالى ما شاء إما بموافقة لما قد ذكر وإما بمخالفة له، وكان الأصل إباحة الاستغفار جملة بقوله عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } والصلاة ههنا الدعاء بلا خلاف، والاستغفار دعاء، وهو نوع من أنواع الدعاء، فلما نص على خروج السبعين من جملة الدعاء لهم، كان ما بقي على ظاهر الإباحة المتقدمة، حتى نهى عن الاستغفار لهم جملة، وعن الصلاة عليهم البتة.

وقد جاء نص الحديث هكذا كما قلنا من أخباره أنه مخير في ذلك فأخذ بظاهر اللفظ، حدثناه عبد الله بن يوسف عن أحمد بن فتح، عن عبد الوهاب بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن علي، عن مسلم، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو أسامة، نا عبيد الله بن عمير، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله قال حين اعترضه عمر في الصلاة على عبد الله بن أُبَيَ: «إِنَّمَا خَيَّرَنِي الله فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } ، وَسَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ» فأخذ بظاهر اللفظ في التخيير، والأصل المتقدم في إباحة الاستغفار، حتى نهى عن ذلك جملة.

وقال بعضهم: ما عدا الاسم المذكور فبخلاف المذكور إلا أن تقترن إليه دلالة. قال أبو محمد: فنقول له: ما الفرق بينك وبين من عارضك من أهل مذهبك؟ أراد أن ينصر القياس نفسه، كما أردت أنت أن تنصر دليل الخطاب فنسيت نفسك، فقال لك: ما عدا الاسم المذكور فهو داخل في حكم المذكور ما لم تقترن إليه دلالة. قال أبو محمد: وهكذا يعرض للحمل المائل المرتب على غير اعتدال، وبخلاف القوام إذا أراد صاحبه أن يعدل أحد شقيه مال عليه الآخر، ثم يقال لهم جميعاً: ما هذه الدلالة المقترنة التي يشير كل واحد منكما إليها؟ أهي كهانة منكم، أم هي طبيعية توجب ضرورة، فهم ما ذكر كل واحد منكما على تضادكما؟، أم هي نص واحد فهم لا يدعون كهانة، فلم يبق إلا أن يقولوا هي ضرورة توجب فهم كل ما لم يذكر أو أن يقولوا هو نص يبين حكم ما لم يذكره في هذا النص الآخر، فأي ذلك قالوا فقد وافقونا في قولنا: إنه لا يدل شيء مذكور على شيء لم يذكر، وإن الذي لم يذكر في هذا النص فإنما ننتظر فيه نصّاً آخر، إلا أن توجب ضرورة ما أن نعرف حكمه كما أوجبت ضرورة الحس في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } إننا لا نقدر أن نمشي في الهواء ولا في السماء ولا أن نأكل من غير رزقه. واحتج بعضهم في قول أبي عبيد في قوله : «لأَنْ يَمْتَلِىءَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً حَتَّى يُرِيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِىءَ شِعْراً» وأنكر أبو عبيد قول من قال: إن ذلك إنما هي في الشعر الذي هُجِي به رسول الله فقال أبو عبيد: لو كان ذلك لكان قد أباح القليل من الشعر الذي هُجِي به رسول الله وذلك لا يحل. قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، بل هو على خلاف ما ظنوا، وهو أن الأصل أن رواية الشعر حلال باستنشاد النبي للأشعار وسماعه إياها. وأما رواية ما هُجِي به فحرام سماعه وقراءته وكتابته وحفظه بقول الله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً } وبقوله تعالى آمراً بتعزيره وتوقيره في غير ما آية.

فلما جاء النهي عن امتلاء الجوف من الشعر كان ذلك مخرجاً لكثير منه من جمله كله المباح، وبقي ما دون الامتلاء مما سوى هجو النبي على الإباحة، وحد الامتلاء هو ألا يكون للإنسان علم إلا الشعر فقط، وحد ما دون الامتلاء أن يعلم المرء ما يلزمه ويروي مع ذلك من الشعر ما شاء. واحتجوا أيضاً بقول أبي عبيد فيما روي عن النبي : «لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» أن ذلك مخرج لغير الواحد عن إحلال العرض والعقوبة. قال أبو محمد: وليس هذا كما ظنوا، ولكن لما أخبر أن أعراضنا علينا حرام، وأن المسلم أخو المسلم لا يسلمه لا يظلمه. كان كل أحد حرام العرض والعقوبة، فلما جاء النص بتغيير المنكر باليد وكان ليّ الواجد منكراً لأنه منهي عنه، كان ذلك مدخلاً لعقوبته في جملة تغيير المنكر المأمور به، ومخرجاً له مما حرم من أعراض الناس جملة وعقوباتهم، هذا الذي لا يفهم ذو لب سواه، ولا ينفقه غيره، واحتجوا بأن الشافعي أحد أئمة أهل اللغة وقد قال: إن ذكره السائمة دليل على أن ما عدا السائمة بخلاف السائمة. قال أبو محمد: أما إمامة الشافعي رحمه الله في اللغة والدين فنحن معترفون بذلك، ولكنه رضي الله عنه بشر يخطىء ويصيب، وليت شعري أين كان الشافعي رحمه الله عن هذا الاستدلال، إذ قال جل ذكره في رقبة القتل أن تكون مؤمنة دليل على أن المسكوت عنه من دين الرقبة في الظهار، بمنزلة المنصوص في رقبة القتل أن تكون أيضاً مؤمنة؟ وليت شعري أي فرق بين ذكره تعالى الأيمان في رقبة القتل وذكره السائمة في حديث أنس.

فبقول قائل: رقبة الظهار التي سكت عن ذكر دينها بمنزلة رقبة القتل التي ذكر دينها، وأما غير السائمة من الغنم، وإن كان السوم لم يذكر في حديث ابن عمر، فبخلاف السائمة، وما الفرق بين من عكس الحكم؟ فقال: بل غير السائمة بمنزلة السائمة كما قال المالكيون. وأما الرقبة المسكوت عن دينها فبخلاف الرقبة المنصوص على دينها، فتجزىء في الظهار كافرة كما قال الحنفيون؟ وفي هذا كفاية.

وأما نحن فنقول: لو لم يرد في السائمة إلا حديث أنس لما أوجبنا زكاة في غير السائمة، لأن الأصل أن لا زكاة على أحد إلا أن يوجبها نص، فلو لم يأت نص إلا في السائمة لما وجبت زكاة إلا فيها، لكن لما ورد حديث ابن عمر بإيجاب زكاة كل أربعين من الغنم، كان حديث السائمة بعض الحديث الذي فيه ذكر الغنم جملة، فأوجبنا الزكاة في الغنم سائمة كانت أو غير سائمة، ولما نص تعالى في القتل على رقبة مؤمنة قلنا: لا يجزىء في القتل إلا مؤمنة، كما أمر الله تعالى، ولما لم يذكر الإيمان في رقبة الظهار، قلنا: يجزىء الظهار أي رقبة كانت كما قال تعالى سواء كانت كافرة أو مؤمنة، إلا أن المؤمنة أحب إلينا لقوله تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ، {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } إلا أن الكافرة تجزىء لعموم ذكره تعالى الرقبة فقط.

واحتجوا أيضاً بإجماع المسلمين على أن ما عدا المنصوص عليه من عدد الزوجات أن يكون أربعاً حرام. قال أبو محمد: وليس هذا من الوجه الذي ظنوا، ولكنه لما أمر تعالى بحفظ الفروج جملة حرم النساء البتة إلا ما استثنى منهن فقط، أيضاً فإن رسول الله قد فسخ نكاح الزائدة على أربع، فكفى حكمه من كل دليل سواه، وبالله تعالى التوفيق. واحتجوا بقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ } .

قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه تعالى قد أباح لهن النكاح بالنص فقال عز وجل: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } .

قال أبو محمد: والنكاح المباح من المعروف. واحتجوا أيضاً بقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .

قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه. لأن الأم إن أرادت أن ترضعه أقل من حولين أو أكثر من حولين فذلك مباح لها، ما لم يكن في الفطام قبل الحولين ضرر على الرضيع. وكنا نقول إنه لا يحرم إلا ما كان في الحولين من الرضاع، لأن الأصل أن الرضاع لا يحرم شيئاً، فلما حرم تعالى نكاح النساء بالرضاع ووجدناه تعالى قد جعل حكم الرضاع الذي أمر به حولين وما زاد عن الحولين فليس مأموراً، ولكنه مباح، وجب أن يكون الرضاع المحرم هو الرضاع المأمور به لا ما سواه، إلا أن يقوم دليل على ما سواه من نص أو إجماع فيصار إليه.

ولكن المصير إلى قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } وحمل ذلك على عمومه. وكلام رسول الله إذ أخبر أن سالماً وهو رجل ذو لحية تحرم عليه التي أرضعته لا يجوز مخالفة شيء من ذلك وبالله تعالى التوفيق. هذا على أن أكثر القائلين بدليل الخطاب المذكور قد جعلوا ما زاد على الحولين، بشهر، وقال بعضهم: بستة أشهر،وقال بعضهم: بسنة كاملة، بمنزلة الحولين، وحرموا بكل ذلك، تناقضاً لما أصلوه، وهدماً لما أسسوه، وبياناً منهم أن حكمهم بذلك من عند غير الله تعالى.

واحتجوا فقالوا: قد أعطي رسول الله جوامع الكلم، فمحال أن يذكر الله عز وجل أو رسوله لفظة إلا لفائدة، وقد ذكر عليه السلام السائمة، فلو لم يكن لها فائدة لما ذكرها. قال أبو محمد: وهذا سؤال أهل الإلحاد، وهو مع ذلك غث وتمويه شديد، ونحن مقرون أن الله تعالى لم يذكر لفظه إلا لفائدة، وكذلك رسوله ولكنا نخالفهم في ماهية تلك الفائدة، فنحن نقول: إن الفائدة في كل لفظة هي الانقياد لمعناها والحكم بموجبها، والأجر الجزيل في الإقرار بأنها من عند الله عز وجل، وألا نسأل لأي شيء قبل هذا؟ وألا نقول لِمَ لَمْ يقل تعالى كذا؟ وألا نتعدى حدود ما أمرنا الله به فنضيف إلى ما ذكر ما لم يذكره، أو نحكم فيما لم يسم من أجل ما سمي بخلاف أو وفاق، وألا تخرج مما أمرنا به شيئاً بآرائنا بل نقول: إن هذه كلها أقوال فاسدة واعتراضات كل جاهل زائغ عظيم الجرأة، فلا فائدة أعظم مما أدى إلى الجنة وأنقذ من النار. وأما هم فهم أعرف بالفوائد التي يبطلونها من غير ما ذكرنا. وقالوا: قد كان يغني ذكر الغنم جملة عن ذكر السائمة. قال أبو محمد: فيقال لهم: هذا تعليم منكم لربكم عز وجل، كيف ينزل وحيه ولنبيه كيف يبلغ عن ربه تعالى، فمن أضل ممن ينزل نفسه في هذه المنزلة ويقال لهم: ما الفرق على مذهبكم الفاسد بين ذكره تعالى في الاستغفار سبعين مرة، ومراده تعالى بلا خوف منا ومنكم أن ما فوق السبعين بمنزلة السبعين بما بين في الآية الأخرى، وبين ذكره السائمة ومراده أيضاً مع السائمة غير السائمة بما بين في حديث آخر؟ وهلا اكتفى بذكر النهي عن الاستغفار جملة عن السبعين مرة؟.

ويقال لهم في سؤالهم: فما معنى ذكر السائمة، وقد كان يغني ذكر الغنم جملة؟: ما معنى ذكره تعالى جبريل وميكائيل بعد ذكره الملائكة في قوله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } وقد كان يغني ذكر الملائكة جملة؟ وما معنى قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } أترى إسماعيل لم يكن حليماً أواهاً؟ وما معنى قوله تعالى في إسماعيل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } أترى إبراهيم وموسى وعيسى لم يكن وعدهم صادقاً؟.

ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثالث

في دليل الخطاب (1) | في دليل الخطاب (2) | في دليل الخطاب (3) | في دليل الخطاب (4) | في دليل الخطاب (5) | في إبطال القياس في أحكام الدين(1) | في إبطال القياس في أحكام الدين(2) | في إبطال القياس في أحكام الدين(3) | في إبطال القياس في أحكام الدين(4) | في إبطال القياس في أحكام الدين(5) | في إبطال القياس في أحكام الدين(6) | في إبطال القياس في أحكام الدين(7) | في إبطال القياس في أحكام الدين(8) | في إبطال القياس في أحكام الدين(9) | في إبطال القياس في أحكام الدين(10) | في إبطال القياس في أحكام الدين(11) | في إبطال القياس في أحكام الدين(12) | في إبطال القياس في أحكام الدين(13) | في إبطال القياس في أحكام الدين(14) | في إبطال القياس في أحكام الدين(15) | في إبطال القياس في أحكام الدين(16) | في إبطال القياس في أحكام الدين(17)